*بوش دمر العراق بحثا عن “ياجوج وماجوج”
لم يصدم كتابٌ الرأي العام في فرنسا مثلما صدمه هذا الكتاب ل(جون كلود موريس) الذي بدا كالصاعقة على القارئ الفرنسي بخاصة والأوروبي بعامة، ولا سيما أن ترجمتيه إلى الإنكليزية والأسبانية صدرتا في نفس الوقت مؤخراً. الكتاب يحمل عنوان: “لو كررت ذلك على مسمعي فلن أُصدقه” للإعلامي الفرنسي الشهير (جون كلود موريس)، ليتحول من مجرد كتاب توثيقي إلى أكبر فضيحة سياسية يمكن أن تُعري الأسباب الحقيقية وراء احتلال العراق، ووراء كل هذا الدمار الشامل الذي ألحقه (جورج دبليو بوش) نيابة عن الصهاينة في العراق: كل العراق..!!
صحف فرنسية وصفت الكتاب بـ “الصادم” وذهبت صحيفة (لوجورنال دوديمانش) إلى القول إنه كتاب “مثير للذهول”، ربما لأن (جون كلود موريس) قال في مقدمته: إنه لن يُحاول تبرير أي شيء، بل يسعى إلى تقديم الحقائق العارية من الزيف، والقول للعالم الغربي “المتحضر”: إن احتلال العراق أكبر فضيحة اشترك فيها الجميع تحت مطية “الدفاع عن الديموقراطية” وتحت مطية “البحث عن أسلحة الدمار الشامل”.. بينما الحقيقة الصادمة هي أنها حرب تحمل الصبغة الدينية المسيحية الصهيونية الأكثر عنفاً وتطرفاً لا أكثر ولا أقل..!!
يعرض الكاتب الفرنسي (جون كلود موريس) بمنتهى الجرأة ما يُسميه واقعة خطيرة تتمثل في المكالمات الهاتفية التي جرت بين البيت الأبيض الأمريكي وقصر الإليزيه الباريسي بين عامي 2002 و2003 الميلاديين، فكان (جورج دبليو بوش) يتصل بالرئيس الفرنسي (جاك شيراك) بمعدل مرتين في اليوم، ليحثه على ضرورة المشاركة في الحرب القادمة على العراق! (ص 39) و”إن حاول الإعلام الأمريكي المتصهين تمرير رسالة “القضاء على أسلحة الدمار الشامل” على الصعيد الدولي، بينما حاولت صحف أوروبية تمرير لعبة “ضرورة إقامة نظام ديموقراطي في العراق” و”التخلص من النظام العراقي الديكتاتوري”، إلا أن الأسباب الحقيقية والحقيقية جداً للحرب ظلت غامضة، ليس لأن العالم كان يعي جيداً أنه لا أسلحة دمار في العراق أكثر مما يوجد في (إسرائيل) نفسها.. يقول الكاتب: “ظل العالم لشهور طويلة يُردد الأسطوانة المشروخة عن أسلحة الدمار الشامل التي لا توجد ـ بحسب الكذب الدعائي ـ سوى في العراق، إلى درجة أن الحرب كانت بالنسبة للأحداث أشبه بتحصيل حاصل، لكن الواقع أن ما كان يبحث عنه الرئيس الأمريكي (جورج دبليو بوش) نيابة عن حلفائه الأقرب إلى قلبه ـ اليهود ـ لا علاقة له بالأسلحة، لقد كان يبحث ـ نيابة عن (إسرائيل) ـ عن “يأجوج ومأجوج”!!
إنها الحقيقة الأغرب التي يمكن العالم أن يتخيلها! (ص 69) ويُضيف في وصفه الأشياء: “لا أحد يمكن أن يُصدق مجرد التصديق أن يُقرر رئيس أكبر دولة في العالم شن الحرب على دولة تقع في قارة أخرى بحثاً عن شيء غريب، بل وغريب جداً، لأن الرئيس الأمريكي كان يبحث حقاً عن “يأجوج ومأجوج”، هذا لأن (جورج دبليو بوش)، لم يُخْفِ يوماً أنه “مؤمن جداً” وأن “الرب” يوجهه نحو الأهداف التي يسعى إليها(!) وأنه ـ وهذا الأخطر ـ لا يؤمن بأهداف غير تلك التي تصب في خدمة المصالح اليهودية الأكثر تطرفاً، والتي ببساطة تُحاول القضاء على من يُخالفها في العقيدة، وفي الرأي، وفي التفكير، وفي الوجود ككل…
يُضيف الكاتب: “من يعرف (جورج دبليو بوش) من خلال الذين سايروه منذ طفولته، يمكنه التأكد من حقيقة كبيرة وهي أنه كان شخصاً مؤمناً فعلاً بالمذهب الصهيوني، بكل أبعاده الدينية والفكرية والإيديولوجية والسياسية، مثلما كان يؤمن دائماً بالخرافات الدينية التي تحكي عنها الكتب اليهودية، بل وكان يجد فيها راحة روحية بالنسبة إليه، لأنه كان يرى فيها شيئاً مدهشاً وأن “الرب” لا يمكن أن يسمح لغير اليهود بالعيش على الأرض! لهذا ـ يُضيف الكتاب ـ لم يكن غريباً أن يتلفظ (جورج دبليو بوش) بعبارات دينية قبل البدء في الكلام، مثلما كان يتلفظ بعبارات من التوراة تحديداً للحديث عن أحلامه، فقد كان يهودياً في تفكيره إلى أبعد حد! (ص 95) ناهيك عن أنه كان يقول للمحيطين به بأنه يتلقى “رسائل مشفرة من الرب” (!) على شكل جمل مبهمة، وكان يدّعي أنه يجد تفسيرها في التوراة، وأنه خُلق لأجل تنفيذ أوامر الرب الذي قاده ـ حسب مزاعمه الخرافية ـ إلى السياسة، ومن ثَم إلى البيت الأبيض!! ص 107…وينقل الكاتب إحدى المكالمات التي جرت بين (بوش) و(شيراك)، وهي المكالمة التي كشفها الرئيس الفرنسي للكاتب (جون كلود موريس) بالصوت يحكي فيها (جورج دبليو بوش) لأول مرة عن سر خطير يريد كشفه (لجاك شيراك) كي يُغير رأيه ويُشارك معه في غزو العراق، إذ يقول (شيراك): تلقيت من (بوش) مكالمة هاتفية غريبة في مطلع عام 2003، فوجئت بالرئيس الأمريكي وهو يطلب مني الموافقة على ضم الجيش الفرنسي للقوات المتحالفة ضد العراق، مبرراً ذلك بتدمير آخر أوكار “يأجوج ومأجوج”!! وأضاف (شيراك) في حديثه للكاتب أن الرئيس الأمريكي أكد له أن “يأجوج ومأجوج” مختبئان في الشرق الأوسط، قرب مدينة بابل العراقية القديمة، وقال (بوش) بالحرف الواحد: “إنها حملة إيمانية مباركة يجب القيام بها، وواجب إلهي مقدس أكدت عليه نبوءات التوراة والإنجيل”!!
ويؤكد (جاك شيراك) ـ بحسب الكتاب ـ أنه صُعق عندما سمع هذا الكلام، وأن تلك المكالمة ليست مزحة، بل كان (بوش) جاداً في كلامه، وفي خرافاته وخزعبلاته التي وصفها (جاك شيراك) بالسخيفة، ص 125.
يُحمل الكاتب مسؤولية هذا الدمار للرئيس الأمريكي كأهم منادٍ للحرب “الإيمانية المقدسة” التي إن لم تلتحق بها فرنسا (جاك شيراك) وقتها، فقد لحقت بها بريطانيا بزعامة “توني بلير” الذي يُقاسم (بوش) رغيف تلك الخرافات الدينية الكهنوتية، مثلما لحقت به دول غربية أخرى مثل أستراليا وكندا… إلخ، متسائلاً: هل يمكن للشعوب الأوروبية أن تستوعب هذه الفضيحة الكهنوتية باسم تحقيق الديموقراطية في الشرق الأوسط؟ بأن يخوض رئيس أكبر دولة في العالم حرب الإبادة ضد شعب في قارة أخرى بحثا عن “يأجوج ومأجوج”، وأن الدمار الذي لحق الأفراد والمؤسسات في العراق كان لهذا.
إضافة تعليق جديد