شاهد يروي إبادة إسرائيل للأسرى المصريين
كشف ضابط مدرعات أنه شاهد بعينيه بعد انتهاء حرب يونيو 1967 قيام جنود إسرائيليين بإبادة ما يقرب من 100 جندي أسير في منطقة "بئر الحمة" قرب مدينة العريش المصرية، أثناء ترحيلهم إلى معسكر "عتليت" الإسرائيلي.
وقال د. عبد القادر نهنوش الضابط السابق في سلاح المدرعات بالجيش المصري إبان حرب يونيو 1967 وأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الفيوم (150 كم جنوب غرب القاهرة) إنه تمكن مع ثلاثة جنود فقط من كتيبته من النجاة بعد مطاردة القوات الإسرائيلية لهم بمساعدة الطيران.
وأضاف إن حكايته مع الأسر "تبدأ منذ اليوم الثامن من يونيو، ففي ذلك اليوم وبينما نحن بجوار قاعدة "المليز" الحربية في شبه جزيرة سيناء، فوجئنا بهجوم قوات إسرائيلية.
ويروي نهنوش: جاء سرب من الطائرات الإسرائيلية ودمر كتيبة المدرعات التي كنت أخدم بها، ولم تكتفي الطائرات الإسرائيلية بذلك لكنها جاءت لتطاردنا في الجبال، حيث كنا نسير دون سلاح وظلت تطلق الرصاص من مدافعها الرشاشة فلم ينجو منا سوى القليل، وكان من بين الناجين أنا وثلاثة جنود آخرون.
ويضيف "مشينا في الجبل 20 يوماً شاهدنا خلالها جثثا لآلاف الشهداء متناثرة، بخلاف الجرحى والمصابين العزل الذين كان الطيران الإسرائيلي يحصدهم من على وجه الأرض دون رحمة".
ويكمل د. نهنوش قصته: لجأنا بعد ذلك لمكان نختبئ فيه من الموت وكان عبارة عن مخبأ به بئر مياه، على مسافة 15 كم من مدينة السويس، إلى أن فوجئنا بجنود إسرائيليين يأسروننا، وكنا حينذاك لا نملك سلاحاً أو ذخيرة أو طعاما، لأن ذخيرتنا نفذت وسلاحنا لم يكن له أهمية فدفناه في حفرة بالصحراء.
ويقول: تم وضع القيود في أيدينا ووضعونا في عربات نقل مكشوفة، ثم جمعونا في منطقة تسمى "بئر الحمة" قرب مدينة العريش بشبه جزيرة سيناء، وهناك وجدنا ما يقرب من 500 جندي أسير فانضممنا إليهم.
ويؤكد شاهد العيان "في بئر الحمة طالبت مجموعة من الجنود بالماء والطعام حتى لا يموتون من الجوع والعطش فما كان من الجنود الإسرائيليين إلا أن فتحو عليهم نيران رشاشاتهم وظلوا يطلقون النار بشكل عشوائي حتى قتل ما يقرب من 100 جندي، ومن نجا منا ليس لأن الرصاص لم يصبه ولكن لأن الحظ فقط هو الذي أنقذه من وابل النيران".
ويضيف: إن هذه الحادثة لا تزال ماثلة أمام عيني وكأنها وقعت بالأمس ولا زلت أذكر زملائي الذين اخترق الرصاص أجسادهم فيما هم أسرى لا يملكون سلاح، ومن المفترض أن يعاملوا معاملة الأسرى كما تنص الاتفاقات الدولية على ذلك.
ويقول د. عبد القادر نهنوش بعد ذلك تم اقتيادنا إلى إسرائيل وبالتحديد معسكر الأسرى "عتليت" في مدينة "بئر سبع" ويقع المعسكر بين تل أبيب وحيفا، وهناك وجدنا حوالي 5000 أسير مصري، منهم 500 ضابط و 4500 جندي.
ويؤكد: قبل دخولنا إلى المعسكر تم تجريدنا من ملابسنا العسكرية ثم سلمونا ملابس عسكرية إسرائيلية مرسوم عليها علامة الجيش الإسرائيلي.
وخلال العام الذي قضيناه في "عتليت" تعددت ألوان التعذيب البدني والنفسي، فلم يكن هناك سوى الإهانة والتعذيب، كانوا يقولون لنا "ماذا فعل لكم عبد الناصر لقد ترككم تموتون في الجبال كالكلاب". وتابع "كان الطعام عبارة عن كسرة خبز، وكوب ماء وبعض الأطعمة السيئة جدا، أما النوم فكان في غرف من الخشب مساحتها ثلاثة أمتار ينام بها 20 ضابطا".
وعن الاستجوابات التي كانت تجرى لهم يقول د. نهنوش كانت الاستجوابات تتم بشكل مستمر بهدف الحصول على المعلومات المفصلة عن وحدات الجيش المصري والقيادات وخلافه.
وفي إطار الجدل حول فيلم وثائقي عرضه التليفزيون الإسرائيلي بقيام وحدة شاكيد التي كان يقودها وزير البنية التحتية الحالي بنيامين اليعازر بقتل 250 أسيرا مصريا في سيناء بعد انتهاء حرب يونيو 1967، كشفت صحف مصرية أن مصر لا يمكنها مقاضاة إسرائيل عن إبادة الأسرى.
وبحسب صحيفة "الجماهير" المصرية فإن مصر لا يمكنها، مهما بلغت درجة أحقيتها، فتح ملف قتل الأسرى المصريين إبان حربي عامي 1954 و 1967، لأنها لا تملك أي ملف أو وثيقة مادية عن أسراها خلال هاتين الحربين توضح حجم انتهاك إسرائيل للاتفاقيات الدولية المتعارف عليها والمتداول بها أثناء أسر جند الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدولة الوحيدة التي تملك من الأدلة ما تستطيع به الحصول على حقوق الأسرى المصريين هي إسرائيل نفسها والدليل على ذلك الفيلم الوثائقي الذي أذاعته القناة الأولى بالتليفزيون الإسرائيلي وما تضمنه من اعترافات نصية لجنود من وحدة "شاكيد" وهي الفرقة التي أشرفت على قتل الأسرى على الخط الحدودي ما بين مصر والأردن.
كما يوجد كتاب أشرف عليه أكاديمي إسرائيلي يدعى "أوري ميلشتاين" ويتضمن معلومات وثائقية عن الانتهاكات التي حدثت أثناء حرب 1967. وانتهت الصحيفة إلى أن كل ما تملكه مصر عبارة عن روايات شعبية يتناقلها أهل القناة وبورسعيد فيما بينهم ولا تخدم في إجراءات التقاضي.
كانت القناة الأولي بالتليفزيون الإسرائيلي قد قامت ببث فيلم "روح شاكيد" الذي يكشف النقاب عن قيام وحدة شاكيد التابعة للجيش الإسرائيلي التي كان يقودها بنيامين بن اليعازر وزير البنية التحتية الحالي بقتل ٢٥٠ جندياً مصرياً في سيناء عقب انتهاء القتال في حرب ١٩٦٧، وهو ما أثار الرأي العام المصري الذي طالب بمحاكمة دولية لاسترداد حقوق الأسرى الضائعة.
وطالب أعضاء في البرلمان بإلغاء الاتقاقيات المصرية الإسرائيلية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، فيما انطلقت دعوات للقبض علي بنيامين بن أليعازر إذا وطأت قدماه الأراضي المصرية بعد اعترافه في الفيلم.
وقالت جريدة "المصري اليوم" الأحد 11 -3 -2007 إن نوابا في مجلس الشعب طالبوا في جلسة ساخنة مساء السبت بضرورة إلغاء الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع إسرائيل ونشر قائمة سوداء برجال الأعمال المتعاملين معها.
وأكد حسين إبراهيم نائب رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان انفصال الخارجية عن الشارع المصري، وهاجم وزير الخارجية أحمد أبوالغيط بسبب تصريحاته "بأنه لن يقطع العلاقات مع إسرائيل بسبب فيلم"، وأكد إبراهيم أن تصريحات أبوالغيط تمثل "إهانة" للشعب المصري كله.
ورفض النائب المستقل الصحافي مصطفي بكري تصريحات السفير الإسرائيلي وأعرب عن صدمته من تصريحات أبوالغيط. وقال: "يا بتوع الحزب الوطني انسوا الالتزام الحزبي لأنها قضية تخص مصر كلها".
وتساءل حيدر بغدادي: لماذا تذيع إسرائيل هذا الشريط الآن؟.. مشيرا إلى أنه عمل استفزازي غير مبرر، وأن قصاصنا هو القانون أو القوة. وقال حمدين صباحي: إن مجلس الشعب لا يملك سوى الندب والعويل والبكاء، مشيرا إلى أن "السفير الإسرائيلي يشتمنا في بلادنا وهو كلب من كلاب السكك"، وأكد احتجاجه على حكومة مصر قبل أن يحتج على حكومة إسرائيل.
وقال أحمد أبوحجي: إن اتفاقية كامب ديفيد ضيعت كرامتنا وحقوق أولادنا، واستنكر تصريحات وزير الخارجية ووصفها بالموقف المشين، مطالبا بمحاكمته أمام نواب البرلمان.
وطالب محمود أباظة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد: بمراقبة خط سير الموقف الرسمي حتى نستعيد حقوقنا.
السيد زايد
المصدر: العربية نت
إضافة تعليق جديد