فشل خطط ابن سلمان لـ«استعادة الهيبة»: قوات صنعاء تعزز مكاسبها على الحدود
لم تهدأ جبهات الحدّ الجنوبي للمملكة طيلة أيام عيد الفطر، لا لأن قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية أرادتها أن تكون جبهة ساخنة، بل لأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يخطئ دوماً تقديرات المعركة، ولا يجيد حساباتها. في أعقاب قمم مكة الثلاث، أمر ابن سلمان، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع، بشنّ أوسع عملية عسكرية في المناطق الحدودية، ليعقب ذلك ترويج وسائل إعلام المملكة عشية عيد الفطر لحملة واسعة سيطلقها الجيش السعودي في جيزان ونجران وعسير، توازياً مع زيارة قصيرة ومحدودة النطاق قام بها ابن سلمان إلى نجران. وهي زيارة قوبلت بأخرى مماثلة لوزير الدفاع في حكومة الإنقاذ في صنعاء، محمد العاطفي، إلى مشارف المدينة، شارك خلالها قوات الجيش واللجان في محور نجران احتفالات عيد الفطر، واطّلع على سير المعارك، في خطوة وصفها المتحدث باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي، محمد عبد السلام، بـ«الرسالة الوطنية المعبّرة عن إرادة الشعب اليمني في مواجهة عدوان غاشم وحصار ظالم ابتدأته المملكة، ومستمرة فيه إلى جانب الإمارات بدعم أميركي سافر».
التصعيد في جبهات ما وراء الحدود قوبل بتصعيد مماثل، استطاع خلاله الجيش واللجان التصدّي لعشرات الهجمات التي شنّتها القوات السعودية والتشكيلات الموالية لها، ليتمكنا إثر ذلك من الانتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم بمرونة عالية، ويُكبّدا الجيش السعودي وحلفاءه خسائر فادحة، ويُحققا تقدماً كبيراً في محور نجران، بعمليات هجومية واسعة أربكت خصومهما، وأسقطت حساباتهم، قبل أن تنتهي فجر يوم عيد الفطر بسيطرتهما على 20 موقعاً سعودياً. ووفقاً للمتحدث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، فإن هجمات نجران انطلقت من ثلاثة مسارات: الأول من اتجاه الصوح، والثاني من اتجاه غرب السديس، والثالث من قبالة السديس. وأشار سريع إلى أن «القوات المعادية أصيبت بحالة ذعر وهلع»، متحدّثاً عن «أكثر من مئتين من عناصرها سقطوا بين صريع وجريح، كما تمّ أسر عدد آخر، فيما لاذ من تبقّى بالفرار، تاركين مواقعهم وأسلحتهم». ولفت، كذلك إلى «تمكن قوات الجيش واللجان من تدمير وإعطاب أكثر من عشرين آلية ومدرعة، واغتنامهما أسلحة وعتاداً عسكرياً كبيراً». وأضاف أن «طائرات العدوان حاولت إسناد مرتزقته بشنّها أكثر من 75 غارة جوية، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل».
وعلى رغم الخيبة المسيطرة على القوات السعودية وحلفائها في الحدّ الجنوبي، إلا أن مصادر عسكرية في العاصمة صنعاء أكدت، لـ«الأخبار»، أن «العدوان يدفع بتعزيزات إلى جيزان، في محاولة لتعويض خسائره في نجران عشية عيد الفطر»، مضيفة أن «قوات الجيش واللجان، كما كانت جاهزة لصدّ الهجوم السابق، سوف تتصدى لأي عملية عسكرية جديدة، وتُحوّل جيزان إلى محرقة لقوات العدو السعودي والمرتزقة المتعددي الجنسيات». وأشارت المصادر إلى أن «قوات الجيش واللجان صدّت، أول من أمس، زحفاً واسعاً لمرتزقة الجيش السعودي على مواقع الجيش واللجان من ثلاثة مسارات في صحراء الأجاشر قبالة نجران»، كما تصدّت لـ«زحف (آخر) في صحراء البقع قبالة نجران» أيضاً، ولثالث في الشرفة في المنطقة نفسها، انطلق من مسارين وشاركت فيه الطائرات الحربية، «من دون أي تقدم». وعلى محور عسير، كثّف «التحالف» غاراته خلال الأيام الماضية، مُحاوِلاً إسناد قواته التي فشلت في التقدم نحو منفذ علب عدة مرات، فيما تمكنت قوات الجيش واللجان من صدّ الهجمات كافة، والحفاظ على مكاسبها العسكرية على الأرض. وبحسب مصادر عسكرية، فقد أفشلت قوات صنعاء أكثر من أربع هجمات واسعة شنّتها القوات السعودية والتشكيلات الموالية لها قبالة علب وقبالة أبواب حديد، موضحة أن بعض تلك الهجمات استمرّ لأكثر من 12 ساعة.
ومع تعاظم خسائر الجيش السعودي، التي ارتفعت إلى أكثر من 70 قتيلاً خلال الأسابيع الماضية، تدفع الرياض بمزيد من القوات السودانية والقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي إلى جبهات الحدود، لكن من دون نتيجة. وفي هذا الإطار، أفاد مصدر عسكري في محافظة حجة بأن «قوات الجيش واللجان تمكنت من إفشال عملية عسكرية واسعة نفذتها قوات سعودية، بمشاركة قوات سودانية و7 ألوية من القوات الموالية لهادي، على صحراء ميدي قبالة جيزان»، مُبيّنة أن «العملية بدأت فجر الجمعة، واستمرت 20 ساعة من اتجاه الشمال والغرب والجنوب، وبعرض يتعدى 40 كيلومتراً»، إلا أنه «تم التصدي للمهاجمين، وقتل وجرح العشرات منهم وأسر عدد آخر، وتدمير وإعطاب آليات متنوعة، واغتنام أسلحة متنوعة».
ورداً على هجوم صحراء ميدي، اقتحمت قوات صنعاء عدة مواقع للجيش السعودي شرقي جبل الدود، وسيطرت عليها أول من أمس. كما نفذ سلاح الجو المسير، التابع للقوات الجوية، هجمات على مطار جيزان أمس الأحد، استهدفت مرابض الطائرات من دون طيار ومحطاتها. وفي تعليقه على تلك الهجمات، قال الناطق باسم «أنصار الله» إن «وضع مطارات دول العدوان في مرمى النيران وإغلاقها أو إصابتها بالشلل هو أقرب الطرق لفكّ الحصار عن مطار صنعاء، في ظل تقاعس الأمم المتحدة عن فعل أي شيء بشأن الحصار المفروض على المطار، وتراجعها عن الجسر الجوي الطبي للأمراض المستعصية، وما نجم عن ذلك من مآس إنسانية».
وبالتزامن مع تقدمها في جبهات ما وراء الحدود، حققت قوات الجيش واللجان تقدماً موازياً في عدد من جبهات الداخل، حيث تمكنت منتصف الأسبوع الماضي من تعزيز سيطرتها في جبهة البقع، وسيطرت على 26 موقعاً في مديرية خب والشعف، بما يعادل أكثر من 40 كيلو متراً مربعاً، في وقت لا تزال فيه جبهات الضالع تشهد معارك كرّ وفرّ.
الأخبار- رشيد الحداد
إضافة تعليق جديد