أرصفة البرامكة بكونها مرآة للاقتصاد الوطني
تعال نتفق على أن البرامكة مرآة للاقتصاد الوطني فهل نكون مخطئين؟! تعال نختلف على نوعية ما يجري اقتصادياً مادامت البرامكة بزحمتها وضجيجها و«ثقافتها» وقمامتها وأرصفتها تكشف ما تكشف..؟!
تعال نتفق على أن البرامكة مسرح لأبطال الهجرة الداخلية الذين تركوا قراهم ومدنهم وأتوا الى دمشق ليفرشوا بسطة، وكل واحد منهم يحلم بأن يكون من بسطاتية الخيار وليس الفقوس؟!.. تصور أيها العابر في البرامكة أنه حتى للبسطات والأكشاك درجات لدى الساهرين على جعل إحدى المهمات الصغيرة جداً للأرصفة مرور المشاة، أما مهماتها الكبرى فهي تأمين فرص عمل؟! أليست الأرصفة «رافداً» اقتصادياً تتكشف أهميته عاماً بعد عام؟!
هل تبين لك كما تبين لي حجم المسؤولية الاقتصادية الملقاة على الأرصفة إضافة الى رمزيتها كمرتكز للتنمية التي أشهر محاورها الانتقام الدائم من بلاطها؟!.. تعال نتفق على البكاء إن كنت جريئاً لأن البرامكة تختزل مشاهد المأساة وباتت صالحة لبسطة أحلام، ولكن تعال «نبسّط» فـ«البَسط» ليس مهنة لائقة في البرامكة؟!
لما لا تسأل نفسك أنستحق فعلاً هذا الجلد بالزحام، والتخلف بالمرور، والفوضى بالبسطات والأكشاك؟! أنستحق ذلك التزمير حتى بجوار مشفى وجامعة ووكالة أنبائنا الرسمية التي سرعان ما توحي للعابر بالقول: «بين فكتوريا وسانا ضاعت البرامكة ولحانا»؟! أنستحق أن تكون البرامكة مكاناً لاكتشاف بطالتنا وفقرنا وعقدنا وأمراضنا وتلوثنا.. وانتمائنا الى التحديث عبر مركبات بعجلات مربعة؟!
لا تجمل أزمة المرور في البرامكة دعها لتنظير وزارة النقل ومحافظة دمشق وإدارة المرور.. وأمن مرورك مقرفصاً في سرفيس، قرفص «وادعيلي» لأنه شبنا وماتبنا!!
لاتجمل مطلب العلم ولو كان في كليات الجامعة المنتشرة في البرامكة، لانه على سور «الجامعة» وفوق الجسر وتحته وبجوار مدرج الجامعة وحول سانا ومؤسسة الأعلاف وكراجات الكرنك سابقاً «الفاتحة على روحها يا إخوان». وبجوار مشفى التوليد ..«قنوات ومنابر للثقافة» تجعل طلبة الجامعة وغيرهم يطلبون العلم من الأرصفة أيضاً؟! مهلاً.. عليك أن تعلم بأن طلبة كليات «البرامكة» يطلبون علماً ولو كان في الصين وفي زاوية سور كلية الشريعة ـ الحقوق سابقا ـ حيث يوجد «كشكان» واحد لطلب العلم من الجرائد وآخر لطلب العلم من الأفلام الخلاعية التي يبيعها ومن ضمنها «الخلع» الآسيوي؟!.. تعال لا نكبر المسألة فأكشاك وبسطات البرامكة بما فيها الكتب والسيديات والروايات والأبراج وصور الإثارة والكتب المنسوخة عن الأصلية.. كلها لا تستدعي قطع يد من يروج لها بتلك الفوضى واللامسؤولية، ألم نكتشف معاً حجم المسؤولية الاقتصادية الملقاة على الأرصفة؟!.. كذلك لديها مسؤولية تثقيفية اجتماعية يارجل؟!
إنها أرصفة البرامكة وهي المشكورة جداً جداً لأنها ألهت المئات عن أمور أخطر؟! أتسألني ما هو «الأخطر»؟! لن أجيب إلا بسؤال هو: لو لم يلته الآلاف بالارصفة، وأصحاب السيارات العامة والخاصة بأزمة المرور، وأنت بالعبور من وإلى البرامكة وأنا بهذه الزاوية،.. ماذا كان سيحدث لنا جميعاً وبماذا كنا سنلتهي؟! حتماً بالتطوير وهو خطر على «الكثيرين»؟! تعال نتفق على أن «الكثيرين» يعرقلون لأن التطوير فائض عن حاجتهم؟!
لا تنظّر على قناعتي، إذ لو أحسنوا إلى التطوير لما وجدنا سوى أرصفة مهمتها الوحيدة تأمين عبور المشاة، ولما كتبنا مدحاً بالأرصفة التي تحمل عن كتف الدولة ما لم تتحمله الدولة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً؟!
تعال نضيع بين الضحكة والبكاء، ونتحدى «البعض» في أن يكتشف «الكثيرون» ضياعهم بين التطوير والتخلف.. أو الفرق بين النقيضين؟!
قل معي وبثقة: إن كل ما تشاهده وتعاينه لا يليق حتى بقرية من قرى الخابور التي «اندثرت» بسبب جفافه يوماً، فكيف يليق بدمشق أعرق وأقدم مدينة مأهولة في التاريخ؟!
ظافر أحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد