إدلب: مهلة «انسحاب الإرهابيين» انتهت
بينما تستعد المعابر الحدودية في الجنوب السوري للنشاط مجدداً بعد سنوات من الإغلاق، تنتظر مناطق الشمال (إدلب ومحيطها) انتهاء مهلة إنشاء المنطقة «منزوعة السلاح» المقررة وفق «اتفاق سوتشي»، اليوم، لمعرفة المصير التي ينتظرها. الخامس عشر من تشرين الأول هو الموعد الذي اتُفق عليه للانتهاء من انسحاب الفصائل المصنفة «إرهابية»، وذلك بعد الانتهاء من سحب السلاح الثقيل من جميع الفصائل إلى خارج تلك المنطقة المفترضة؛ وهو ما أعلنت تركيا أنه تم بنجاح. وحتى مساء أمس، كانت «هيئة تحرير الشام» وعدد من الفصائل «الجهادية» الأخرى، لا تزال منتشرة في معظم خطوط التماس، ضمن حدود المنطقة «منزوعة السلاح»، بما يخالف نص الاتفاق المعلن. هذا الواقع يترك السؤال مفتوحاً حول مصير الهدنة التي يضمن استمرارها الالتزام بتنفيذ الاتفاق بشكل كامل، وحول احتمالات عودة النار إلى الجبهات.
ومع تركز الاهتمام على موقف «هيئة تحرير الشام» لكونها الفصيل الأكبر المطالب بسحب مقاتليه، خرج أمس البيان الرسمي الأول عن «تحرير الشام» في شأن هذا الاتفاق. ووفق المتوقع، لم يكشف البيان عن موقف صريح وقاطع، بل تعمّد مسك العصا من الوسط مراعاة لانقسامات البيت الداخلي، مراهناً على إرضاء الجانب التركي وعدم المخاطرة بحدوث انشقاقات نحو الفصائل «القاعدية»، من قبل رافضي التعاون الكامل مع أنقرة. إذ أشار إلى أنه بعد الدخول في مشاورات مع «المكونات الثورية في الشمال المحرر»، تم التأكيد على «خيار الجهاد والقتال سبيلاً لتحقيق أهداف ثورتنا المباركة وعلى رأسها إسقاط النظام المجرم».
وفي ما يمكن وضعه في خانة الردّ على بنود الاتفاق، رفض البيان تسليم السلاح لكونه «صمام أمان لثورة الشام، وشوكة تحمي أهل السنّة وتدافع عن حقوقهم، وتحرر أرضهم»، موضحاً أنه لن يتم نسيان «من ساندنا وناصرنا وهاجر إلينا» في إشارة إلى «الجهاديين» غير السوريين. وبرغم التصعيد في لهجة البيان، فإنه عاد ليؤكد أنه تم السعي «لتوفير الأمن والسلامة... بوسائل مشروعة تتيحها لنا السياسة الشرعية المتوازنة وضوابطها، دون إيقاع أهلنا بفخ المؤامرات من خلال جرّهم إلى أمان موهوم». وعلى خلاف ما نَحَتْ إليه بعض الوجوه «الجهادية»، خلال الأيام الماضية، ركن البيان إلى شكر وتقدير جهود «كل من يسعى في الداخل والخارج لحماية المناطق المحررة ويمنع اجتياحها»، محذراً في الوقت نفسه من «مراوغة العدو الروسي أو الثقة بنياته». واختتم البيان بمطالبة العالم والأمة الإسلامية «بدعم الثورة السورية» لكونها «خط الدفاع الأول في وجه إيران وميليشياتها».
البيان لا يعلن صراحة أن «تحرير الشام» لن تلتزم التعاون مع الجانب التركي في تنفيذ الاتفاق، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن فكرة حلّ هيكليتها أو مصادرة سلاحها وترحيل مقاتليها غير السوريين، ليست واردة. وكما جرى حين قيل إن «تحرير الشام» التزمت سحب السلاح الثقيل من دون تظهير ذلك عبر الإعلام، تشير أوساط معارضة إلى أن هناك تفاهماً بين جميع الفصائل في إدلب ومحيطها على إنجاح تنفيذ الاتفاق. وبرغم انتهاء المهلة المخصصة لتنفيذ بندي سحب السلاح الثقيل والفصائل «الإرهابية»، فإن احتمال حدوث تصعيد سريع من الجانبين السوري والروسي، ضعيف، إن لم يكن رداً على خروقات للهدنة. إذ سبق أن أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن تأخير يوم أو عدة أيام في تنفيذ بنود الاتفاق «غير مؤثر»، لكون التركيز يجب أن ينصبّ على «نوعية العمل المنجز ودقته.
وبينما تتفق تصريحات معظم تشكيلات المعارضة السياسية على «التنفيذ المقبول» للاتفاق في إدلب، تدور نقاشات جادة حول إعادة هيكلة المؤسسات الإدارية المسؤولة عن تلك المنطقة، بالتوازي مع مراحل التنفيذ. ووفق المعلومات المتوفرة، فإن الحديث يجري لتشكيل هيكلية جديدة تلغي ازدواجية «الحكومة المؤقتة» و«حكومة الإنقاذ» في إدارة الجوانب المدنية والخدمية. وبالتوازي، تستكمل «هيئة التفاوض» المعارضة، اليوم، اجتماعاتها في الرياض لنقاش ملفات إدلب و«اللجنة الدستورية»، وحسم موقفها من الدعوة الروسية الموجهة إليها، لزيارة موسكو. ويأتي ذلك وسط تأكيد مصادر معارضة أن هناك عقبات تعطّل التوافق على حصّة المجتمع المدني ضمن «اللجنة الدستورية»، وأبرزها اعتراض دمشق وموسكو وطهران على الآلية المطروحة لانتقاء أسماء شاغليها.
الأخبار
إضافة تعليق جديد