أفعى برأسين: رايس وليفني
الجمل: تمثل السياستان الخارجيتان الأمريكية والإسرائيلية، سياسة خارجية واحدة، تشرف على تنفيذها وزارة الخارجية الأمريكية، ووزارة الخارجية الإسرائيلية، وبسبب التوجهات العدوانية للسياسة الخارجية الأمريكية- الإسرائيلية، فقد أصبح من المناسب القول بأنها تمثل ثعباناً واحداً، ولكنه على شكل الحية ذات الرأسين: كوندوليزا رايس، وتسيبي ليفني.
• معطيات البيئة النفسية والاجتماعية:
تؤكد معطيات علم النفس السلوكي بأن عملية صنع واتخاذ القرار عادة ما تتأثر بالتكوين النفسي- الاجتماعي لشخصية صانع ومتخذ القرار.. وتأسيساً على ذلك، فكوندوليزا رايس تنتمي لأسرة زنجية أمريكية تحمل في ذاكرتها معاناة الزنوج الأفارقة الذين اختطفتهم سفن تجار الرقيق البرتغاليين والاسبان من سواحل منطقة غرب افريقيا.. وأفرغت شحناتها البشرية على شواطئ الأرض الجديدة المتمثلة بالقارة الأمريكية، التي سبق أن اكتشفها عن طريق الخطأ كريستوفر كولومبس عندما ظن أنها الهند الغربية.
أما تسيبي ليفني، فهي تنتمي لأسرة يهودية بولندية، تحمل في ذاكرتها كل أوجاع الشتات والغيتو اليهودي، وبالذات في دولة مثل بولندا، حيث كان وضع اليهود مأساوياً أمام البولنديين المتعصبين مسيحياً، باعتبارهم قتلة المسيح، الذين عذبوه وصلبوه.
كان والد تسيبي ليفني المدعو إيتان ليفني عضواً ناشطاً في عصابة الأرغون، والتي امتهنت قتل العرب وعمليات التطهير العرقي في أرض فلسطين.
كوندوليزا رايس برغم أنها وصلت إلى درجة البروفيسور بجامعة ستانفورد الأمريكية، إلا أنها لم تنتم إلى الأحزاب السياسية الأمريكية التي تدعم الحرية والتحرر والمساواة، بل حملتها قدماها في الاتجاه الخاطئ تماماً: إلى الحزب الجمهوري الأمريكي وجماعة المحافظين الجدد، بحيث تخلت عن تدريس العلوم السياسية، وانتقلت إلى العمل في أروقة البيت الأبيض والإدارة الأمريكية، متخصصة بامتياز في عمليات صناعة الكراهية والعدوان، وصنع المؤامرات، والأكاذيب السياسية.
أما تسيبي ليفني فبرغم دراستها للقانون، إلا أنها لم تهتم بالانضمام إلى الحركات والقوى السياسية التي تحترم الحقوق العادلة للآخرين.. بل حملتها قدماها في الاتجاه الخاطئ أيضاً: إلى حزب الليكود الإسرائيلي الذي يؤمن تماماً بمشروعية عدم العدالة القانونية وانتزاع حقوق الآخرين.
• تسيبي ليفني- كوندوليزا رايس: شراكة الأفعى
تقلّدت كوندوليزا رايس منصب وزيرة الخارجية الأمريكية بتاريخ 26 كانون الثاني 2005م.. أما تسيبي ليفني فتقلّدت منصب وزيرة الخارجية الإسرائيلية بتاريخ 20 تشرين الثاني 2005م، أي في العام نفسه، برغم فارق الأشهر، وكأنما كانت الوزيرتان على موعد.. وهكذا بدأت منذ مطلع كانون الأول 2005م، قصة شراكة رايس- ليفني، في إعداد وتنفيذ سيناريوهات عملية سلام الشرق الأوسط.
السيناريوهات الفرعية التي تعاونت في تصميها الوزيرتان، هي:
- سيناريو خارطة الطريق.
- سيناريو حل الدولتين.
- سيناريو حرب لبنان.
- سيناريو العقوبات ضد الفلسطينيين.
- سيناريو القرارات الدولية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط.
- سيناريو دعم حكومة السنيورة وقوى 14 آذار.
- سيناريو نشر القوات الدولية في جنوب لبنان.
- سيناريو مقاطعة حماس.
- سيناريو تحالف المعتدلين العرب.
- سيناريو (بندر بن سلطان).
• المساندة وإدارة الصراع:
يرتبط منصب وزير الخارجية بإدارة الصراع السياسي الخارجي، الإقليمي والدولي، ولذلك، فقد جرت العادة أن يتعرض وزير الخارجية للكثير من مساءلة ومحاسبة القيادة حول أداء السياسة الخارجية.. وتأسيساً على ذلك، تقول المعلومات بأن شراكة ليفني- رايس، لم تقتصر على الشؤون الخارجية، بل امتدت إلى شؤون (البيت الأبيض الداخلية)، فعندما تتوتر الأجواء في البيت الأبيض أمام كوندوليزا رايس، تقوم تسيبي ليفني بـ(التحركات اللازمة) بما يوفر دعم ومساندة اللوبي الإسرائيلي في واشنطن لرفيقتها، وأيضاً عندما تتوتر أحوال الكنيست وتل أبيب أمام تسيبي ليفني تهرع على الفور كوندوليزا رايس وتقوم بإجراء اللازم واللعب على خطوط ملف العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية الفائق الحساسية، بما يوفر الدعم لرفيقتها.
وعموماً، حالياً تواجه ليفني مشكلة كبيرة، وذلك بسبب طموحاتها الكبيرة اللامحدودة في ارتقاء سلم الحكم والقوة والسلطة، فقد بدأت تسيبي ليفني نشاطها السياسي ضمن حزب الليكود، ولكنها انشقت عنه ضمن جناح حزب كاديما.. كذلك تدرجت في تقلّد المناصب السياسية، ليس في مكاتب الشركات الخاصة أو الدواوين الحكومية، بل بدأت خبرتها العملية كوزيرة للإسكان، ثم انتقلت لتصبح وزيرة شؤون المهاجرين، وعندما لم ترق لها أعباء الوظيفة، (دللها) رئيس الوزراء الإسرائيلي وعيّنها في منصب وزيرة بلا حقيبة، ثم تحولت بعد ذلك لتصبح وزيرة الزارعة والتنمية الريفية، ثم وزيرة العدل، وأخيراً وزيرة الخارجية، وإضافة إلى قيامها بأعباء منصب وزيرة الخارجية قام رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بتدليلها، وعيّنها في منصب نائب رئيس الوزراء، والآن بعد أن صدر تقرير لجنة فينوغراد الذي أوصى باستقالة أولمرت بسبب مسؤوليته عن حرب لبنان، ذهبت تسيبي ليفني إلى إيهود أولمرت وطلبت منه أن يستقيل من منصبه.
وكالعادة لم تنس كوندوليزا رايس أن تقدم المساندة لرفيقتها.. وتقول المعلومات: إن كوندوليزا رايس مهدت لخلق وتوسيع شعبية تسيبي ليفني داخل الشارع الإسرائيلي، وذلك من جراء الترتيبات التي كانت تقوم بإعدادها في واشنطن، بحيث كانت تسيبي ليفني تقابل كل أسبوع أو أسبوعين مسؤولاً أمريكياً كبيراً، من شاكلة ديك تشيني، بوش، رامسفيلد، وغيرهم، الأمر الذي جعل من كاريزمية تسيبي ليفني في الشارع الإسرائيلي بمثابة الرمز لقوة ومتانة العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.
والآن يتحرك رأس الأفعى الأول (تسيبي ليفني) في تل أبيب من أجل الجلوس على كرسي الوزارة، وبشكل متزامن يتحرك رأس الأفعى الثاني (كوندوليزا رايس) في واشنطن من أجل دعم ومساندة وصول رفيقتها إلى المنصب الجديد، وذلك لأن تسيبي ليفني قد عملت في معظم الوزارات، (وملّت) من روتين منصب الوزير، ولابد من إعطائها الفرصة لأن ذلك (حقها الطبيعي) كما تقول بعض النساء..
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد