كيف يرى بعض أبناء السويداء حراك مدينتهم؟
بعد خمسة أيام على انطلاقها، لم تشهد تظاهرات السويداء حشداً كبيراً يحمل مطالبها المعيشية أولاً، لتصبح ورقة ضغط فعلية على السلطات الحكومية المحلية والمركزية. إذ تجمّع اليوم نحو 300 شخص في المدينة، منادين بشعارات تركّز على الواقعين الاقتصادي والأمني.
المشاركة الكبيرة في التظاهرات كان دونها عقبات عدّة، أولاها أمنية، ومن خلفها اعتبارات شخصية وآراء في ملف الدعم وآلية المطالبة بالإنصاف والعدالة فيه.
وقد تباينت آراء عدد من أبناء السويداء حول ما تشهده المدينة من حراك، ترّكزت العين عليه، نظراً إلى أحوال البلاد الاقتصادية القاسية.
«مع حراك سوري»
ويشرح كنان، وهو فنان تشكيلي عمره 35 عاماً، سبب «انتفاض السويداء دون غيرها» من المحافظات، بالآتي: «بكل بساطة لأن السويداء تملك أكبر عدد مغتربين مقارنة بالمحافظات الأخرى، ففي كل بيت في المحافظة هناك مغترب، وإذا اعتمد استبعاد المغتربين هذا يعني استبعاد أبناء المحافظة كافةً».
يقول كنان إنه «مع الحراك، شرط أن يكون سورياً وليس طائفياً، أنا مع المطالب الشعبية وينبغي لهذا الحراك أن يمتدّ ليشمل كلّ الأراضي السورية، لأن هناك فئات مظلومة رفع عنها الدعم، فالمغتربون ليسوا فئة تعيش برفاهية مطلقة وهناك فئة تعيش بعسر وشُحّ، وإن كان رفع الدعم عن المغتربين على وجه التحديد يصبّ في مصلحة البلد، فأنا أؤيده».
وقد وُجّهت انتقادات للمحتجين في السويداء، لرفعهم علم «الخمسة حدود» الخاص بالطائفة الدرزية، دون أعلام الدولة السورية الرسمية.
وعن استبعاد بعض أصحاب السيارات، يرى كنان أن «هناك فئات مظلومة ولا تستحق رفع الدعم عنها، فمن يمتلك سيارة منذ عشرة أعوام أو أكثر أصبح عاجزاً عن إصلاحها أو تغيير دواليبها على أبسط تقدير».
«مع الحكومة»
ليس ما سبق حال الجميع في السويداء، إذ تعبّر هدى، وهي ربّة منزل عمرها 62 عاماً، عن فرحها بـ«قرار استبعاد البعض من الدعم الحكومي لأنهم لا يستحقون، من يمتلك القدرة على شراء البنزين الحر والمازوت الحر لا يستحق الدعم»، مضيفة إن «الجميع يقاتل لأجل الخبز، ولكن هل تعلمون أن هناك فئة من الأشخاص لا تأكل إلا الخبز السياحي؟ وهؤلاء برأيي لا يستحقون الدعم، من يمتلك القدرة على شراء ربطة الخبز بسعر 1500 ليرة سورية أو 2000 ليرة، يستطيع شراء ربطة الخبز بـ 1300 ليرة من أفران الدولة».
أما عن نظرتها للحراك الشعبي، فتقول هدى: «لم أشارك ولم أتابع حتى، أنا بعيدة عن وسائل التواصل»، مضيفةً: «من خلال متابعة الأخبار وتصريحات المسؤولين، لديهم كل الحق باستبعاد شرائح معينة، وأنا أؤيد قرار الحكومة».
«أدعم السلمية»
موقف آخر مؤيد للحراك عبّرت عنها سارة، وهي طالبة جامعية عمرها 27 عاماً. إذ تقول: «أنا ضدّ العنف بكل أشكاله، وبما أن الحراك لغاية الآن سلمي وغير مسلح فأنا أؤيده، والمطالب التي أطلقت هي مطالب صريحة وواضحة، وجميعنا معنيون بها، جميع السوريين بلا استثناء يحتاجون إلى دعم الحكومة، فغلاء الأسعار كارثي وكذلك جشع التجار، والرواتب لا تكفي أياماً من الشهر».
وتضيف سارة: «منذ بداية الحرب ونحن نعيش بلا كهرباء وبلا تدفئة، الآن سيضاف إليها الخبز والمواد التموينية، برأيي هذا ظلم للمواطن، وأنا مع أي شخص يحتجّ ويطالب بحقه».
وعن موقفها من قطع بعض الطرقات المؤيدة للمحافظة، ما تسبب بتعطيل الامتحانات وتأجيلها، تعلّق سارة: «طبيعي أن نجد من يصطاد في الماء العكر، وهذه تصرفات زعران المحافظة المنظّمين بفصائل متعدّدة، وينبغي على الدولة قمعهم ووضع حدّ لهم».
«راغبٌ بالتغيير... ولكن»
رأي آخر عرضه وسيم وعمره 40 عاماً: «بصراحة، من داخلي أرغب بحدوث تغيير لهذا الواقع، وفي الوقت ذاته لست سعيداً بما يجري، المشكلة بالتوقيت، هناك آراء تصلنا من خارج المحافظة، تقول: هلق صرتوا زلم بس وصل الموضوع للخبزات».
يضيف وسيم: «ما يجري هو غير منظّم ولا يوجد مطالب واضحة كي يتمّ تبنّيها، أنا معك إن أردت المطالبة بحقك كسوري وليس كدرزي من السويداء، فالطائفية جميعنا ضدها ولا نسعى إلى ترسيخها بأيّ شكل من الأشكال. الوضع المعيشي صعب، والواقع مزرٍ وجاء قرار رفع الدعم ليزيد الطين بلّة، والناس انتفضوا من الجوع، هذا ما يعكسه المشهد الآني».
الأخبار
إضافة تعليق جديد