السنيورة يرد على نصر الله ويتهمه بالعمل على تغيير «النظام»
اعتبرت مصادر حكومية لبنانية أن كلام السيد حسن نصر الله الذي ورد في مقابلته مع محطة (إن.بي.إن) كشف حقيقة المشروع الذي يحمله حزب الله للبنان، «والذي يقوم على تغيير كل مرتكزات النظام السياسي اللبناني نحو نظام سياسي آخر، يكون للحزب فيه حق الفيتو أو السيطرة على كل شيء، ضارباً عرض الحائط كل الأسس التي قام عليها النظام الديموقراطي البرلماني اللبناني».
وقد عمم المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة رد هذه المصادر على السيد نصر الله على النحو الآتي:
قال السيد نصر الله بصراحة إن استمرار الوضع على ما هو عليه أفضل بكثير من التسليم للأكثرية بأن تحكم كما تريد باعتبارها أكثرية وصلت بشكل ديموقراطي وعبر الانتخاب، والتي تتم محاسبتها مستقبلاً عبر انتخابات مقبلة كما هو معمول بالأنظمة الديموقراطية. لقد كشف السيد نصر الله بموقفه هذا أن حزب الله لا مانع لديه من استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية حتى يحصل على المطالب التي يريدها والتي سماها الثلث الضامن أو المعطل وغلّفها بشعار المشاركة، لكنه شرحها بقوله إن الحصول على هذا الثلث يعني الحؤول دون التوطين، ومعالجة العلاقة مع سوريا، ومعالجة موضوع سلاح المقاومة والاتفاق على السياسة الاقتصادية والاتفاق على تركيبة ونهج المؤسسات العسكرية والأمنية وإقرار قانون الانتخابات. بطريقة أخرى قال السيد نصر الله إنه يريد أن يكون صاحب القرار بكل هذه القضايا وأنه لن يوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، إلا بعد أن يضمن حق التقرير في مصير هذه الملفات، أي عملياً هو يريد استمرار حالة الفراغ إلى حين البت بهذه الأمور.
أضافت المصادر الحكومية: إن السيد نصر الله كشف من دون أن يدري أن هدف حزب الله تغيير النظام اللبناني، ونسف أسس اتفاق الطائف، في ذات الوقت الذي قال فيه إنه ليس مع تعديل الطائف في هذه المرحلة، وقد ظهر ذلك عبر النقاط التالية في حديثه:
ـ هو قال إنه لا يريد تغيير الطائف، لكنه طالب بعرف جديد يقوم على إقرار مبدأ تشكيل الحكومات حسب النسب التي تتشكل منها الكتل النيابية في مجلس النواب. وهذا أمر مناقض تماماً لروح وجوهر الدستور القائم على مبدأ الأكثرية والأغلبية ويطيح كلياً بأسس النظام الديموقراطي البرلماني اللبناني ليتجه به نحو النظام الفدرالي. وهو في هذه الحالة يُحيل الحكومة إلى نسخة مصغرة عن مجلس النواب، ويطيح بالمبدأ الذي يقول بالفصل بين السلطات ويعطل المبدأ الديموقراطي القائم على المحاسبة في البرلمان.
ـ قال إنه لا يريد تغيير اتفاق الطائف، لكنه لا يقبل أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية إلا بعد الإقرار بالمبدأ الذي اسماه الثلث الضامن، وهذا أمر لا ينص عليه الدستور، بمعنى أنه اقترح تثبيت عرف جديد يقوض الطائف والدستور الذي لم يضع شروطاً لتشكيل الحكومة بل يطيح بكل الصيغة الفريدة التي ارتضاها اللبنانيون.
ـ إن حزب الله عبر كلام السيد نصر الله يريد إبقاء البلاد بحالة الفراغ إلى أن يحصل على مطالبه، وهو يفعل ذلك مقابل وعد بأنه مستعد لمناقشة موضوع سلاح المقاومة وذلك إثر الخضوع لهذه المطالب، أي انه بذلك يمسك بالسلاح الموجود لديه، ويريد من خلاله تغيير أسس النظام اللبناني وذلك مقابل وعد بالنظر بموضوع السلاح بعد تحقق شرط الاتفاق على ممارسات سياسية جديدة مخالفة لدستور الطائف وكذلك الاتفاق على الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسة والاقتصادية والعلاقات مع سوريا...الخ.
ـ كشف السيد نصر الله في حديثه شروطاً جديدة منها أنه يريد في الحكومة المقبلة تمثيلا لأطراف غير ممثلة في البرلمان، حين أشار إلى انه يجب أن يكون هناك ممثلون في الحكومة عن السنة والدروز الموجودين في المعارضة.
ورأت المصادر الحكومية، ان حديث السيد نصر الله حمّال أوجه. فهو مع قوله إن الحزب لا يريد استخدام السلاح إلا للدفاع عن لبنان بوجه إسرائيل، إلا انه المح إلى أن الحزب الذي سيعمد مع المعارضة بعد عشرة أيام إلى دراسة الخيارات البديلة للمواجهة التي أسْماها مدنية، لكنه في ذات الوقت هَدَّد بطريقةٍ غيرِ مباشرة بأنّ حزبَ الله ليس وحده على الساحة، وليس وحده القوة الوحيدة على الأرض، وأنّ الأُمورَ يُمكنُ أن تُفْلِتَ عن السيطرة، ما يعني أنه يقول إنه وفي أحسن الأحوال قد يَغُضُّ النظر عن قوى في المعارضة تريد استخدام العنف في النزاعات الداخلية، لكنه تجاهل أن كل القوى الأخرى تدور في فلكه وتتسلح وتتدرب وتُموَّلُ بإشرافٍ منه.
وأضافت المصادر الحكومية أن السيد نصر الله ناقض نفسه بنفسه. فهو أعلن أن الحزب مستقل عن إيران، بل ذهب إلى القول إن الحزب بات مؤثراً في السياسة الإيرانية وليس العكس، متناسياً خطابات قيادات الحزب وأدبياته وممارساته التي تقول وتلتزم بولاية الفقيه وبالتالي بالتوجيهات الآتية من إيران.
وبرأي المصادر الحكومية إن السيد نصر الله قد كشف عن عمق التماهي مع سوريا ،حين اعتبر أن سوريا قد ضحّت في سبيل المعارضة بأنها رفضت المغريات الغربية وفضّلت رفض هذه المغريات للوقوف عند رأي المعارضة ومطالبها، فيما الصحيح أن حزب الله سلم سوريا وإيران كل ملف التفاوض. وهو لكي يبرر إحالة ملف التفاوض إلى العماد ميشال عون بعد سحبه من يد الرئيس نبيه بري، اعتبر أن الرئيس بري هو الذي طلب أن يتنحى عن التفاوض لمصلحة تسليم هذا الملف إلى العماد عون، بمعنى آخر، فكأنه هو الذي قال للرئيس بري إنك لم تعد مسؤولاً عن التفاوض باسم المعارضة، وهو بذلك يقول إن الذي يفاوض في حقيقة الأمر هي سوريا أما في الشكل فهو العماد عون.
وتعتبر المصادر الحكومية أن السيد نصر الله الذي ينادي بالشراكة اعتبر أن المشكلة هي مع الولايات المتحدة الأميركية وليس مع قوى الأكثرية. لكنه اعتبر أن هذه القوى خاضعة للإرادة الأميركية، فكيف ينادي بالشراكة الوطنية ويضع الآخرين مسبقاً في الخانة الأميركية وخانة المشروع الأميركي؟
الأخطر من ذلك أن السيد نصر الله استخدم موضوع التوطين واعتبر أنّ مطالبته بالثلث الضامن في الحكومة لمواجهة مشروع التوطين، وهو بذلك يحاول أن يسترضيَ المسيحيين وتبرير إبقاء الفراغ في سدة الرئاسة الأولى بالقول إنه يعملُ لمُكافحة التوطين، مع العلم انّ كلَّ اللبنانيين قد أعلنوا أكثر من مرة أنهم ضد التوطين، وهذا أمر ارتضاه اللبنانيون أن يكونَ من ضمن دستورهم. فلماذا الاستمرارُ في استعمال هذا الأمر فَزّاعةً لإثارة الفتنة. إضافةً إلى ذلك أليس من المستغرَب أنّ السيد نصر الله وحزب الله هما اللذان يحميان الوجود الفلسطيني المسلَّح داخل المخيَّمات وخارجها. وقد كانت مواقفُ السيد نصر الله بخصوص نهر البارد واضحةً حين وضع خطوطاً حمراً أمام الجيش اللبناني الذي كان يخوض معركة مكافحة إسقاط سلطة الدولة في الشمال من خلال مواجهة التمرد المسلح الذي قامت به فتح الإسلام بحجة القضية الفلسطينية، وأكد على نفس مواقفه في حديثه البارحة.
واعتبرت المصادر الحكومية أنّ كلامَ السيد نصر الله عن أن مشاركتهم في الحكومة أحالتهم إلى شهود زور، وأنهم لم يكونوا مطلعين على الخطط الاقتصادية أو على الخطط بشأن قطاع الكهرباء أو الزراعة أو غيرها... هو من قَبيل الدعاية غير المقنعة، إذ أن البرنامج الاقتصادي كان قد وضع بمشاركتهم وموافقتهم منذ البدء عند وضع البيان الوزاري وتمت مشاركتهم في مناقشة تفاصيل البرنامج، حتى في الفترة التي كانوا فيها معتكفين حيث ساهموا في الجلسات النقاشية التي عقدت في السرايا الحكومية مطلع عام ,2006 كما كان لهم كامل المسؤولية في وضع السياسات القطاعية التي هي من صلب مهامهم الوزارية حيث اعتمدت الحكومة سياسة قطاع الطاقة التي تقدم بها الوزير محمد فنيش. كما وافقت على المشروع الذي تقدم به وزير الطاقة يومها محمد فنيش لمعالجة قطاع الكهرباء، وكل الاجتماعات التي كانت تُعْقَدُ كانت بحضوره وعلمه ومشاركته أو مشاركة مستشاريه وفريق عمله، وكان آخرها مشروع قانون يسمح لوزارة الطاقة إصدار تراخيص لخصخصة قطاع الإنتاج في الكهرباء الذي أقره المجلس النيابي في جلسته الأخيرة في نهاية عام .2006 كما اعتمدت الحكومة الخطط القطاعية الأخرى لوزارات الزراعة والعمل والتي كانت قد وضعت من قبل الوزراء المعنيين بعد مناقشتها في مجلس الوزراء.
واستغربت المصادرالحكومية الكلام الخطير الذي يبرر من خلاله السيد حسن نصر الله صوابية التعطيل مبرراً ذلك بأنه يدافع عن القطاعات الإنتاجية والعمال والموظفين، وهو يعلم كل العلم مدى التأثير السلبي لتلك الممارسة على إيجاد فرص العمل الجديدة وهي التي تراجعت بسبب هذا التشنج السياسي، وعن الاعتصام في وسط المدينة وأسهمت وبشكل كبير في حصول الهجرة الكثيفة للأدمغة، ناهيك عن تراجع النمو الذي ينعكس سلباً على القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود والفئات الفقيرة والذي تزيد تلك الممارسات من تهميشها. وهو بالإضافة إلى ذلك ينتقد الحكومة التي أمنت للبنان دعماً فاق السبع مليارات دولار بناء على برنامج اقتصادي واجتماعي شامل وطموح، وحافظت على الاستقرار الاقتصادي والنقدي في أصعب الظروف وأمنت الدعم للمواد الأساسية من خبز ومازوت وكهرباء وغيرها، من دعم لقطاعات كالزراعة والصناعة وللمؤسسات التي تضررت بسبب العدوان الإسرائيلي، وأمنت المساعدات لأكثر من مئة ألف وحدة سكنية في الجنوب والضاحية وغيرها وأعادت بناء الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس وغيرها من البنى التحتية.
وأشارت المصادر الحكومية الى ان التعطيل الذي أصاب المجلس النيابي قد فوت فرصاً كبيرة على لبنان أدت إلى تعطيل الاقتصاد والقطاعات الإنتاجية وعطلت مشاريع تستفيد منها المناطق اللبنانية كافة، ناهيك عن أنها عطلت الإجراءات التي كانت لو اتخذت لأدت إلى تخفيف انعكاسات حرب تموز على كاهل المواطنين وعلى الاقتصاد ومستقبل تطوره.
وحذرت المصادر الحكومية من خطر استمرار التعطيل على مستقبل الاقتصاد اللبناني الذي يخسر فرصاً كبيرة من الاستثمارات الجديدة التي كانت ستتحول إلى فرص عمل جديدة لشباب لبنان، وإلى تحسين في مستوى ونوعية معيشة اللبنانيين.
واستخلصت المصادر الحكومية، أن السيد نصر الله بات مع كل ظهور يحدد موعداً للبنانيين مع القلق وينذر باستمرار الأزمة. فبعد أن كان قد اعتبر في إطلالةٍ سابقة أنّ الشرط هو شخصية الرئيس التي تعتبر ضمانة جاء في هذه الإطلالة ليعتبر أن الشرط هو الاتفاقُ على سَلّةِ الشروط ليخْتِمَها في حديث الأمس بإبلاغ اللبنانيين إنّ الفراغَ مستمرٌّ إلى أن يُحْكِمَ سيطرتَهُ على لبنان وعلى الدولة ولو حتى على أشلائهما.
وختمت المصادر الحكومية بالقول إن من يريد الشراكة الحقة يبحث عن الحلول الوسط لا عن إعلان الشروط والتمسك بها، فالشراكة لا تكون بالغلبة ولا بالبحث عن تسجيل الانتصارات، بل بالبحث عمّا يحقق مصالح الجميع عبر تبادل الخطوات من كل الأطراف، فالشراكة يجب أن تكون متبادلة من جميع الأطراف، كما أن تمسك كل طرف بوجهة نظره لا توصل إلا إلى الخراب الذي سيطال الجميع.
من جهته عقب نائب وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وعضو الكنيست عن حزب العمل أفراييم سنيه أمس على أقوال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وقال أن لا معلومات لدى إسرائيل حول احتجاز حزب الله أشلاء جثث جنود إسرائيليين.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن سنيه قوله أن «لا معلومات لدى إسرائيل عن أن حزب الله يحتجز أشلاء جثث لجنود الجيش الإسرائيلي».
من جهة أخرى نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مسؤول رفيع في الحكومة قوله إن إسرائيل «لا تزال ترى بحكومة لبنان أنها المسؤولة عن مصير وسلامة الجنديين الأسيرين» ايهود غولدفاسير وإلداد ريغف اللذين أسرهما حزب الله في هجوم نفذه في 12 تموز/يوليو عام .2006
وأضاف المسؤول ذاته أن «نصر الله يعرف جيدا أن الاتصالات لتحرير غولدفاسير وريغف ما زالت مستمرة».
من جهة أخرى نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن الرئيس شمعون بيريز قوله خلال جولة في بلدة المجيدل القريبة من مدينة الناصرة أن «الاتصالات لتحرير الجنديين المخطوفين مستمرة بشكل متواصل».
ورفض بيريز أقوال نصر الله خلال المقابلة التلفزيونية بأن إسرائيل تضــيع وقت المفاوضات المتعلقة بتــبادل أســرى بين حزب الله وإسرائيل والتي تجري بشكل غير مباشر عبر وسطاء. وأضاف «يبدو أن الاتصالات عالقة بنظره لأننا لا نوافق على ما يطلبه».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد