روبرت فيسك يكشف عن بصمات "إسرائيل" في الصراع المتصاعد بين الهند وباكستان
ليس من قبيل الصدفة أن تؤكد الصحافة الهندية حقيقة أن سلاح الجو الهندي قد استخدم قنابل إسرائيلية الصنع في هجومه ضد مقاتلي "جيش محمد" داخل باكستان.
كتب الصحافي البريطاني المعروف روبرت فيسك مقالة في صحيفة "ذا اندبندنت" البريطانية تناول فيها الصراع المحتدم بين الهند وباكستان والدور الإسرائيلي في هذا الصراع.
وكتب فيسك: عندما سمعت أول تقرير إخباري، افترضت أنها غارة جوية إسرائيلية على غزة أو سوريا.
كانت الضربات الجوية على "معسكر إرهابي" هي الكلمات الأولى. تم تدمير "مركز قيادة وتحكم"، وقتل العديد من "الإرهابيين". كان الجيش يرد على "هجوم إرهابي" على قواته، هكذا قيل لنا.
وأضاف: "لقد تمّ القضاء على قاعدة "جهادية" إسلامية، ثم سمعت اسم بالاكوت وأدركت أنه لم يكن في غزة ولا في سوريا - ولا حتى في لبنان - بل في باكستان. ذلك شيء غريب. كيف يمكن لأي شخص أن يخلط بين إسرائيل والهند؟".
وتابع فيسك: "حسناً، لا تدع الفكرة تتلاشى. يفصل 2500 ميل وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب عن وزارة الدفاع الهندية في نيودلهي، لكن هناك سببًا يجعل هذا "الكليشيه" المبتذل للوكالة يبدو متشابهاً إلى حد كبير".
وأوضح أنه "على مدى أشهر، ظلت "إسرائيل" تصطف إلى جانب حكومة حزب "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندي في تحالف "معادٍ للإسلامي"، غير معلن وخطير سياسياً، وهو تحالف غير رسمي غير معترف به، في حين أصبحت الهند نفسها الآن أكبر سوق لتجارة الأسلحة الإسرائيلية".
وأشار فيسك إلى أنه "ليس من قبيل الصدفة أن الصحافة الهندية قد أكدت حقيقة أن سلاح الجو الهندي قد استخدم قنابل "رافائيل سبايس 2000" الإسرائيلية الصنع في هجومه ضد "إرهابيي" "جيش محمد" داخل باكستان .وعلى غرار العديد من المفاخرات الإسرائيلية بضرب أهداف مماثلة، فإن المغامرة الهندية في باكستان قد تدين للخيال أكثر من النجاح العسكري، إذ أن "300-400 إرهابي" الذين يفترض أنهم قُتلوا بالقنابل الإسرائيلية الموجهة والمصدرة، قد يتبين أنهم ليسوا سوى صخور وأشجار.وأضاف: لكن لم يكن هناك شيء غير واقعي حول الكمين الوحشي ضد القوات الهندية في كشمير في 14 شباط/ فبراير الجاري والذي أعلن مسؤوليته عنه "جيش محمد"، والذي أسفر عن مقتل 40 جندياً هندياً، ولا بشأن إسقاط طائرة هندية واحدة على الأقل هذا الأسبوع.ويتوقف فيسك عند حقيقة أن الهند كانت أكبر عميل لـ"إسرائيل" في مجال السلاح في عام 2017، حيث دفعت 530 مليون جنيهًا إسترلينيًا لشراء منظومة "دفاع جوي" إسرائيلية الصنع، وأنظمة رادار وذخيرة، بما في ذلك صواريخ جو – أرض، تم اختبار معظمها أثناء الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وأهداف في سوريا.وقال الصحافي البريطاني إن "إسرائيل" تحاول أن تفسّر مبيعاتها المستمرة من الدبابات والأسلحة والقوارب إلى الديكتاتورية العسكرية في ميانمار - بينما تفرض الدول الغربية عقوبات على هذه الحكومة التي حاولت تدمير أقليتها، السكان المسلمين من الروهينجا.لكن تجارة الأسلحة الإسرائيلية مع الهند هي قانونية، وكثير منها معلّن عنها من كلا الجانبين.فقد قام الإسرائيليون بتصوير تدريبات مشتركة بين وحداتهم من "الكوماندوس" والوحدات المرسلة من الهند لتدريبهم في صحراء النقب، مرة أخرى مع كل الخبرات التي تعلمتها "إسرائيل" سابقاً في غزة وفي جبهات تعج بالسكان المدنيين. وكان ما لا يقل عن 16 من أفراد فرقة "غارود" الهنود
- وهم جزء من وفد عسكري هندي قوامه 45 شخصًا - يقيمون في وقت ما في قاعدتي نيفاتيم وبالماكيم الجوية في "إسرائيل".وكتب فيسك أنه في زيارته الأولى إلى الهند العام الماضي - والتي سبقتها رحلة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى "إسرائيل"(فلسطين المحتلة)، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الهجمات "الإسلامية" عام 2008 على مومباي التي قُتل فيها حوالي 170 مدنياً.وقال نتنياهو متوجهاً إلى نظيره الهندي ناريندرا مودي: "الهنود والإسرائيليون يعرفون جيداً آلام الهجمات الإرهابية. نحن نتذكر الوحشية المرعبة في مومباي. نحن نصرّ على أسناننا، نحن نقاوم، نحن لا نستسلم أبداً. كان هذا أيضاً خطاب حزب بهاراتيا جاناتا.
غير أن العديد من المعلقين الهنود حذروا من أن الصهيونية اليمينية والقومية اليمينية في حكم مودي، لا ينبغي أن تصبحا حجر الأساس للعلاقة بين الدولتين، وكل منهما قد حاربت - بطرق مختلفة - الإمبراطورية البريطانية.
وأشارت الباحثة المقيمة في بروكسل، شايري مالهوترا، التي ظهر عملها في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إلى أن الهند تضم ثالث أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم بعد إندونيسيا وباكستان، أي ما يزيد عن 180 مليون نسمة.
وكتبت في العام الماضي: "العلاقات بين الهند وإسرائيل مؤطرة عادة في إطار التقارب الطبيعي للأفكار بين حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم وأحزاب حزب الليكود".
وقام القوميون الهندوس ببناء "سردية للهندوس كضحايا تاريخيين على أيدي المسلمين"، وهي فكرة جذابة لهؤلاء الهندوس الذين يتذكرون التقسيم و"العلاقة المضطربة" المستمرة مع باكستان.في الواقع، كما أشارت مالهوترا في "هآرتس": "يبدو أن أكبر مشجعي "إسرائيل" في الهند هم هندوس الانترنت الذين يحبون "إسرائيل" في المقام الأول لكيفية تعاملها مع فلسطين ومحاربتها المسلمين".
أدانت مالهوترا الأستاذ في جامعة كارليتون، فيفيك دهيجيا، لمطالبته بتحالف "ثلاثي" بين الهند و"إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية - حيث عانت جميعها "من ويلات الإرهاب الإسلامي،" على حد زعمه.يقول فيسك إنه "في الواقع ، بحلول نهاية عام 2016، لم يبقَ سوى 23 رجلاً من الهند كانوا يقاتلون مع "داعش" في العالم العربي على الرغم من أن بلجيكا، التي بين سكانها نصف مليون مسلم فقط، أنتجت ما يقرب من 500 مقاتل".ويضيف أن حجة مالهوترا هي أن العلاقة الهندية - الإسرائيلية يجب أن تكون براغماتية أكثر منها أيديولوجية. لكن من الصعب أن نرى كيف لن تتسرب القومية الصهيونية إلى القومية الهندوسية عندما تقدم "إسرائيل" الكثير من الأسلحة إلى الهند.
وآخر هذه الأسلحة قد استخدمتها الهند، التي تتمتع بعلاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" منذ عام 1992، بالفعل ضد الإسلاميين داخل باكستان.ويذهب الكاتب إلى إن التوقيع على "الحرب على الإرهاب" - وخاصة "الإرهاب الإسلامي" – "قد يبدو طبيعياً بالنسبة لدولتين مبنيتين على تقسيم استعماري يهدد جيرانه المسلمون أمنه، ففي كلتا الحالتين، يكون نضالهم على حق امتلاك أو احتلال الأراضي".ويختم فيسك بأن كلاً من "إسرائيل" والهند وباكستان تمتلك أسلحة نووية، وهو سبب وجيه آخر لعدم السماح لفلسطين وكشمير بالترابط معاً، ولترك المسلمين في الهند البالغ عددهم 180 مليون نسمة بمفردهم.
إضافة تعليق جديد