رمال الملف الكردي تعمق التورط الأمريكي في العراق
الجمل: منذ بدء عملية غزو العراق بقيادة القوات الأمريكية، ظلت الاشتباكات في تزايد بين ميليشيا منظمة (بيجاك) الكردية الإيرانية، والقوات الإيرانية، وخلال عام 2006م، تم رصد أكثر من 15 اشتباكاً مسلحاً بين الجانبين، أسفرت عن مقتل 150 إيرانياً، و20 من عناصر ميليشيا بيجاك.
ودارت أكثر الاشتباكات عنفاً في الفترة بين نيسان وآب عام 2006م، وذلك عندما دخلت ميليشيا بيجاك، وقامت بمهاجمة مواقع مليشيا حزب العمال الكردستاني الموجودة في شمال العراق.
• الحركات الكردية والتحالف ضد دول المنطقة:
تعتبر منظمة ميليشيا بيجاك من المنظمات الكردية المسلحة الحديثة النشأة نسبياً مقارنة بالحزب الديمقراطي الكردستاني (جلال طالباني)، والاتحاد الوطني الكردستاني (مسعود برازاني)، وحزب العمال الكردستاني (عبد الله أوجلان).. وقد لعب عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني دوراً كبيراً في تجنيد وتنظيم وتدريب وتسليح منظمة ميليشيا بيجاك الكردية الإيرانية، وقد انعكس ذلك على واقع المنظمتين: بيجاك، وحزب العمال الكردستاني، من حيث تشابه المذهبية، والبرامج وأسلوب القيادة وتوجهاتها وغير ذلك.
تتبنى الحركات الكردية حالياً المطالبة بإقامة أقاليم الحكم الذاتي المستقلة داخلياً ضمن دول المنطقة، فمثلاً يطالب حزب العمال الكردستاني الحكومة التركية بإقامة إقليم كردستان التركي المستقل ذاتياً ضمن أراضي الدولة التركية، وأيضاً يطالب حزب بيجاك الحكومة الإيرانية بإقامة إقليم كردستان المستقل ذاتياً ضمن أراضي الدولة الإيرانية.. ونفس الشيء متوقع بالنسبة للحركات المتطرفة الكردية السورية.
تؤدي إقامة هذه الـ(كردستانات) المستقلة ذاتياً إلى فرض صيغة الحكم الفيدرالي، ثم بعد ذلك في مرحلة لاحقة تقوم هذه الـ(كردستانات) بمساعدة ومساندة بعضها البعض باتجاه الانتقال من صيغة (الفيدرالية) إلى صيغة (الكونفيدالية).. وهي صيغة منصوص عليها في القانون الدولي يكتسب الإقليم الكونفيدرالي فيها كل حقوق الدولة السيادية المستقلة مثل الحق في إصدار الهويات وجوازات السفر ومنح التأشيرات وطباعة العملة واختيار علم وشعار منفصل وإقامة السفارات المنفصلة في الخارج وإقامة العلاقات الدبلوماسية بشكل منفصل عن الدولة الأم، إضافة إلى الحق في تعيين رئيس جمهورية منفصل.
وفقط يرتبط الإقليم الكونفيدالي مع الدولة الأم عن طريق الـ(خارطة)، وبحسب القانون الدولي، الاستثناء الوحيد يكون في حالة إعلان الحرب بينه وبين الدولة الأم، بحيث لا يعتبر القانون الدولي هذه الحرب حرباً دولية، وإنما تعتبر حرباً داخلية، ليس لأحد حق التدخل فيها.
الانتقال من الفيدرالية إلى الكونفيدرالية، يضع عملية الانفصال الكردي عن دول المنطقة في إطار الأمر الواقع.. وهذا هو جوهر الخيط الرفيع الذي ينسج الشبكة الخفية للفيدراليات التي تطالب بها الحركات والفصائل الكردية كمطلب تكتكي في الوقت الراهن:
أزمة السياسة الأمريكية أصبحت أكثر تعقيداً بسبب تداخل الملفات الكردية، مع ملف العلاقات الأمريكية- التركية، مع ملف العلاقات الإيرانية- التركية.
وإضافة إلى حالة العداء الأمريكي- الإيراني، فإن السياسة الخارجية الأمريكية سوف تجد نفسها غارقة في رمال الملف الكردي.. ولن تستطيع أن تحدد بوضوح من تعادي ومن تصادق.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد