أولمرت وباراك في «القيادة الشمالية»: رسـالة تهدئـة إلى سـوريا
في الذكرى السنوية الأولى لانتهاء حرب لبنان الثانية، أبلغ قادة الجبهة الإسرائيلية الشمالية رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك ورئيس الأركان غابي أشكنازي، أمس، أن «حوافز حزب الله للعمل في هذه الأيام ليست عالية».
وقام أولمرت وباراك وأشكنازي بجولة أمس على مقر قيادة الجبهة الشمالية وعدد من الوحدات العسكرية المنتشرة في محيطها.
وأشار المراسل السياسي لموقع «يديعوت احرونوت» الإلكتروني روني سوفير إلى أن هذا التقدير يتنافى مع ما أشاعته صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أن حزب الله يستعد شمالي نهر الليطاني لجولة جديدة.
وشدد مكتب رئاسة الحكومة على أن لا علاقة لجولة أولمرت وباراك على الجبهة الشمالية بأية تطورات على تلك الجبهة. وأشار إلى أن «الأمر يتعلق بزيارة عادية، قام بالكثير من مثلها في الماضي بمعدل مرة كل بضعة أسابيع للوحدات الأمنية في الجيش أو الموساد أو الشاباك». وأوضح انه
«في إطار زياراته الروتينية للجيش، قام اولمرت بزيارة مقر القيادة الشمالية حيث اطلع على وضع جهوزية الجيش في ضوء العبر التي استخلصت من حرب لبنان الثانية».
وأشارت «يديعوت» إلى أن التوضيح من جانب مكتب رئاسة الحكومة يهدف للتأكد من أن الزيارة لن تثير أي سوء فهم لدى السوريين، وتقود إلى تدهور الوضع، لذلك أصدر أولمرت وباراك في نهاية الزيارة رسالة تهدئة، شددا فيها على أنه ليس هناك أي تغيير في الانتشار العسكري السوري، وليست هناك أية نية لإسرائيل بشن هجوم. وأضافا أن الدولة العبرية ستواصل بث رسائل التهدئة باتجاه دمشق من أجل الحيلولة دون حدوث أي سوء فهم.
واستمع أولمرت وباراك واشكنازي من القادة العسكريين في الجبهة الشمالية إلى تقارير حول الانتشار العسكري السوري قبالة الجولان المحتل. وأشارت هذه التقارير إلى أن الانتشار السوري دفاعي، ولا يتضمن حاليا أية أبعاد هجومية. ومع ذلك شدد القادة على أنهم يستعدون لمواجهة أي تدهور غير متوقع في الوضع الميداني.
وأشار القادة في تقاريرهم إلى أن حزب الله بات مقيدا في حركته بعد حرب لبنان الثانية، وأن هذه الحركة محصورة شمالي الليطاني. وشدد قادة الاستخبارات على أنه كانت للحرب إنجازات، بينها الضرر الذي أصاب قدرة حزب الله على التحرك بحرية، حيث أن الحزب لم يعد يتحرك بسلاح، ولكن عمليات تهريب الأسلحة له من سوريا مستمرة. وشددوا على أن حزب الله جدد ترسانته من السلاح، ولكن «ليست لدى حزب الله الآن حوافز عالية جدا للعمل». وامتدح القادة أداء القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان.
وفي هذه الجولة أعلن أولمرت أن «إسرائيل ليست معنية بالحرب، ووجهتنا ليست الحرب مع سوريا، ومع ذلك فإن الجيش وإسرائيل مستعدان لمواجهة أي موقف، وعلينا التشديد على عدم رغبتنا في أن تولد هذه الجهوزية أي سوء فهم في الجانب الثاني».
وكانت صحيفة «هآرتس» انضمت، أمس، إلى بقية الصحف اليومية الإسرائيلية في الحديث عن مخاطر الحرب مع سوريا. وأشار مراسلها العسكري عاموس هارئيل إلى أن الفترة القريبة سوف تكشف عن وجهة سوريا سواء نحو الحرب أو السلم. ويوحي هذا التقدير أن القناعة في إسرائيل غير محسومة ، بانتظار معطيات جديدة.
وفي هذه الأثناء، ولمناسبة مرور عام على انتهاء حرب لبنان الثانية، تعقد على مستويات عدة في إسرائيل مداولات للبحث في استعداد الجبهة الداخلية لحرب محتملة.
فبالإضافة إلى المداولات المتكررة التي أجرتها الحكومة الإسرائيلية، في الأسابيع الأخيرة، حول احتمالات الحرب، وعلاوة على الدروس التي يحاول الجيش الإسرائيلي استخلاصها، عقدت قيادة الشرطة في الشمال مؤتمرا للبحث في جاهزيتها للحرب المقبلة. وشارك في المؤتمر قادة الجبهة الداخلية ومنظمات الدفاع المدني الطبية وغيرها ورؤساء السلطات المحلية.
وبرغم تشديد قيادة الشرطة أن المؤتمر لم يعقد بسبب توفر إنذارات باحتمال وقوع حرب فإن الإعلام الإسرائيلي وضعها في هذا السياق. ولكن خشية إثارة بلبلة جرى التركيز على أن عقد المؤتمر لا ينبئ باقتراب وقوع الحرب.
وقد ناقش المؤتمر سيناريوهات مختلفة لمواجهة حرب محتملة، ولكن بتركيز على البعد المدني وبمشاركة رؤساء سلطات محلية عربية ورؤساء المدن الكبرى كحيفا والناصرة. وقال مشاركون إن هذا المؤتمر كان بالغ الأهمية، لأنه وفر أجوبة حول ما ينبغي للمؤسسات العامة غير الجيش أن تفعله في حالة الحرب. ومن بين أهم الأجوبة، أنه وبخلاف ما جرى في حرب لبنان الثانية، سيتم الإعلان عن حالة الطوارئ فور سقوط صواريخ على المستوطنات في إسرائيل.
إلى ذلك، أوضح هارئيل أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية باتت تؤمن أنه في الفترة القريبة سيتضح الوضع حيال سوريا. وأضاف أن هناك في هذه المؤسسة قلقا بشأن إمكان اندلاع حرب بينها وبين سوريا. وأشار إلي سلسلة مداولات عقدتها مؤخرا اللجنة الوزارية الخاصة لجبهة الشمال، وقد بحث فيها باراك واشكنازي الاستعدادات الإسرائيلية لمواجهة هذا الأمر.
وقال هارئيل إن محافل استخباراتية في إسرائيل تجد صعوبة في تقدير نوايا الرئيس السوري بشار الأسد. وبرغم أن التقدير الأساسي أن أي هجوم على إسرائيل لن يخدم المصلحة السورية، فان المؤسسة العسكرية لا تستبعد أن يؤدي استمرار التوتر بين الطرفين إلى حرب، يبدو أن أيا منهما لا يرغب فيها.
وأوضح هارئيل أنه في المداولات التي عقدت في الأسابيع الأخيرة، في ظل تعتيم إعلامي كبير، بحثت تقديرات استخباراتية، وكذلك سلسلة مسائل حساسة تتعلق باستعدادات الجبهة الداخلية، بما فيها إمكانية توزيع كمامات على المستوطنين، ومعالجة المواد الخطيرة في خليج حيفا، إلا انه تقرر عدم اتخاذ خطوات استثنائية في هذه المرحلة.
وقال مصدر أمني رفيع المستوى لصحيفة «هآرتس» انه «حسب علمنا، فان الأسد لا يريد حقا الحرب معنا. فهو يخشى سيناريو يجرنا ويجرهم إلى الحرب، سواء كان ذلك بسبب تصعيد متبادل للنشاطات في الجولان أم بسبب احتدام التوتر بين الولايات المتحدة وإيران. فبعد أن تبينت قدرات الجيش الإسرائيلي في حرب لبنان، علينا واجب الاستعداد بشكل أفضل».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد