"حملة إلكترونية" بالسعودية تواجه غلاء المعيشة وتحذّر من انتشار الجوع
شارك نحو 6 آلاف سعودي في حملة إلكترونية منظمة، لمقاطعة الشركات التي ترفع أسعار منتجاتها، وذلك في الوقت الذي نادى فيه خبراء اقتصاديون بضرورة التحرك لاحتواء أزمة الغلاء المعيشي باستراتيجية وطنية وربط ارتفاع الأجور بالتضخم.
وتسببت ظاهرة الغلاء المعيشي في السعودية، بحسب تقرير حديث للإدارة العامة للتموين بوزارة التجارة، يارتفاع أثمان الأطعمة والمشروبات بنسبة 7.7%، والإيجارات والترميم بنسبة 4%، بينما ارتفعت الرعاية الطبية بنسبة 2.1%.
وتحدث أحد المشرفين على منتدى "مقاطعة" الإلكتروني موضحا "أن الموقع تم تأسيسه نتيجة الخوف من الجوع والهلاك، بعد الارتفاع الخيالي في أسعار المنتجات الغذائية والمعيشية؛ إذ تجاوز ارتفاع بعضها 50%".
وأضاف "تضامنا مع المواطنين والمقيمين، وللوقوف أمام جشع التجار، ولتوعية المستهلك بالمنتجات التي رفعت أسعارها بدون وجه حق، وإيجاد بدائل أخرى محافظة على أسعارها ودعمها، ولإيصال صوتنا لمن يهمه الأمر، تعاضدنا لافتتاح الموقع الذي يستضيف ما يربو على 6 آلاف مشارك في الحملة المنظمة ضد جشع التجار والشركات".
وعن هوية المقاطعين يقول "إنهم مجموعة من أبناء الوطن، لا يرتضون الاستغلال والجشع، ويؤدون دورهم في محاربة الظاهرة بزيارة الأسواق ومراقبة الأسعار والسلع التي ارتفعت أثمانها والإعلان عن مقاطعتها".
أما أسباب ارتفاع الأسعار، فتعزوها مديرة مركز سيدات أعمال غرفة المدينة د. عزيزة الأحمدي إلى غياب حماية المستهلك، واستخدام وزارة التجارة لغة الأرقام التي لا يفهمها البسطاء.
وتضيف "نحتاج إلى استراتيجية قومية تتصدى للغلاء يساهم فيها المواطن، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات، فالتجار يبحثون عن الربحية، وتغيب عنهم ثقافة الدورة الاقتصادية الكاملة، متناسين تعرض الطبقة المتوسطة للتآكل وتحولها إلى فقيرة، بحيث لن يجد هؤلاء من يشتري منهم، فالتضخم سريع، ولا بد من مقاومته بربطه برفع الأجور، وأن يعي الجميع مسؤوليتهم الاجتماعية من تجار ومسؤولين ومواطنين".
وزادت الأحمدي "يتناقض تفاقم الغلاء مع أهم بنود انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية، التي تنادي بمبدأ التنمية الاجتماعية المستدامة، مع انعدام حس المسؤولية الاجتماعية التي تؤسس لفكر إداري يحقق مساهمة الشركات في بناء المجتمع وليس تقويضه".
ويرى القانوني والكاتب الصحفي المختص في الاقتصاد طلال الدعجاني "أن الحل يبدأ باستراتيجية وطنية لعلاج الأسباب المؤدية لرفع الأسعار، وضبطها محليا بتسعير السلع، خاصة الأساسية منها".
ويستطرد "كما يجب إيجاد نص صريح يعتبر رفع الأسعار مخالفة توجب عقوبة محددة على مرتكبها، ليتاح للمواطن المتضرر اللجوء للقضاء لرفع دعواه في حال عدم تدخل هذه الجهة أو تلك، وتفعيل نظام المنافسة الذي نص على عدم السماح بأي اتفاق خطي أو شفهي أو ضمني بين التجار، ومنع تصدير بعض المنتجات إذا كان التصدير سببا في رفع الأسعار وتعديل سعر صرف الريال مقابل الدولار".
أما الكاتب بصحيفة "اليوم" نجيب الخنيزي، فيتحدث عن تأثير عوامل داخلية وخارجية بالارتفاع الحاد في الأسعار، شمل كافة السلع الأساسية، من مواد غذائية بكافة أنواعها، ومواد بناء وعقار وإيجارات.
ويقول الخنيزي "إن تصريحات رئيس وأعضاء مجلس الشورى وتحذيرات وزير التجارة تفيد أن هناك عوامل داخلية، تتمثل في التلاعب والاحتكار من قبل بعض التجار والوكلاء والموزعين للمواد والسلع الأساسية، والسبب الرئيس في نظر العديد من الاقتصاديين السعوديين والأجانب، يعود لارتباط العملة الوطنية (الريال) بالدولار، مما يؤثر في زيادة الأسعار في ظل الانخفاض المستمر في قيمة الدولار إزاء العملات الأخرى".
ويتسأل الخنيزي "هل تحذو السعودية حذو بعض الدول الخليجية في اعتماد المعاير الاقتصادية والنقدية، وتتجاوز المعايير السياسية، وبالتالي فك ارتباط عملتها بالدولار، واللجوء إلى سلة عملات من بينها الدولار، وترك عملتها حرة تتحدد أسعارها حسب السوق، وهل نشهد سن أنظمة وتشريعات جديدة وتقوية المؤسسات الرقابية الحكومية والأهلية للحد من التلاعب واحتكار الأسعار من قلة من الجشعين والمتلاعبين بقوت الشعب؟".
يشار إلى أن تحركا حكوميا لتطويق الأزمة جسده الملك عبد الله بتوجيه وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، لرفع تقارير أمراء المناطق في المملكة عن الظاهرة، حسبما نقلته "واس" عن وزير الداخلية أخيرا؛ إذ تناول الاجتماع السنوي لأمراء المناطق ظاهرة الغلاء.
وقال الأمير نايف "يجب أن تسهم وزارة التجارة في نشر الحقائق للمواطنين والملك عبد الله في جلسة مجلس الوزراء كلف وزارة الداخلية وأمراء المناطق برفع تقارير فورية عن الظاهرة وسيستعان بمسح ميداني وبالأجهزة الحكومية المعنية بالأمر ويتم التفاهم مع وزيري التجارة والإعلام عن أهمية عقد برامج إعلامية توضح الحقائق للمواطنين، ويكون هناك قنوات اتصال معهم ومتخصصين في الاقتصاد لمناقشة الظاهرة".
بدوره، وفي تصريح لـ"واس"، هدد وزير التجارة د. هاشم يماني بتطبيق أقصى العقوبات بمن يحاول الإضرار بمصلحة المواطن، وشدد على أن وزارته ستحمي حقوق المواطنين من جشع التجار خلال اجتماعه مع عدد من المستوردين.
أسماء المحمد
المصدر: العربية نت
إضافة تعليق جديد