السعودية لا تريد عودة سجنائها من غوانتانامو
الجمل: برغم تزايد التقارير التي أزعجت الرأي العام الأمريكي والعالمي حول الأوضاع في معتقل غوانتانامو "السيئ السمعة" الذي أقامته القوات الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فإن المعلومات في الصحافة والإعلام العربي ما تزال شحيحة عنه، ومن سخرية القدر أن الأغلبية العظمى من المعتقلين في غوانتانامو هم من المواطنين العرب، وعلى وجه الخصوص السوريين، والخليجيين واليمنيين، والأردنيين.
- لماذا غوانتانامو وليس غيرها:
غوانتانامو هو اسم أحد الخلجان الصغيرة الواقعة على سواحل الجزيرة الكوبية، وعلى خلفية حل أزمة الصواريخ الكوبية الشهيرة التي حدثت في مطلع ستينيات القرن الماضي، تم الاتفاق بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وكوبا، على أن تقوم الولايات المتحدة بإقامة قاعدة عسكرية بحرية صغيرة في هذا الخليج مقابل عدم الاعتداء على كوبا المحميّة سوفيتياً آنذاك.
من المعروف أن القانون الأمريكي يتم تطبيقه ضمن سيادة أراضي دولة الولايات المتحدة، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية لن تستطيع الاحتفاظ بالمعتقلين لفترات طويل، أو القيام بأي تجاوزات خلال عملية استجوابهم، ولتفادي التعرض لأي مساءلة، فقد قامت السلطات الأمريكية بإقامة المعتقل في غوانتانامو التي لا تقع ضمن نطاق اختصاص سلطة القانون الأمريكي.
- من هم معتقلي غوانتانامو:
نشرت الكاتبة الأمريكية (آندي وورتبنفتون) على خلفية الصمت السعودي تحليلاً نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة أنتيوار الأمريكية، حمل عنوان (من هم سعوديو غوانتانامو).
أشار التحليل إلى النقاط الآتية:
• يوجد في المعتقل حالياً حوالي 281 شخصاً.
• برغم نجاح الضغوط الدولية في إطلاق سراح بعض المعتقلين، فإن هناك معتقلين جدد يتم ترحيلهم للمعتقل من أنحاء العالم الأخرى.
• الكثير من المعتقلين تم ترحيلهم عبر بعض الدول العربية.
• التصنيف النوعي للمعتقلين السعوديين الموجودين حالياً يشير إلى الآتي:
- مقاتلين عرب سابقين اعتقلتهم القوات الأمريكية في أفغانستان
- مشتبهين عرب اعتقلتهم السلطات الباكستانية في باكستان وسلمتهم للقوات الأمريكية
- الناشطين في مجالات الدعوة الإسلامية
- الناشطين في المنظمات الخيرية الإسلامية الموجودة في باكستان وأفغانستان.
- الناشطين في مجال المعونات والمساعدات الإنسانية ذات الطابع العربي الإسلامي.
• مفارقة ردود الأفعال:
توقعت الأوساط العالمية والعربية، والأمريكية نفسها أن يؤدي ملف معتقل غوانتانامو إلى أزمة دبلوماسية أمريكية- سعودية، وتحديداً سعودية، لأن المملكة السعودية كانت تمثل "أكبر جالية" موجودة تحت ضيافة وحوش وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وفروع التحقيق التابعة لوحدات أجهزة الاستخبارات العسكرية الأمريكية.
المعلومات التي تبارت وكالات الأنباء والصحف العربية نشرها عن أحوال معتقلي غوانتانامو وأفراد "الجاليات" السعودية والخليجية الموجودين فيه، برغم أنها هزت الضمير الإنساني العالمي، فإنه –ويا للغرابة- لم تحرك ساكناً في الصحف السعودية، المرموقة سعودياً والتي ظلت تركز اهتمامها في الترويج والتسويق للعداء لسوريا وإيران..
حتى الآن لا يوجد سبب معلن للسلطات الرسمية الملكية السعودية عن موقفها إزاء السعوديين المعتقلين في غوانتانامو، وحتى لا يتهمنا أحد بإزعاج سمو البلاط الملكي السعودي، فإننا نتساءل مجرد تساؤل عن مصير هؤلاء العرب السعوديين المسلمين:
لقد زار ديك تشيني السعودية، وزار بوش السعودية، وزارت رايس السعودية، وزار روبرت غاتز السعودية.. فهل تكرمت السلطات السعودية، ليس بإبداء الرأي والتعبير فقط عن الاستياء إزاء المعاملة القاسية التي وصفها الرأي العام الأمريكي بأنها غير إنسانية، ومهينة في حق هؤلاء المواطنين، وإنما بمجرد الاستفسار عن أوضاعهم وأحوالهم، وما هي الاتهامات الموجهة ضدهم، وهل بإمكان أسرهم مقابلتهم، وهل بالإمكان تفويض بعض المحامين، -حتى لو كانوا أمريكيين تابعين للمخابرات الأمريكية- بالدفاع عنهم!!
لا نسعى إلى إيذاء أو جرح مشاعر البلاط الملكي –هذه المرة على الأقل- ولكننا نعتقد بأنه تجاهل للسعوديين المعتقلين في غوانتانامو سيؤدي لخلق المزيد من الشكوك في مدى مصداقية السلطات السعودية في الدفاع عن حقوق مواطنيها.
وإضافة لذلك لا نريد أن نقول بأن هذا التجاهل قد يترتب عليه اتهام البلاط الملكي السعودي بأنه قد وجد في معتقل غوانتانامو وسيلة مريحة للتخلص من خصومه!!.. الذين وقعوا في قبضة إدارة الحليف جورج بوش المخلص.. والحريص على حماية النفط والمال والعرض والأرض من "الخطر الإيراني" و"المتطرفين العرب" (الذين تقودهم سورية وحزب الله اللبناني وحركة حماس)..
قد يقول البعض أن سائر الأنظمة العربية لم تهتم كثيراً بمعتقليها في غوانتانامو ولكن أحداً لن يقول أن أي نظام عربي يحظى بمثل هذه الرعاية والصداقة مع واشنطن بما يمكنه من إنقاذ رعاياه من بين براثنها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد