مقال في العقيدة
سامح عسكر:
توجد كلمة عند الأشاعرة هي (من أيّن الأين فلا أين له، ومن كيّف الكيف فلا كيف له) منسوبة مرة للإمام عليّ ومرة مرفوعة إلى الرسول في حديث، وقد ذكرها بعض الأشاعرة الأوائل كابن عساكر وغيره..
ومعنى الكلمة أن الله هو الذي خلق المكان فلا مكان له، وهو الذي خلق الأجسام فلا جسم له
الحنابلة اعترضوا أشهرهم ابن تيمية الحرّاني لأنه يرى الله في مكان العلوّ والفوق كما هو مشهور، ويراه جسما على أشكال مختلفة منها الشاب الأمرد ، فأسهب ابن تيمية في رد العبارة وإثبات عكسها ، وقد ورث السلفيون المعاصرون هذا التفكير من ابن تيمية فقالوا (إذا كان الله لا أين له ولا كيف له بناء على أنه الذي خلق الأين والكيف، إذن فالله حسب الأشاعرة غير موجود لأنه الذي خلق الوجود)..!!..وبناء عليه اتهموا الأشاعرة بالكفر والإلحاد..
رد الأشاعرة: أن هذا قياس غبي من ابن تيمية علّمه أتباعه وورثه التيار السلفي المعاصر
لأن ما استقر في العقيدة أن الله (واجب الوجود) وكافة مخلوقاته (ممكنة الوجود) إذن فوجود الله أزلي وقديم مختلف عن الحادث والممكن، وعليه فلا يصلح هذا القياس إلا إذا كان السلفيون يعتقدون (بأزلية المكان) وبالتالي صار السلفي نفسه ملحدا ويردد كلام الفلاسفة والزنادقة – حسب رأيهم – بقدم المادة وأنها لا تُستحدث من عدم..
وبالطبع السلفي لا يقصد ذلك: لكن قياسه الخاطئ هو الذي أوقعه في هذا المأزق
كنت قد شهدت هذه الحوارات قبل 15 عاما في المرحلة التي كنت فيها أشعريا وأميل لردودهم القوية على السلفيين، فنقطة ضعف السلفي بشكل عام هو (تفكيره الغبي وقياساته الخاطئة وغلطاته المنطقية المتعددة) التي ورثها عن ابن تيمية الحرّاني وتلامذته، وهذا لا يعني أن الأشاعرة لا يخطئون أو أنهم جميعا أذكياء، ولكن هذا الجدل في تلك النقطة تحديدا في شرح ورد العبارة يكشف عقلية الفريقين بشكل كبير..
إضافة تعليق جديد