فوضى سكنية في دمشق
ترد صفحة عبر فيسبوك بشكل آلي على استفسارات الزبائن عن أسعار تأجير العقارات التي تعرضها، أحد الردود كان “الإيجار السنوي 90 مليون”، مضافاً إليه قيمة شهر كتأمين، وشهر ثاني عمولة للمكتب العقاري المتمثل بـ “الصفحة”، ومساحة المنزل الذي يقع بالقرب من مشفى المواساة في دمشق، 70 متراً.
ويعد إيجار المنازل من العمليات غير المنضبطة سوقياً وتسجل قفزات كبيرة شهرياً، ويكون فيه المستأجر ضحية لآلية التسعيرة التي تضعها المكاتب العقارية لا أصحاب البيوت المؤجرة، فكلما ارتفع السعر زادت قيمة العمولة التي يتقاضها صاحب المكتب، وتعد عمليات التأجير في العشوائيات هي الأكثر تسجيلاً للقفزات السعرية في ظل استحالة وجود قانون ناظم لعمليات التأجير، وتقول “سندس”: أتقاسم غرفة مستقلة تسمى عرفاً بـ “أستديو” مع صديقة لي، قيمة إيجاره من دون فرش 500 ألف ليرة سورية، وإيجار المنزل هو ما يجبر كل منا على العمل الإضافي لتأمينه، بما يترك الراتب الحكومي على قلته كـ “مصروف شخصي” فقط.
ويقول أبو قاسم: “كل 6 أشهر أقع في مطب المؤجر، إما أن أخلي المنزل وبالتالي سأبدأ عملية بحث ومن ثم دفع عمولة لصالح مكتب عقاري وإلخ، أو أقبل بالزيادة، وفي كلا الحالتين لن أجد منزلاً مناسباً بالسعر الذي أدفعه حالياً، والتفكير بالسكن ضمن الضواحي سيعني صعوبات في نقل الأولاد لمدارس جديدة وسيعني زيادة في كلفة المواصلات، ولا توفير يُرجى من هذه الخطوة”، مضيفاً: “لا أفهم كيف يستطيع صاحب منزل أو مكتب عقاري في منطقة مخالفات مثل الـ 86 أو جبل الرز أو منطقة أخرى تأجير سعر منزل بمساحة غرفتين أو ثلاث بسعر 1.5 مليون، وكيف يضع في باله أن موظفاً أو عاملاً سيكون قادر على دفع هذا المبلغ، والمشكلة أننا كمستأجرين ملزمون بأن نقبل، فما الخيارات المتاحة سوى السكن في الشارع إن رفضنا”؟
صفحات “المكاتب العقارية”، التي تقدم عروض التأجير ترد بشكل آلي على استفسارات الزبائن، وغالباً ما يكون طلب التأجير بدفع سنوي أو نصف سنوي، بما يجعل عملية استئجار منزل لـ 6 أشهر بسعر مليون ليرة، تحتاج لمبلغ 8 ملايين تدفع “كاش وسلف”، فالقيمة الإجمالية تشمل مبلغ تأمين إصلاح للأعطال التي قد تظهر في البيت عقب تأجيره، وعلى الرغم من أن المبلغ من المفترض أن يعود للمستأجر إلا أنه يعود غالباً ناقص أو لا يعود نهائياً كما يقول “محمد”، فصاحب البيت أو المكتب العقاري سيعدد أعطال غريبة مثل “الحنفية تنقط، الحيطان صار بدهن دهان، الباب مكسور..الخ”.
بينما يقول لؤي وهو مالك لمنزل صغير في منطقة المزة 86 لـ “أثر برس”: “أتعامل مع صاحب مكتب عقاري لتأجير منزلي، وفي كل مرة يشارف العقد على الانتهاء هو من يقوم بتذكيري ويقنعني بعدم التجديد للمستأجر بنفس السعر، ودائماً ما يكون قد حضّر مستأجراً جديداً وبسعر يزيد عن الحالي بنسبة تتراوح بين 25-50 %، وأسمع منه جمل مثل (حرام تأجره هيك)، أو (الأسعار طالعة وعندي زبون بكذا)، وغالباً ما يغريني بالتأجير المدفوع سلفاً لـ6 أشهر، ومصلحتي مع السعر الأعلى في ظل الظروف المعاشية، وأسعار المواد المتبدلة يومياً”.
تبقى عملية تأجير العقارات تشكل أكبر سوق فوضوي في سوريا في ظل عدم وجود أي حلول أو آلية قانونية تحكمه، علماً أن العقود المسجلة في المحافظة غالباً ما تكون بأسعار وهمية تهرباً من دفع المؤجر للضرائب وما شابه، ليبقى المستأجر ضحية لهذه الفوضى السعرية.
أثر برس
إضافة تعليق جديد