العراق بوصفه عصفورية
يقبع مئات العراقيين في منازلهم وآخرون في مصحات طبية جراء تعرضهم لضغوط نفسية شديدة خلفتها الأوضاع الأمنية عقب اجتياح بلادهم في مارس/آذار ،2003 ما دفع كثيرين منهم للجوء إلى مستشفيات الأمراض النفسية للحد من معاناتهم.
ويقول الطبيب شعلان العبودي مدير مستشفى “ابن رشد” للأمراض النفسية وسط بغداد، إن “ما يزيد مهمة المستشفى تعقيدا هو مغادرة معظم الأطباء النفسيين ذوي الخبرة الواسعة إلى الخارج”.
وأضاف لوكالة فرانس برس “كان هناك 14 طبيبا نفسيا في مستشفانا قبل عام بينما ليس هناك اليوم سوى 4 فقط”، مؤكدا أن “الأطباء يغادرون العراق” في شكل مستمر.
واكتظت ممرات المستشفى بالمرضى الآتين ليعاينهم الأطباء، وبدت عليهم علامات الكآبة التي خلفتها صور الرعب التي تطاردهم ليل نهار.
وقال مدير المستشفى سائرا بين المرضى الذين وقفوا في طابور، ومعظمهم من النساء مع عدد محدود من الأطفال، إن “مستشفانا يستقبل بين ثمانين ومائة مريض في اليوم”.
وأضاف “يعاني بعضهم يأسا شديدا خصوصا بعد لجوئهم إلى أشخاص يعتمدون الشعوذة، حتى بات مجيئهم إلى المستشفى آخر المطاف بالنسبة إليهم”.
وأشار إلى أن ما يعانيه جميع المرضى واحد، كالقلق والكآبة والغضب وفقدان الشهية والأرق والانفعالات الشديدة.
أحد المرضى غازي لعيبي (53 عاما) بدا محطما بعدما فقد اثنين من أبنائه في انفجار سيارتين مفخختين.
وقبل أن تحتل القوات الأمريكية العراق عام 2003 وتطيح بالرئيس الراحل صدام حسين عانى لعيبي الأمرين، فقد بقي أسير حرب لدى إيران لسبعة أعوام بعد ثمانية أعوام من القتال خلال الحرب العراقية الإيرانية في أواخر الثمانينات.
ولم يتوقع مواجهة أعمال عنف وحشية بعد احتلال بلاده، وخصوصا ان الإدارة الأمريكية وعدت بانها ستنقذ العراقيين من الظلم والعنف.
وقال لعيبي ل “فرانس برس” ودموعه تسيل “انفجرت سيارة مفخخة قرب محلنا التجاري في نوفمبر/تشرين الثاني ،2005 فقتل ابني داخل المحل في منطقة الشعب” ذات الأغلبية الشيعية.
وأضاف بألم شديد “بعد أربعة أشهر، فجر انتحاري سيارته قرب المحل ايضا فقتل ابني الآخر (...) كان يقف عند الباب حين اصابته شظية في رأسه”.
وتابع “لا اصدق أنهما رحلا ولن يعودا، كل يوم أرى صورهما أمامي”.
المصدر: أ ف ب
إضافة تعليق جديد