انطباعات عاجلة حول فيلم (يومين) لباسل الخطيب ودريد لحام
الجمل ـ د. نزار العاني:
صناعة السينما أصبحت علماً متكاملاً وإبداعاً حضارياً خالصاً وسيداً مطلق اليد في تناول كل قضايا الإنسان ، الاجتماعية والفكرية والسياسية والاقتصادية . من هنا ، لايمكن تجاهل أن تنتج سورية فيلماً في ظروف صعبة واستثنائية حتى في الحصول على رغيف الخبز .
لذا ، لا بد لي أن أعترف صادقاً بإشادتي في إنتاج العمل وفروسية المرور به إلى إمكانية العرض ، وأتجاوز الشعور العام بضائقة العيش ، والقلق والأرق من مستقبل أجيالنا القادمة .
خلال الدقائق العشر الأولى من الفيلم ، نجح السيناريو في تقديم الشخصيات الرئيسة الثلاث وسماتها ، ببساطة ، ودون تطويل ، وبتركيز خاطف : غيث ، أبو سلمى ، ( دريد لحام) الإنسان المحب النزيه البسيط ، ومختار القرية الفخور بأهل ضيعته ( أسامة الروماني) ، وسلمى المطلقة والطيبة بلا أظافر ولا أنياب ، وترعى والدها بقناعة وتسليم كامل بأحكام القدر .
وتدور عجلة الفيلم ، وبشكلٍ بؤري ، يذكرنا بمسرح الشوك الذي مارسه كاتب القصة دريد لحام في مطلع شبابه . جمل واخزة ، ومواقف ساخرة مليئة بالمرارة ، لحياة قروية لا تعرف الفجور ، وترسم حياتنا السورية بلا ( رتوش) !
تصاعد السرد ، يقدم لنا محنة طفلين صغيرين يدخلان إلى حياة عائلة (أبي سلمى) قسراً وعنوة ويحيلانها إلى أسئلة موجعة : الفقر ، التعاطف ، المسؤولية بين الحكومة والأهالي ، قسوة الحرب ، عار السكر والقمار ، العنف المنزلي ، ومطالب العيش المرهقة .
الفيلم بكلمتين اثنتين : مرآة لحياتنا . ومن الضروري لنا جميعاً أن نرى أنفسنا في هذه المرآة ، ونفكر بأجوبة محتملة ووعود وآمال على قائمة الانتظار . وبالعودة إلى صناعة السينما وعلمها المتكامل أقول التالي :
كل القنوات الفضائية ، درجت على تصنيف الأفلام فنياً إلى أفلام حركة ، أو عائلية ، أو هزلية ، او كرتونية . وتصنيف تجاري يتعلق بميزانيات الفيلم ، من الضخمة ، ونزولاً إلى المحدودة .
توصيف فيلم ( يومين) وفق المعيارين السابقين ، هو فيلم عائلي محدود الميزانية . وأنا شخصياً خرجتُ من العرض بانطباع إيجابي ، وتناوب على حالتي النفسية طارئ الحزن والغضب لحالة الطفلين (نغم وصباح) والمقت لوالدهما الشقي ، وطارئ الرضا المريح لحكمة (أبي سلمى) المؤمن بالخير، ودمعات ذُرفت على خدي حين تابعت المختار المتألق أسامة الروماني ،والنهاية السعيدة التي بصم على تاريخها المخرج الشهير حسن الإمام ، لا النهايات التي كان يختارها يوسف شاهين لأفلامه !
الأبطال الرئيسون ، دريد لحام وأسامة الروماني ورنا شميس ، الثلاثة ، اتسم أداؤهم بعفوية وبساطة مثيرة للإعجاب ، وتحريك المشاهد وتسلسلها من قبل القائد الفني باسل الخطيب ، جعل من متعة حضور الفيلم مكتملة وخالصة ، وخصوصاً في حفل عام شهد جمهوراً حاشداً متعطشاً لفرح ينزل من ( سقيفة ) بني فن !
إضافة تعليق جديد