ما هي نتائج الصراع الروسي- الأمريكي حول ملف شبكة الدفاع الصاروخي؟
الجمل: تصاعد الخلاف الأمريكي- الروسي حول ملف شبكة الدفاع الصاروخي التي تنوي الولايات المتحدة نصب منصاتها في بلدان شرق أوروبا.
• تباين المواقف:
شدد الرئيس بوش على مزاعمه القائلة بأن شبكة الدفاع الصاروخي لا تستهدف روسيا، وإنما الهدف منها هو حماية أوروبا وأمريكا من خطر الصواريخ الإيرانية، وتأكيداً لمصداقية مزاعمه دعا الرئيس بوش روسيا للمشاركة في هذه الشبكة.
ورداً على دعوة بوش تحدث الرئيس الروسي بوتين قائلاً بأنه إذا كان القصد من إقامة هذه الشبكة هو حصراً الوقاية من خطر الصواريخ الإيرانية، فمن الأفضل أن تتم إقامتها في تركيا أو في العراق.. وأكد الرئيس بوتين بأنه إذا وافقت أمريكا على نصب شبكة الدفاع الصاروخي في العراق فإن روسيا سوف تقبل المشاركة فيها.
• خلفية الصراع حول شبكة الدفاع الصاروخي:
سعت الإدارة الأمريكية إلى نقل خطوط المواجهة السابقة التي كانت تفصل بين حلف الناتو وحلف وارسو بحيث تتقدم باتجاه الشرق وتصبح على مشارف الحدود الروسية، وقد قابلت روسيا ذلك بالرفض، وهددت بالانسحاب من معاهدة ضبط الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، واعتبر الأوروبيون ذلك فرصة للتعبير عن عدم رغبتهم في نشر الصواريخ الأمريكية في أراضيهم.
• الموقف الحالي إزاء ملف الدرع الصاروخي:
توصلت أمريكا إلى اتفاق مع بولندا، تشيكيا، بلغاريا، لاتفيا، على استخدام أراضيها لإقامة منصات الدرع الصاروخي، وإزاء التهديد الروسي مازال أمر إنشاء وإقامة هذه المنصات معلقاً.
الضغط الروسي دفع الولايات المتحدة إلى قبول روسيا كشريك في (المركز الراداري الضخم) الذي سوف تتم إقامته في أذربيجان، وستغطي خدماته كل منطقة الشرق الأدنى، وآسيا الوسطى، والشرق الأوسط.
كذلك، عرض الروس إمكانية الموافقة على نشر الدرع الصاروخي في مناطق شرق أوروبا، ولكن بشرط أن يسمح لروسيا بنصب صواريخ في غرب وشرق أوروبا.
• تقييم البدائل الروسية:
إذا تم اختيار تركيا لإقامة الدرع الصاروخي، فإن الخاسر سوف يكون أمريكا، وذلك لأن قواعدها بالأساس موجودة في تركيا، ولن تستطيع الاستفادة من ملء الفراغات الموجودة في خارطة شرق أوروبا العسكرية.. إضافة إلى أن روسيا تكون قد نجحت في إبعاد شبح التهديد عن حدودها.
أما إذا تم اختيار أراضي العراق لإقامة شبكة الدرع الصاروخي، فإن روسيا اشترطت مشاركتها وهو أمر سوف يسمح لروسيا بالحصول على (موطئ قدم) في العراق، وهو ما لا يمكن أن تسمح به أمريكا.. وذلك لأن الوجود الروسي في هذه المنطقة سوف يؤدي إلى خلط كل أوراق وملفات الهيمنة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط.
الصراع حول الملف النووي العالمي، يتميز بحساسيته الشديدة في التأثير على طبيعة النظام الدولي المعاصر، ومن الممكن أن يؤدي الصراع في هذا الملف إلى عودة سباق التسلح النووي.. والذي سوف يقضي في نهاية الأمر إلى أحد اثنين لا ثالث لهما، إما عودة نظام القطبية الثنائية، وفي هذه الحالة سوف يكون القطبان هما: (روسيا) و(أمريكا) أو التحول إلى نظام التعددية القطبية، بحيث تكون الأقطاب (أمريكا)، (روسيا)، (الصين)، (فرنسا).
الصراع الأمريكي- الروسي حول شبكات الدفاع الصاروخي سوف يترتب عليه عملية استقطاب وفرز جديدة من الممكن أن يؤدي تصاعدها إلى إعادة تقسيم النظام الإقليمي السائد حالياً إلى نظام إقليمي جديد، يشهد ظهور أقاليم عالمية جديدة، وسوف يؤدي ذلك بدوره إلى نشوء تحالفات إقليمية دولية جديدة، ومن الممكن مثلاً أن يختفي إقليم القوقاز بحيث تتوزع مكونات إقليم القوقاز بعضها إلى شرق أوروبا وبعضها الآخر إلى دول شرق وشمال شرق المتوسط.
كذلك من الممكن أن ينشأ إقليم وسط آسيا، بدلاً عن آسيا الوسطى، والذي قد يضم إيران، ودول آسيا الوسطى الخمسة إلى جانب أفغانستان.
صراعات القوى الكبرى والعظمى العالمية عادة ما تترتب عليها التغييرات الكلية، فعندما دار الصراع بين الامبراطورية العثمانية، والامبراطورية البريطانية، تفككت المنطقة وظهر إقليمي الشرق الأوسط والشرق الأدنى.. كذلك عندما دارت الحرب العالمية الثانية وانتهت، ظهر إقليم شرق أوروبا وإقليم غرب أوروبا.. وذلك على النحو الذي أثر في صياغة التاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لكل القارة الأوروبية على مدى خمسين عاماً.
والآن، ما هي النتائج التي سوف تترتب عاجلاً أم آجلاً على صراع روسيا- أمريكا.. وهل سوف تدخل الأطراف الكبرى الأخرى مثل الصين في هذا الصراع.. وإذا دخلت هذه الأطراف، وتم الاتفاق بين هذه القوى، فما هي الصيغة المحتملة الجديدة للخارطة السياسية العالمية؟.. وما هي الأقاليم التي سوف تندثر وتُمحى؟.. وما هي الأقاليم الجديدة التي سوف تظهر؟.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد