سوريا: بوادر حرب في الشمال والأكراد مستعدّون للتعاون مع دمشق
مع اشتداد حدّة التهديدات التركية لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، والمترافقة مع تلويح الفصائل المسلّحة الموالية لأنقرة بأن العملية العسكرية الجديدة ضدّ «قسد» باتت أمراً واقعاً ينتظر ساعة الصفر، يعود الحديث حول تفعيل الحوار بين القوى الكردية ودمشق إلى الواجهة، بعدما تراجع خلال الفترة السابقة. وتؤشّر إلى ذلك تصريحات القيادي الكردي البارز ألدار خليل، الذي أكّد أن «الإدارة الذاتية» و«حزب الاتحاد الديموقراطي» «جاهزان للحوار مع دمشق بشكل مباشر من دون التوجّه إلى جنيف وأماكن أخرى»، معتبراً أن «دمشق باتت تدرك أن الأزمة والحرب والصراعات الحاصلة هي نتيجة عدم وجود نظام ديمقراطي في سوريا». وتشبه التصريحات الكردية الحالية، إلى حدّ بعيد، تلك التي سبقت عملية «نبع السلام» التركية في تشرين الأول 2019، والتي أدّت حينها إلى توقيع اتفاق لانتشار الجيش السوري على كامل الشريط الحدودي مع تركيا، مع احتفاظ «قسد» و«الإدارة الذاتية» بالسلطة المدنية والعسكرية على مدن الشريط وبلداته.
ومع تصاعد الأنباء عن قرب انطلاق عدوان تركي جديد على الأراضي السورية، بدأت القوى الكردية إرسال إشارات إيجابية باتجاه دمشق، مفادها الاستعداد للتنسيق الميداني معها عند الحاجة، والاستفادة من الوجود العسكري الرمزي للجيش السوري على امتداد الشريط الحدودي مع الأتراك. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر سورية مطّلعة على قنوات التواصل، أن «قسد أعادت بالفعل جسر التواصل مع دمشق، عبر الجانب الروسي، وتحاول اتّخاذ خطوات إيجابية»، مشدّدة في الوقت نفسه على أن «مواقف قسد المتذبذبة، والوقوف في منتصف الطريق، عبر الثقة المطلقة بواشنطن، والتنسيق عند اللزوم مع دمشق وموسكو، أمر غير مقبول بالمطلق»، داعية إلى «أن تنهي قسد تحالفها مع الأميركيين، وتتّخذ خطوات إيجابية تمهّد لاتفاق واضح مع دمشق، وفق حوار وطني فاعل». وتعتبر المصادر أن «استمرار عدم الوضوح في مواقف قسد، سيمثّل ذريعة مستمرّة للأتراك لملاحقة الأكراد، ما يهدّد مصير مدن وبلدات جديدة في الشمال السوري».
على خطّ موازٍ، رفعت الفصائل المسلحة من منسوب التصعيد في الإعلام، عبر الحديث عن إطلاق عملية عسكرية جديدة خلال أيام قليلة، على عدّة محاور وجبهات. واستثمرت تنسيقيات المسلّحين الاستعراض العسكري التي أجرته فصائل «الجيش الوطني» أخيراً في مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، للتأكيد أنه يمثّل توطئة لانطلاق العملية المذكورة. وفي هذا الإطار، سرّبت التنسيقيات معلومات عن أن «العملية ستتمّ بمشاركة 40 ألف مقاتل من مختلف الفصائل، إضافة إلى نخبة قوات الكوماندوز التركية، بتغطية جوية ومدفعية وصاروخية تركية». وحدّدت خطّة الهجوم بالتالي: «الهجوم على بلدات تل تمر وتل رفعت وعين عيسى، مع تحديد جبهة منبج كجبهة إشغال»، لافتةً إلى أن «الجيش التركي أبلغ الجيش الوطني السوري ضرورة الاستعداد للعملية العسكرية المرتقبة».
في المقابل، تداولت غالبية وسائل الإعلام الكردية تصريحات لمبعوث الرئيس الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري، قال فيها إن «الرئيس جو بايدن لم يمنح الرئيس التركي أيّ ضوء أخضر لشنّ هجمات شمال وشرق سوريا»، مؤكداً أن «واشنطن لا يمكن أن تتخلّى عن شراكتها مع قسد». وتشكّك مصادر مقرّبة من «قسد» في دقّة المعلومات حول العملية العسكرية المزعومة، معتبرة أن «إمكانية شنّ عملية عسكرية واسعة ضدّ قواتنا غير واردة»، متوقّعة أن «تكثّف تركيا من استخدام الطائرات المسيّرة، ومحاولة ضرب أهداف واغتيال قيادات في قسد ومسد والإدارة الذاتية». وكشفت المصادر عن «صدور تعليمات لجميع القياديين في الأجهزة المدنية والعسكرية التابعة لقسد والإدارة الذاتية، بمنع استخدام الهواتف المحمولة، لتجنّب أي تتبّع لهم من الاستخبارات التركية، وبالتالي استهدافهم».
من جهة أخرى، استقدمت واشنطن تعزيزات عسكرية جديدة إلى محافظتَي الحسكة ودير الزور، في ما يمكن تفسيره على أنه ردّ غير مباشر على توسيع روسيا حضورها العسكري في الشرق السوري، وهبوط أوّل طائرة «سوخوي» في مطار القامشلي الأسبوع الفائت. ورفض الناطق باسم البيت الأبيض جون كيربي، أمس، في تصريحات إعلامية، التعليق على نشر موسكو طائرات لها في شرق سوريا، بالقرب من نقاط انتشار القوات الأميركية، لافتاً إلى أن «واشنطن لديها قنوات اتصال مع الجانب الروسي لمنع نشوب مشاحنات، وللتأكد من عدم وجود تقدير وعواقب غير مقصودة».
الأخبار- أيهم مرعي
إضافة تعليق جديد