من مركز الدوير للحجر إلى الفنادق: الوقاية خيرٌ من اختبار الواقع الصحّي الهش
يمثّل مركز الدوير في مخيّم الوافدين شرق دمشق مركز الحجر الصحي الوحيد في سوريا. المركز الذي أُسس لتجمّع طلائع «البعث» للمرحلة الابتدائية ونشاطاته الصيفية، غدا مركزاً لاستقبال النازحين خلال مرحلة خروج الأهالي من منطقة الغوطة الشرقية، بالاستفادة من مساحته وتنظيمه. وسرعان ما تحوّل إلى مركز للحجر الصحّي مع تفاقم حالات انتشار فيروس «كورونا» حول العالم، بهدف التعامل السريع مع أي حالات تأتي من خارج البلاد، وفقاً للتوجّه الحكومي، بحسب ما يؤكده مدير صحة ريف دمشق الدكتور ياسين نعنوس.
يقول نعنوس، إن المخيّم «يقع في أطراف العاصمة، ومجهّز بكوادر طبية مهمّتها الإشراف المباشر على صحّة نزلاء هذا المركز، لحين التأكد من سلامتهم».
كذلك، يوضح أن «المركز استقبل أول حالاته، مطلع شباط الماضي، لطلّاب سوريين قادمين من منطقة ووهان الصينية، مع ذويهم، وبقوا فيه 14 يوماً نالوا خلالها العناية الطبية اللازمة، حتى تمّ التأكد من سلامتهم وإخراجهم إلى منازلهم، من دون أي كلام عن سلبيات هذا المركز». لكن مع اتساع الإجراءات الوقائية الحكومية وتشديدها، أصبح المركز نقطة استقبال أساسية لكلّ السوريين العائدين إلى بلادهم من بلدان انتشار الوباء، حيث استوعب أعداداً محددة، تم تخريجها جميعها. ويؤكد نعنوس إنّه «لتفادي هذا التجمّع الكبير، تم أخذ عينات من جميع النزلاء وعددهم يصل إلى 140 شخصاً، وإرسالها إلى مختبر وزارة الصحة لإجراء تحليل PCR وستصدر نتائجها تباعاً، خلال عدة أيام، ومن تكون نتائج تحليله سلبية سيخرج، أما أصحاب النتائج الإيجابية فسيعزلون في مكان آخر لتلقي العلاجات اللازمة حتى الشفاء».
في البداية، اطمأنّ السوريون للإجراءات الحكومية، ولوجود مركز الدوير للحجر الصحي، قبل أن يُصدموا بالصور التي نشرها الطلاب السوريون القادمون من إيران والذين كانوا في المركز نفسه. وقد كشفت هذه الصور عن حالة مزرية خلطت الأوراق وشكّلت فضيحة صحّية حاول الجميع تداركها. الأمر فرض على المعنيين تحسين ظروف مركز الدوير ليكون كـ«المنزل»، وفق تعبير أحد الأطباء الذي يعمل في المركز، مع طاقم مؤلّف من 16 ممرضاً وطبيباً. ويضيف الطبيب أنّ «العمل يجري على تحسين الأسرّة ونوعية الخدمة، والنظافة والرفاهية التي ستكون على مدار فترة الحجر».
ومساء أول من أمس، نتيجة الحالة المزرية التي ظهر فيها مركز الدوير الصحي، وما تبع ذلك من موجة استنكار وغضب، قامت الأجهزة الحكومية بنقل نزلاء مركز الدوير إلى فندق مطار دمشق الدولي المغلق جزئياً، منذ عام 2012، ليكون مكاناً ملائماً لهم ولمن سيعود إلى سوريا خلال الأيام المقبلة. مصادر طبية متابعة لملف إجراءات وزارة الصحة، أنّ التركيز ينصبّ حالياً على مدينة دمشق في إجراءات الحجر الصحي، كون مطارها الدولي صلة الوصل الوحيد مع العالم الخارجي، بعد إغلاق جميع المعابر الشرعية مع البلدان المحيطة واقتصارها فقط على تبادل البضائع. وتضيف المصادر أن «لا خيار لدينا إلا التعامل بحذر، على مبدأ أن ما نقوم به هو لتفادي تفشي المرض في سوريا، لأنّ العواقب ستكون مخيفة بسبب تهالك القطاع الصحي، بفعل الحرب وخروج منظومات صحية مهمة عن الخدمة».
من جهته، يشير أحد مديري مستشفيات دمشق إلى «تجهيز المشافي العامة بغرف للحجر الوقائي بأسرّة قليلة، بغية تفادي الازدحام، مع تأمين جميع المستلزمات للحالات المشتبه فيها»، موضحاً أنّ «الحالة التي ستتأكد إصابتها بالفيروس سيكون لها وضع آخر، حيث تنقل إلى غرف العناية الفائقة وتخضع للمراقبة حتى شفائها».
وتجري في دمشق تحاليل يومية لعيّنات من حالات مشتبه فيها، ظهرت جميع نتائجها سلبية حتى الآن. وفيما لا يوجد إلا جهاز واحد للتحاليل مع عدد كبير من «كيتات» الفحص، فقد خُصّص للتحقّق من كل الفحوص التي تأتي من مركز الحجر الوحيد، أو المستشفيات المخصّصة في المحافظات. إضافة إلى ذلك، فقد جرى اعتماد هذا الخيار، كتوجّه من «منظمة الصحة العالمية»، وبسبب غلاء هذه التحاليل، التي يصل سعر التحليل الواحد فيها إلى 300 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 300 دولار أميركي.
وسام الجردي
إضافة تعليق جديد