بنزين مغشوش على اتستراد دمشق– حمص
لم يعد بيع المواد المهرّبة في سوريا يجري بشكل سري أو مختبئ بين السلع الوطنية. بل على العكس، باتت الأكشاك المخصصة لبيع المحروقات والسلع المهربة تنتشر على طول الطرق، وخاصة طريق حمص، حيث يبدو أن عمليات التهريب تزدهر على مرأى الجميع.
حتى أن سائقي الحافلات بدؤوا بالتحول إلى تجارة المحروقات المهربة والغاز، مع وجود شاحنات مليئة بأسطوانات الغاز الفارغة يتم تبديلها بأسطوانات ممتلئة، بدلاً من استخدام الحافلات لنقل الركاب فقط.
لم يعد من المفاجئ أن بعض أصحاب الحافلات قد وجدوا في هذا النشاط التجاري وسيلة أكثر ربحًا، على الرغم من أنهم رفعوا أجور النقل بشكل كبير.
ويبدو أن تجارة التهريب تدر عليهم أرباحًا كافية لجعلهم يقسمون الحمولة بين المحروقات المختلفة، مع تخصيص “وردية” لكل منها، من بنزين وغاز ومازوت.
وبذلك، قد يتعرض الركاب لرحلات غير مريحة بسبب حشرهم بين أسطوانات الغاز والمواد المهرّبة الأخرى.
وجود هذه الأكشاك يوحي بأنها شبه رسمية، وربما محمية من قبل جهات معينة.
فبينما تمر سيارات المسؤولين ودوريات التموين عبر هذه الأكشاك، يبدو أن هذه التجارة غير المشروعة تستمر دون رادع.
وحتى إذا تمت ملاحظة وجود هذه الأكشاك، فإن السلطات لا تبدو مهتمة بقمع نشاطاتها، مما يثير التساؤلات حول مدى جديتها في مكافحة التهريب.
عبد الرزاق حبزة، أمين سر جمعية حماية المستهلك، قال في تصريح لصحيفة “البعث” إن المواد المهربة كانت سابقًا تقتصر على السلع التموينية مثل السكر والأرز، ولكن مع ارتفاع أسعار المحروقات ونقص الغاز المنزلي، توسعت طرق التهريب لتشمل المحروقات وغيرها.
وأوضح أن هذه الظاهرة باتت منتشرة بشكل واضح في الأكشاك على طرق السفر، حيث تفصل بينها مسافات قصيرة. وذكر حبزة أن الحملات الحكومية ضد التهريب، التي كانت نشطة في فترات سابقة، خففت من الظاهرة لكنها لم تقضِ عليها، ومع ذلك، فإن الأوضاع تعود للتفاقم وسط غياب الرقابة الفعالة.
وأشار حبزة إلى أن الموظفين الحكوميين الذين يشرفون على مراقبة الحافلات قد يكونون متواطئين مع المهربين بسبب تدني الأجور وضعف القدرة الشرائية.
وأوضح أن المشكلة تمتد إلى نقل عبوات الغاز الفارغة إلى لبنان لتعبئتها وبيعها بشكل غير قانوني. هذا النشاط له آثار سلبية على الاقتصاد الوطني، لأنه يستنزف العملات الأجنبية، ويخلق ما يُعرف بـ”اقتصاد الظل” الذي يصعب السيطرة عليه.
حبزة أكد أن الحل لمكافحة التهريب ليس فقط بتكثيف الحملات التموينية والجمركية، بل بوضع خطة اقتصادية محكمة لتوفير المواد بشكل قانوني وبأسعار معقولة، بما يقلل الحاجة للتهريب.
وأضاف أن شرعنة بعض المواد المهربة من خلال تنظيمها بقوانين وضوابط يمكن أن يساعد في تقليل تأثيرات التهريب على الاقتصاد الوطني وعلى المواطنين الذين قد يتعرضون للخداع بشراء مواد رديئة أو مغشوشة من هذه الأكشاك.
إضافة تعليق جديد