تقسيم العراق بين الواقع والوهم ومراكز الدراسات الأمريكية
الجمل: على المستوى الظاهر، ساد انطباع بأن العراق ينقسم على أساس الخطوط الطائفية، والاثنو ثقافية إلى ثلاثة أجزاء، هي الجنوب الإسلامي الشيعي، والوسط الإسلامي السني، والشمال الكردي الإسلامي السني.
• تقسيم العراق: بين الواقع الحقيقي والوهم النظري:
القول بأن العراق ينقسم إلى ثلاثة مناطق ديمغرافية سكانية شيعية وسنية، وكردية، هو قول يتضمن الكثير من خلط الأوراق والحقائق، برغم هيمنته على عدد كبير من الناس بما فيهم العراقيين أنفسهم.
يمكن القول بأن العراق ينقسم إلى قسمين على أساس الاعتبارات الاثنو ثقافية، وذلك إلى العرب السنة والشيعة الذين يعيشون في الوسط والجنوب، وإلى الأكراد الذين يعيشون في الشمال، وعلى أساس الاعتبارات الدينية يمكن القول بأن العراق ينقسم إلى ثلاثة ديانات تتمثل في المسلمين، والمسيحيين، والأقليات الدينية الصغيرة مثل الصابئة المندائيين، والإيزيدين، والكاكائيين، والشبك، وعلى أساس الاعتبارات الطائفية يمكن القول بأن العراق ينقسم إلى مسلمين شيعة (عرب وأكراد)، ومسلمين سنة (عرب وأكراد)، ومسيحيين كاثوليك (أشوريين وكلدان)، إضافة إلى الأقليات الرئيسية.
أما على أساس الاعتبارات القبلية والعشائرية، فمن الممكن تقسيم العراق إلى عدد كبير من الكيانات، فهناك قبائل وعشائر ترتبط بمنطقة الخليج العربي، وأخرى ترتبط بالسعودية وأخرى ترتبط بإيران، وأخرى ترتبط بالأردن وبشرق سوريا، وغير ذلك.
• تقسيم العراق: مؤامرة الدور الوظيفي:
منذ اللحظات الأولى التي صاحبت عملية احتلال العراق، سعت ونجحت مراكز الدراسات الأمريكية، وعلى وجه الخصوص تلك التابعة للوبي الإسرائيلي إلى رسم صورة للبيئة الاجتماعية العراقية تقوم على أساس اعتبارات فرضية الكيان الثلاثي.
وقد سعت بعد ذلك سلطة الاحتلال العسكري الأمريكي التي كانت بزعامة الجنرال الأمريكي غاردنر إلى ترسيخ هذه الصورة الثلاثية، عن طريق ترسيم الوصف الوظيفي لأجهزة الحكم المحلي وترسيم الدوائر الانتخابية، وتشكيل الكتل السياسية العراقية على أساس الانتماءات المذهبية والإثنية.
تعايش العراقيين مع بعضهم البعض، في المدن الكبيرة مثل بغداد، وأيضاً في المناطق التي تقع بين جنوب ووسط العراق، ووسط وشمال العراق، كان هو الحقيقة التي تهدد (صحة) فرضية التقسيم الثلاثي، وهو تهديد سوف يؤدي بالضرورة إلى تهديد مشروع تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات، أو بالأحرى إقامة الفيدراليات الثلاثة العراقية( شيعية في الجنوب، شيعية في الوسط، وكردية شبه مستقلة في الشمال). التي تمهد لتقسيم العراق مستقبلاً إلى ثلاثة دول.
ولترسيخ وتثبيت فرضية التقسيم الثلاثي كأمر واقع، جاءت عمليات (فرق الموت) التي أشرفت عليها عناصر الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والعناصر التابعة للسياسي العراقي أحمد الجلبي (عضو المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي)، والعناصر الكردية المسلحة المرتبطة بالموساد الإسرائيلي، إضافة إلى بعض الجماعات العراقية التي انساقت وراء المخطط ولعبت -عن جهل وغباء- دوراً كبيراً في تنفيذ عمليات فرق الموت، والتي كانت في حقيقتها هي فرق الموت العراقية، هي بالأساس من ابتداع السفير الأمريكي السابق جون نيغربرنتي، (مدير وكالة الأمن القومي الأمريكي السابق، ونائب وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس حالياً). هذا، ومن المعروف تماماً أن نيغربرنتي هذا، هو صاحب اختراع تنظيم وتشكيل واستخدام فرق الموت التي روعت دولة السلفادور في أمريكا اللاتينية خلال فترة وجوده سفيراً لأمريكا في تلك المنطقة، وقد قام نيغربرنتي بأعباء السفير الأمريكي للعراق في الأشهر الأولى التي أعقبت عملية الغزو والاحتلال، وذلك بالتعاون مع اليهودي الأمريكي الجنرال غاردنر وأحمد الجلبي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد