برلين تقاوم الضغوط البريطانية: لا تراجع عن حظر الأسلحة للرياض
يحاول كبار المصدّرين الأوروبيين إلى السعودية فرملة قرار ألمانيا وقف توريد الأسلحة للمملكة، لكن برلين تبدو مصرّة على المضي في خطوتها، وهو ما من شأنه تزخيم الأجواء الغربية المناوئة للرياض، التي تلقّت أخيراً دفعة جديدة بإدراج المفوضية الأوروبية، السعودية، على قائمتها السوداء للدول المتهاونة في مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
وعلى رغم الجهود الحثيثة التي تقودها بريطانيا لحمل ألمانيا على التراجع عن قرارها، الذي ستكون له تداعياته على صناعة الدفاع الأوروبية عموماً، إلا أن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أكد أمس، عقب محادثات مع نظيره البريطاني في برلين، أن موقف حكومة بلاده هو «أننا لا نسلّم أي أسلحة للسعودية في الوقت الحالي»، مستدركاً بـ«(أننا) سنتخذ القرارات المستقبلية بناءً على تطورات صراع اليمن، وما إذا كان يُنفَّذ ما اتُّفق عليه في محادثات السلام في استوكهولم». وكانت برلين قد أعلنت، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قرارها التوقف عن إصدار أي تراخيص خاصة بتصدير الأسلحة إلى المملكة، وذلك على خلفية مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول.
محاولة ألمانيا، أقلّه علناً، اتخاذ صفقات الأسلحة أداة ضغط على الرياض بهدف حملها على تعديل سياساتها الخارجية لا تلقى تجاوباً لدى الحلفاء الأوروبيين (وخصوصاً بريطانيا وفرنسا)، الذين يتعلّلون بأن إدامة العلاقات والصفقات مع السعودية هو ما سيسمح لهم بممارسة ضغوط عليها في اتجاه تحسين أدائها. هذا ما كرّره، أمس، وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، خلال زيارته لبرلين، حيث رأى أن «العلاقة الاستراتيجية بين المملكة المتحدة والسعودية هي ما يسمح بأن يكون لنا تأثير كبير في إحلال السلام في اليمن»، لافتاً إلى أن «أهداف بريطانيا وألمانيا واحدة، لكننا بحاجة إلى مواصلة تلك العلاقة الاستراتيجية لضمان وجود صوت أوروبي على الطاولة، لفعل كل ما بوسعنا من أجل السلام».
هذا الهدف تصدّر جدول أعمال مباحثات هانت مع نظيره الألماني أمس، لكن التصريحات التي أعقبت المحادثات جلّت حجم الهوة بين الجانبين؛ إذ في مقابل موقف ماس، الذي ترافق مع تأكيد وزارة الاقتصاد الألمانية أنه «لا يوجد مبرر حالياً لمزيد من الموافقات»، أشار الوزير البريطاني إلى «(أننا) لا نعتقد أن تغيير علاقاتنا التجارية مع السعودية سيساعد في أداء دور مهم في تطبييق محادثات استوكهولم»، معرباً عن «قلقنا من أنه سيكون لذلك تأثير عسكي؛ إذ سيقلّل من نفوذنا في تلك العملية».
واستبق هانت محادثاته مع ماس بإرساله رسالة إلى الأخير عبّر فيها عن «قلق بالغ من تأثير قرار الحكومة الألمانية على قطاعَي الصناعات الدفاعية البريطاني والأوروبي، والعواقب على قدرة أوروبا على الوفاء بالتزاماتها تجاه حلف شمالي الأطلسي»، وفق ما كشفته مجلة «دير شبيغل» الألمانية، وأكدته وزارة الخارجية البريطانية من دون أن تفصح عن مضمون الرسالة. وأشار هانت، في الرسالة، إلى أن شركات الصناعات العسكرية البريطانية لن تتمكن من الوفاء بعدة عقود مع السعودية، من بينها مثلاً «يوروفايتر» و«تورنيدو»؛ بالنظر إلى أن القرار الألماني يطاول أجزاءً تدخل في صناعة الطائرتين، مشدداً على ضرورة «إعفاء المشروعات الدفاعية الكبرى من حظر الأسلحة»، ومحذراً من أن «عدم فعل ذلك من شأنه أن يعرّض للخطر صدقية ألمانيا كشريك». ولفت الوزير البريطاني، كذلك، إلى أن قرار برلين سيؤدي إلى خسارة الشركات الدفاعية الألمانية إيرادات بقيمة 2.3 مليار يورو بحلول عام 2026.
الأخبار
إضافة تعليق جديد