العقـوبات خطـوة أولى نحـو «حـرب إيـران»؟
ينظر العديد من الخبراء والمحللين والسياسيين، الى القرار الاميركي بفرض عقوبات على الحرس الثوري الايراني، على انه خطوة «أقرب الى الحرب»، تحاكي الاستعدادات التي سبقت غزو العراق، علما ان الخطوة الاميركية تأتي في ظل تصعيد خطابي شديد اللهجة تجاه طهران، التي تحاول الخروج من فلك التهديدات عبر الاستخفاف بها والتأكيد في الوقت ذاته على جهوزيتها العسكرية.
وعمدت وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس امس، الى الدفاع عن العقوبات الجديدة ضد الايرانيين. وقالت «لا يمكن للمجتمع الدولي ان يجلس مكتوف الأيدي الى ان نواجه خيارات بغيضة. وصول السلاح النووي الى ايران سيفقد أكثر مناطق العالم تفجرا، الاستقرار». وأقرت بوجود بعض الخلافات مع موسكو، لكنها قالت ان بقاء إيران دولة «غير مسلحة نوويا» هدف اميركي روسي، محذرة من انه «اذا واصل (الايرانيون) اختيار التحدي، فسيصبح الامر عندئذ اكثر قساوة».
بدوره، رفض البيت الابيض إقامة اي مقارنة بين سياسته الحالية حيال ايران وتلك التي أدت الى غزو العراق. وقال المتحدث طوني فراتو «لا اعتقد انه في إمكاننا اقامة اي مقارنة وقلنا مرارا.. اننا مصممون على اتباع طريق الدبلوماسية.. لن نستبعد أبدا اي خيار لكن النهج الدبلوماسي» هو الخيار الحالي الولايات المتحدة.
في مقابل ذلك، تؤكد طهران انها ستمضي قدما في سياستها النووية من دون الرد على العقوبات التي تعد «اجراء معاديا» اضافيا. وقال الامين العام الجديد للمجلس الاعلى للامن القومي سعيد جليلي وممثل مرشد الجمهورية في المجلس الاعلى علي لاريجاني «عملنا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيستمر من خلال الصبر والتحمل.. الاوروبيون قالوا لنا أن نواصل ولا نرد على التصرفات الاميركية الشريرة»، معتبرين ان «اميركا تفرض العزلة فقط على نفسها».
ورأى المستشار الاعلى لمرشد الجمهورية لشؤون القوات المسلحة، اللواء يحيى رحيم صفوي، ان الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها بمهاجمة إيران، على اعتبار انها تواجه ثلاث مشكلات، أولاها «عدم معرفة الرد الايراني»، وثانيتها «ارتفاع أسعار النفط عند أول شرارة»، وآخرتها «هاجس موضوع اسرائيل». وكان قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري أكد في وقت سابق ان طهران جاهزة لاي هجوم، وأن «الاعداء لا يستطيعون شيئا وتصريحاتهم ليست سوى عبارات طنانة لا اعتبرها تهديدات».
وقد انضمت الصين الى روسيا في رفضها للخطوة الاميركية، معتبرة ان العقوبات «ستعقد الوضع ولن تساهم في التوصل الى حل سلمي» للأزمة النووية الايرانية، في وقت أعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن «قلقه الشديد من التقدم النووي الايراني»، آملا في الوقت ذاته بإيجاد الحل السلمي المناسب للمسألة.
ويجمع عدد من الخبراء والمحللين والسياسيين، على ان الخطوة الاميركية بفرض عقوبات على إيران، تعد مؤشرا اضافيا على طريق الحرب. وقال رئيس المجلس القومي الاميركي الايراني والمعلق على شؤون الشرق الاوسط تريتا باريس، ان رايس «تلعب في مركز الدفاع» وتخسر الحرب امام «صقور ايران». وأضاف «هذا القرار يدفع ايران والولايات المتحدة الى نموذج من العداء يجعل من الصعب بشكل اكبر على الإدارات المقبلة حل مشكلات واشنطن مع طهران... في كل مرة تتحدث فيها (رايس) سعيا الى تهدئة الصقور، تقوض احتمالات الدبلوماسية».
ورأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة تكساس منوشهر دوراج، ان العقوبات قد يكون لها هدف غير معلن. وأوضح «في حال لم يتجاوب الايرانيون، قد تستخدم ادارة بوش ذلك ذريعة للقول ان العقوبات لم تنجح في إقناع طهران بوضع حد لنشاطات تخصيب اليورانيوم وإن الخيار العسكري هو الخيار الوحيد الممكن».
في طهران ايضا، يقول الخبراء ان الخطوة الاميركية رفعت من حدة المواجهة الى مستوى أخطر. واعتبر الأستاذ الجامعي حميد رضا جلائي بور انه «اذا واجه احد الحرس الثوري، فمعناه انه يريد مواجهة الجمهورية». غير ان محللا ايرانيا رأى ان ردة الفعل الايرانية ستكون مدروسة وحذرة، موضحا انه «سيكون هناك الكثير من الكلمات القوية.. لكنني لا اعتقد انه سيكون هناك أي تحرك فوري.. سينتظرون ليتأكدوا اذا كان الأمر مؤذيا بالفعل».
وفور صدور قرار العقوبات، أعرب بعض الديموقراطيين المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة الاميركية، عن قلقهم من ان يكون البيت الابيض قد بدأ بالفعل مسيرة الحرب على ايران. وأبدى هؤلاء تخوفهم من انهم بدأوا يسمعون طبول الحرب على ايران تقرع مثلما حدث في فترة الإعداد لغزو العراق في العام .2003
وقال السيناتور الديموقراطي كريستوفر دود «أشعر بقلق عميق من ان الرئيس يميل مجددا الى العمل العسكري كملاذ أول». كما أعرب المرشح الديموقراطي السيناتور باراك اوباما عن أسفه من قرار العقوبات، فيما هاجم دود وآخرون السيناتور هيلاري كلينتون لموافقتها عليه.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد