أنابوليس مسرحية من بطولة بوش وأولمرت و" إخراج "العرب

لطالما لعب العرب دور الكومبارس في الساحة الدولية وكانوا محل الفعل لدول أخرى كالكومبارس الذين يُؤتى بهم في الأفلام الأمريكية فقط ليضربوا من قبل البطل الشجاع

سقطت أمريكا في المستنقع العراقي وحاولت عبثاً الخروج منه وحاولت إلقاء تهمة مأزقها في العراق على دول الجوار وجربت مع تلك الدول تارة الترهيب وتارة الترغيب لكن دون جدوى وعقدت مؤتمرات عدة لدول الجوار بغية الخروج من النفق المظلم الذي أدخلت نفسها فيه ولم تتوصل إلى نتيجة

لقد تغيرت شروط اللعبة ولم تعد أمريكا القوة العظمى الوحيدة التي لا ينازعها أحد على عرش العالم فالصين التي كانت فيما مضى تمتنع عن التصويت في كل جلسة لمجلس الأمن لاتخاذ قرار في أي بقعة في العالم لم تعد كذلك وهي كانت تمتنع عن التصويت في الفترة السابقة لأنها كانت تبني قوة اقتصادية وعسكرية وكانت تلتزم سياسة الحياد حتى لا تُغضب أي دولة في العالم فتغلق فيما بعد حدودها أمام البضائع الصينية أما الآن وقد حصل للصين ما أرادت التفتت إلى الجانب السياسي وصارت تدغدغ أمريكا في مناطق عدة فالدول الصناعية تعتمد بشكل أساسي على النفط الذي بدأ يشح وبالتالي الدولة القوية هي التي تستطيع ضمان تدفق النفط إلى خزاناتها الإستراتيجية مما يعني استمرار حركة الإنتاج فيها وبالتالي امتلاك السوق العالمي أي أن الموضوع صار بالنسبة للدول الصناعية الكبرى مصيرياً ومسألة استمرار وجود

لذا رأينا أن الصين تدخلت في دارفور ولم تسمح لأمريكا بالتهام الكعكة النفطية هناك وهي الآن شكلت معسكراً جديداً ولو بشكل غير معلن لمواجهة أطماع أمريكا ولم تعد تقبل بأن تأخذ أمريكا كل ما تريد وهذا المعسكر يتكون من الصين والهند وروسيا وإيران لذا بتنا نرى اليوم أن روح الدولة العظمى بدأت تدب في روسيا من جديد ولم تعد تقبل بأن تكون محاصرة في عقر دارها بمنظومة صاروخية أمريكية وبما أن العلاقات الدولية تحكمها المصالح وخاصة الاقتصادية فإن دولاً إقليمية أخرى باشرت بفك رموز الخريطة الجديدة لموازين القوى التي بدأت تطفو على السطح وتغيرت مواقع تلك الدول من التحالف مع أمريكا إلى الخروج من تحت العباءة الأمريكية شيئاً فشيئاً وهذا ما حصل مع باكستان الذي فضح رئيسها تهديدات واشنطن له بأنها ستمسح باكستان من على خريطة العالم إذا لم تقف معها في حربها على الإرهاب وهذه بالطبع قمة الديمقراطية الأمريكية التي بشرت العالم بها وبدأ التقارب مع الهند والصين ومن خلف الكواليس مع إيران فأحست أمريكا بأن مشرف بدأ يفلت من يدها فاستحضرت له معارضين سابقين ( بوتو – نواز شريف ) وخلقت له قلاقل أمنية وهزت عرشه وهذا الأمر ينطبق على تركيا التي أمسكت أمريكا من يدها التي تؤلمها " العراق " فاستنفرت الإدارة الأمريكية لثني تركيا عن قرار دخول شمال العراق لأنها تعلم أن دخول تركيا شمال العراق سينسف كل مخططاتها ويفجر كل تحالفاتها مع الأكراد لذا سارعت رايس إلى أنقرة وطالبت بحل سلمي وأعلنت أن حزب العمال الكردستاني عدو لأمريكا بنفس الدرجة وتعهدت لهم ببذل كل الجهود لطرد حزب العمال من شمال العراق

وهكذا انتقلت أمريكا من سياسة الغطرسة والفرض إلى سياسة الرجاء والاستجداء

لكنها مع ذلك بقيت قوية مع العرب لأنهم ضعفاء متفرقون وبقيت أمريكا في قاموس الدول العربية قوة عظمى يجب الخوف منها وتنفيذ رغباتها خوفاً من بطشها

هذا هو واقع أمريكا اليوم لذا لجأت أمريكا إلى مؤتمر أنابوليس لتصوير جورج بوش الذي يتوهم أنه يشبه رجال ال ( cowboy) وهو في نظري مجرد (donkeyboy (  كبطل سلام بعد أن فشل كبطل حرب وهكذا يخرج بوش من البيت الأبيض بإنجاز ما أو شبه إنجاز بعد أن أطاحت حرب العراق بكل طموحاته المجنونة ولم يعد يريد سوى الخروج المشرف من البيت البيضاوي وبالطبع فإن قضية الشرق الأوسط المركزية هي الصراع العربي – الإسرائيلي فأتى بالكومبارس العربي ليكون شاهد زور على مؤتمر لا ناقة للعرب فيه ولا جمل بل على العكس هم الأضحية التي ستذبح في أنابوليس ويولم عليها بوش وأولمرت وسيساهم هذا المؤتمر في تعزيز الانقسامات العربية وسيضيع الحقوق العربية وأقسم بأن المعتدلين العرب لم يبحثوا في جدول أعمال المؤتمر ولم يحضّروا أرضية للتفاوض لأن المطلوب هو الحضور فقط والتصفيق لبطل السلام الموهوم " جورج بوش " بعد أن وقفوا معه في كل مراحل حياته السياسية منذ حملته الانتخابية التي مولها السعوديون إلى مساندته في حرب وخرب العراق وتلميع صورته في إعلامهم السام الذي ينطق بلسان العم سام وهم سائرون معه إلى آخر المشوار ولكن مهلاً لأن جورج بوش يسير إلى مزبلة التاريخ وسيرجمه الأمريكيون قبل غيرهم لأنه أضاع أموالهم وشبابهم في مشاريع خاسرة إلا إذا كنتم راغبون في مرافقته إلى مزبلة التاريخ.

ليث علي

مقالات أخرى للكاتب:

الحكومة للمواطن: اغضب كما تشاء، المواطن للحكومة: إني أغرق أغرق