ماذا تحمل نانسي بيلوزي معها إلى دمشق؟
الجمل: زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي النائبة الديموقراطية عن ولاية كاليفورنيا نانسي بيلوزي المرتقبة إلى دمشق تحمل أكثر من معنى ومن تفسير...توقيت الزيارة: تأتي الزيارة في وقت تصاعدت فيه سخونة الأوضاع داخل الولايات المتحدة وفي منطقة الشرق الأوسط:
- الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
- تدهور الموقف العسكري الميداني للقوات الأمريكية وحلفاءها في العراق وافغانستان.
- تزايد نفقات الحرب والتي بلغت حوالي تريليون دولار (ألف مليار دولار).
- تزايد الرفض للاحتلال الأمريكي في العراق وفي الشرق الأوسط وبقية انحاء العالم.
- الأوضاع داخل الولايات المتحدة:
- تأييد الرأي العام الأمريكي لسحب القوات الأمريكية من العراق بنسبة تجاوزت 70%.
- هبوط شعبية بوش والجمهوريين إلى أقل من 25%.
- الخلافات في أوساط الجمهوريين بين جماعة المحافظين التقليديين. وجماعة المحافظين الجدد.
- انكشاف عمليات التضليل وفبركة المعلومات حول قضايا الشرق الأوسط على النحو الذي افقد الإدارة الأمريكية مصداقيتها.
- رغبة الديموقراطيين في تعزيز موقفهم عن طريق الاتصال بالأطراف الشرق أوسطية المعنية، دون الاعتماد على قنوات الإدارة الأمريكية (مثل وزارة الخارجية الأمريكية) والتي فقدت مصداقيتها وموثوقيتها بعد غزو واحتلال العراق.
- رغبة الديموقراطيين بالقضاء على كل جهود الجمهوريين في منطقة الشرق الأوسط، والتي يحاول الجمهوريون ترويضها عن طريق جولات وزيارات كوندوليزا رايس للمنطقة من أجل الوصول إلى اتفاقيات وتحالفات تعزز قوة إدارة بوش وتحسن موقف الحزب الجمهوري.
ردود الفعل إزاء زيارة نانسي بيلوزي تعددت مابين متفائل ومتشائم وطرف ثالث يرقب الأمور منتظرا عن كثب:
- المتفائلون: ويتمثلون في الديموقراطيين أعضاء الكونغرس، إضافة إلى بعض النواب والسناتورات الجمهوريين المعارضين لإدارة بوش. ويعتقد هؤلاء بأن زيارة نانسي بيلوزي إلى دمشق يمكن أن تفتح المزيد من قنوات الحوار التي ظلت مغلقة بين دمشق وواشنطن، إضافة إلى أنها تمكن الجمهوريين من التعرف على الواقع الميداني ووجهات نظر الأطراف عن طريق الحوار المباشر.
- المتشائمون: ومن أبرزهم كوندوليزا رايس، وجورج بوش، وإيليوت ابراهام، وبقية زعماء المحافظين الجدد مثل وليم كريستول، وكانمان، ودينلي، وغيرهم.
هذا، ومصدر تشاؤم كوندوليزا رايس يكمن في أن زيارة نانسي بيلوزي للمنطقة سوف تقلل كثيرا من الوزن السياسي الذي ظلت تتمتع به كوندوليزا رايس في الفترة السابقة إضافة إلى أن هذه الزيارة كما يقول البعض، سوف تشكل مصدر إزعاج وانزعاج كبيرين لكوندوليزا رايس وبوش واليوت ابراهام، وذلك لأن الكثير من الأكاذيب التي كانت تقوم كوندوليزا رايس بتقديمها ضمن تقاريرها وإفاداتها الشفهية والمكتوبة لمجلسي النواب والشيوخ وأمام الكونغرس سوف ينكشف أمرها، كذلك سوف تؤدي هذه الزيارة إلى انكشاف الأغاليط والأكاذيب التي ظلت ترفعها لجنة العلاقات الخارجية، ولجنة الاستخبارات التابعة لمجلسي الشيوخ والنواب..
- المنتظرون عن كثب: ومن سخرية القدر أن يكون المنتظرون عن كثب في هذه المرة ليسوا هم المحايدون في صراعات الشرق الأوسط، بل هم:
- الحكومة الإسرائيلية.
- حكومات المعتدلين العرب.
وبالنسبة للحكومة الإسرائيلية، فقد بدا واضحا أنها راغبة في التفاهم والتوصل إلى اتفاق سلام مع سورية، ولكنها تجد العراقيل داخل إسرائيل بواسطة جماعات الليكود، وخارج إسرائيل بواسطة جماعة المحافظين الجدد المرتبطة والمتحالفة حصرا مع تيار الليكود الإسرائيلي دون سواه..
وبرغم العلاقات الوثيقة بين حكومة ايهود أولمرت وجماعة المحافظين الجدد وإدارة بوش... إلا أن حكومة ايهود أولمرت أصبحت تفهم تماما عدم قدرتها على خوض وكسب أي حرب جديدة في الشرق الأوسط بعد تجربة هزيمة الجيش الإسرائيلي على يد رجال حزب الله... ولما كانت حكومة أولمرت ضعيفة الموقف داخل إسرائيل، وتيار الليكود أصبح أقوى حاليا فإن المخرج الوحيد لأولمرت وحلفاءه هو العمل من أجل اتفاق سلام ينقذ مستقبل حزب كاديما السياسي وحلفاءه السياسيين الآخرين مثل حزب العمل.
أما بالنسبة لحكومات المعتدلين العرب، فإن وقوفهم على الحياد هو أمر ظاهري فقط، وفي واقع الأمر، يمكن القول بأن جلالة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني وفخامة الرئيس المصري حسني مبارك هم الأكثر رغبة من بوش وجماعة المحافظين الجدد في إفشال جولة نانسي بيلوزي وذلك للأسباب الآتية:
- نجاح الزيارة سوف يؤدي إلى إضعاف حليفهم جورج بوش، وجماعة المحافظين الجدد المساندة لهم.
- الزيارة سوف تضعف وزن كوندوليزا رايس وهي التي ظل المعتدلون العرب يراهنون على حكمتها ورأيها السديد.
- إفشال مخطط عزل سورية، وهو أمر لو تم فإن الإدارة الأمريكية سوف لن تحتاج إلى المعتدلين العرب مرة أخرى وطالما أن قنوات الحوار مفتوحة مع سورية فإنه لن يكون هناك حاجة لخدمات المعتدلين المتعلقة حصرا بالضغط على سورية وحزب الله وحماس من أجل مصلحة إسرائيل.
- وعموماً فإن جولة نانسي بيلوزي سوف تشمل: سورية، لبنان، تل أبيب، والسعودية.
كذلك سوف تناقش مع الرئيس السوري بشار الأسد الملفات المتعلقة:
- العلاقات السورية – الأمريكية.
- الوضع اللبناني.
- موضوع اللاجئين الفلسطينيين.
كذلك فقد أصدر البيت الأبيض الأمريكي بيانا صحفيا قدمته هذه المرة دانا بيرينو- المتحدثة الصحفية للبيت الأبيض بدلا عن سنو المتحدث السابق للبيت الأبيض والذي تفشى مرض السرطان في بطنه واصفة زيارة نانسي بيلوزي بأنها فكرة سيئة وغير بناءة ليس من شأنها سوى مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد.
وبرغم كل ما يقال عن نانسي بيلوزي فمن المعروف أن نانسي بيلوزي ترتبط بعلاقات جيدة ووثيقة مع لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية – الأمريكية (الايباك) كذلك فإن نانسي بيلوزي من المتحمسين لحماية ودعم أمن وسلامة إسرائيل... وفي هذا الخصوص نشير إلى ملاحظة نبيل صالح القائلة: (بأن انقسام الكونغرس الأمريكي بسبب سورية وعلى الموقف منها، هو نتاج سياسات المحافظين الجدد في تجاهل دورها في المنطقة... غير أن سورية ليس بمقدورها مساعدة الديموقراطيين أو الجمهوريين بما يتنافى مع دورها وتوجهها العروبي في المنطقة وأقصى ما يمكن أن تقدمه هو المساعدة في تخفيف العنف في العراق وتأمين انسحاب غير مهين لجنود الاحتلال).
وفي اتجاه ذلك نقول بأن سورية سوف تصبح- أو بالأحرى قد أصبحت واحدا من الملفات الهامة التي يدور حولها صراع متعدد الأطراف:
- داخل الكونغرس: بين الجمهوريين والديموقراطيين.
- داخل الجمهوريين: بين جماعة المحافظين التقليديين وجماعة المحافظين الجدد.
- داخل الديموقراطيين: بين أغلبية جمهورية وأقلية يهودية داخل الحزب الديموقراطي تتحالف مع المحافظين الجدد مثل النائب الديموقراطي جوليبرمان.
- بين الإدارة الأمريكية (البيت الأبيض) من جهة والكونغرس والرأي العام الأمريكي من الجهة الأخرى.
- بين الإدارة الأمريكية المتشددة، ودول الاتحاد الأوروبي التي تطالب بالتفاهم مع سورية.
- داخل إسرائيل بين الليكود والأحزاب الدينية المتشددة من جهة، وتيار العمل وحزب كاديما من جهة أخرى.
- داخل مجلس الأمن الدولي بين أمريكيا وفرنسا وبريطانيا من جهة، والصين وروسيا من الجهة الأخرى.
- داخل الأمم المتحدة بين مجلس الأمن بأغلبيته المتشددة، والجمعية العامة بأغلبيتها الداعمة لسورية.
- وبين هذا وذاك، نقول عموماً مرة أخرى بأن سورية لن تكون ورقة في يد أحد، وكل ما هو مطلوب بالنسبة إليها هو السلام العادل القائم على منح سورية حقوقها العادلة التي أقرتها كل المواثيق الدولية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد