الجوع ينتشر في العالم والأطفال أول ضحاياه
أعرب المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء جان زيغلر عن قلقه العميق من ارتفاع مستويات الجوع في العالم، حيث وصل عدد الذين يعانون من الجوع إلى 854 مليون شخص، مشيرا إلى أن العدد في تزايد مستمر منذ العام 1996.
وانتقد زيغلر في تقريره أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف عدم وجود أي تطور ملحوظ حتى اليوم للحد من تلك الظاهرة، رغم أن هناك العديد من الحكومات التي أعلنت عن رغبتها في مواجهتها، سواء في مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996، أو مؤتمر الألفية عام 2000، إذ هناك ما يزيد عن ستة ملايين طفل يموتون سنويا قبل أن يكتمل عمر الواحد منهم الخامسة.
ووصف زيغلر الحالة اليوم بأنها "مأساوية للغاية"، إذ يموت 1000 شخص كل يوم من الجوع، وحتى العام الماضي كان يقضي طفل كل خمس ثوان يزيد عمره عن العشر سنوات، وطفل واحد من بين ستة أطفال يصاب بالعمى بسبب قلة الفيتامينات في التغذية، ولم يجد سوى القول بأن "مذبحة الجوع تتفاقم سنة بعد سنة".وقال في كلمته التي قدم بها التقرير إن نقص الغذاء في السنوات الأولى من الطفولة يعرض الضحايا إلى وقف النمو الجسماني والفكري، وهو ما يسفر إما عن موتهم مبكرا، وإما تهميش وجودهم طيلة حياتهم، وهو في كلتا الحالتين حرمان من الحق في الحياة، إذ يتم إجبارهم على العمل قسرا لتوفير الحد الأدنى من العيش، أو يصبحون عرضة لكافة أنواع الاستغلال.
واتهم المسؤول الأممي الاتحاد الأوروبي بضلوعه في صناعة الجوع وسوء التغذية في الدول النامية والأشد فقرا، بسبب ما وصفه بسياسة الإغراق التي يتبعها، وحرمان مزارعي الجنوب من تسويق منتجاتهم بشكل عادل، وسوء استغلال المزارعين الأفارقة وإجبارهم على العمل في ظروف غير إنسانية، رغم الأرباح الهائلة التي تحققها شبكات التوزيع الاستهلاكية في أوروبا.
كما رأى أن غزو المنتجات الأوروبية لأسواق دول العالم النامية والأكثر فقرا قد حرم نسبة كبيرة من فرص عمل توفر لهم ولأسرهم حياة كريمة، مشيرا إلى أهمية الزراعة في اقتصاديات الدول الأفريقية.
ويرى التقرير أن هذه المأساة تتجسد في محاولات الهجرة غير الشرعية التي تجبر الباحثين عن لقمة العيش ومورد الرزق إلى ركوب قوارب الموت، ورصد التقرير العديد من قصص الهاربين من الجوع، حسب وصفه، ورغم هذه الظروف المأساوية فإن زيغلر رأى تعامل أوروبا مع ظاهرة قوارب الموت "إعلان حرب على الهاربين من الجوع".
واختص التقرير أوضاع دارفور والقرن الأفريقي والكونغو وكوريا الشمالية باهتمام بالغ، سيما أوضاع الأطفال في مخيمات اللاجئين، وقال إن أعمال العنف في غرب السودان تسببت في حرق ونهب المحاصيل الزراعية والماشية والغذاء وتدمير مراكز توزيع المياه والترحيل القسري وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية.
ويهدد الوضع الأمني في بعض مناطق الكونغو الحصول على الحق في الغذاء، ويخلق نوعا من سوء التغذية المزمن، وانعدام الأمن الغذائي يتفاقم، ويعاني 30% من الأطفال دون الخامسة من سوء التغذية، و50% من السكان من عدم الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، ويقضي يوميا 10 أشخاص في مخيم غيتي للمشردين معظمهم من الأطفال، حسب زيغلر.
ولم يكن الحال أفضل في القرن الأفريقي، حيث واجه السكان العام الماضي موجة من الفيضانات العارمة بعد فترة من الجفاف، فدمرت ما تبقى من مخزون في الغذاء لتفاقم الأوضاع مع سوء الحالة الأمنية وتدهورها بشكل درامي.
تامر أبو العينين
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد