ما هي مؤشرات ودلائل نشاطات فروع الموساد في لبنان
الجمل: يعتبر جهاز الأمن الخارجي الإسرائيلي (الموساد) من أكثر الأجهزة الاستخبارية نشاطاً في العالم وتعتبر "عقدة الذنب والخوف" التي تتملك الكيانات اليهودية والصهيونية والإسرائيلية هي السبب المباشر الذي دفع إسرائيل إلى محاولة غزو العالم استخباراتياً والقيام بجمع المعلومات والتدخل بالوسائل المشروعة وغير المشروعة وصولاً إلى تحقيق أمن إسرائيل الوقائي الذي لن يتحقق أبداً.
* الموساد ولبنان:
نشر جهاز الموساد الإسرائيلي محطاته وفروعه في كل أصقاع الدنيا، وكثيراً ما سمعنا عن محطة الموساد في المكسيك ونيوزلندا وبانكوك وطوكيو وجنوب إفريقيا والسنغال، فهل أن الموساد لم ينجح في إنشاء محطته في لبنان؟
الأكثر توقعاً بالنسبة للحالة اللبنانية هو أن الموساد قد نجح في إنشاء عدد من المحطات وليس محطة واحدة وذلك لعدة أسباب أبرزها:
• الخلافات اللبنانية – اللبنانية المتصاعدة.
• الطبيعة الهشة لنظام الدولة اللبنانية القائمة على الانفتاح غير المحدد على القوى الخارجية خاصة أمريكا والغرب.
• طبيعة النخب السياسية اللبنانية والتي تعتمد الذرائعية مبدأ لخدمة المصالح الذاتية وتغليبها على مصلحة أمن الوطن.
• نفوذ العامل الفرنسي وتغلغل تأثيره في النسيج الاجتماعي – السياسي الخاص ببعض النخب اللبنانية.
تشير الحقائق التاريخية المؤكدة إلى استنتاج مفاده أن ما قام جهاز الموساد الإسرائيلي بتنفيذه في لبنان، لم يقم الموساد بتنفيذه في أي بلد في العالم ومن أبرز إنجازات الموساد:
• اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية في قلب العاصمة بيروت.
• عمليات الجمع الاستخباري للمعلومات عن كل كبيرة وصغيرة في لبنان.
• تزويد المليشيات اللبنانية بالسلاح والمال والعتاد.
• تجنيد جيش كامل من العناصر اللبنانية التي خاضت حرب الوكالة داخل الأراضي اللبنانية لصالح إسرائيل وبقيادة ضابط لبناني هو أنطوان لحد.
• تجنيد المئات من العملاء والجواسيس وبناء الكثير من الشبكات السرية والتي انكشف أمر بعضها خلال الفترة التي أعقبت انسحاب القوات الإسرائيلية منن جنوب لبنان.
• بناء الروابط والتفاهمات مع معظم الساسة اللبنانيين وعلى وجه الخصوص خلال فترة تولي الإسرائيلي يوري لوبراني لمنصب "منسق الشؤون اللبنانية" والذي كان في حقيقة الأمر ينسق بين الموساد الإسرائيلي وبعض الأطراف اللبنانية.
* الموساد الإسرائيلي في لبنان وتقرير ميشيل توتين:
نشر الصحفي الأمريكي ميشيل توتين تقريراً مثيراً للاهتمام حمل عنوان «فرع الموساد ببيروت» نشرته دورية إيست جورنال أشار فيه إلى النقاط التالية:
• قابلت لبنانيين قالوا بأنهم "ليسوا عرباً".
• يوجد لبنانيون يطالبون بنشر القوات الأمريكية في لبنان.
• تمثل الثقافة الفرنسية المثل الثقافي الأعلى لعدد غير قليل من اللبنانيين.
• يوجد لبنانيون يقولون أنه تم "تعريبنا" وفرض العروبة القسرية علينا.
• الكاتب اللبناني لويس نوبل حرفوش أشار إلى أن ميلاد المرء في الشرق الأوسط يجعل منه عربياً فاللغة العربية هي من بين اللغات "الإمبريالية" الرئيسية: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية التي انتشرت في العالم عن طريق الغزو والاحتلال.
• يوجد لإسرائيل الكثير من الحلفاء اللبنانيين ولكنهم غير قادرين على تحويل ذلك إلى اتفاقية سلام إسرائيلية – لبنانية بسبب حزب الله وحلفاءه.
وأضاف الكاتب الأمريكي قائلاً بأنه التقى اللبناني طوني نيسي الذي يعمل رئيساً لمنظمة غير حكومية تحمل اسم «اللجنة اللبنانية من أجل القرار الدولي 1559»، ومهام هذه اللجنة المثيرة للجدل والاهتمام تتمثل في:
• تقديم الاستشارات حول الاعتبارات المتعلقة بالقرار الدولي 1559.
• تنسيق الضغوط والحملات الهادفة إلى دعم جهود القرار الدولي 1559.
• التنسيق مع المجتمع الدولي.
• القيام بعمليات "اللوبي" لجهة الدفع باتجاه نزع سلاح حزب الله اللبناني.
• الدفع لجهة استبدال الإسناد الدولي لولاية قوات اليونيفيل ليكون على أساس الفصل السابع بدلاً من الفصل السادس.
والسؤال: أين وكيف توجد "محطة" أو "محطات" الموساد في لبنان؟
درجت الكثير من دول العالم على نشر أجهزة استخباراتها ضمن شبكة من الفروع الخارجية التي تطلق على نفسها تسمية "محطات" ومن الأساليب المتعارف عليها أن يكون مقر المحطة داخل سفارة الدولة، لتوفير مزايا الحماية الدبلوماسية لعناصر وأدوات وملفات وعمليات الإسناد الإداري واللوجستي الخاصة بالمحطة. أما في حالة عدم وجود العلاقات الدبلوماسية فإن أجهزة المخابرات تسعى إلى استخدام ما يعرف بـ"الغطاء" الذي يتيح للمحطة أن تعمل تحت نطاق تأمينه، بما يوفر الأمن والوقاية ويكسب المحطة مناعة وحصانة من خطر الانكشاف وافتضاح أمرها. لبنان، لا يرتبط بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل فكيف نجحت إسرائيل في تحقيق كل هذه الإنجازات الكبيرة في الساحة اللبنانية؟ وكيف تغلغل الموساد الإسرائيلي واستطاع تجنيد ضباط الجيش مثل أنطوان لحد وغيره وتجنيد السياسيين اللبنانيين مثل العميل "نور" وغيره.
تتطابق تجربة الموساد الإسرائيلي مع تجربة وخبرة وكالة المخابرات الأمريكية، وإذا كان هناك الكثير من "الشركات التجارية" والـ"منظمات غير الحكومية" ومكاتب الاستشارات ودراسات الجدوى، ووكلاء الشركات الأجنبية، فقد تبين أنها لم تكن سوى واجهات يعمل من وراءها عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فما هي الشركات والمكاتب الاستشارية والمنظمات غير الحكومية التي يستخدمها الموساد الإسرائيلي كواجهة وغطاء لإدارة دولاب أنشطته المتزايدة في الساحة اللبنانية؟
بالتأكيد لا يمكن أن نتوقع أن يغفل الموساد الإسرائيلي القيام بعملية التمويه والإخفاء الجيد للمنشآت والبنيات التحتية التي يستخدمها في إدارة دولاب عمله في لبنان. وما كان لافتاً للنظر في تقرير الصحفي الأمريكي الذي حاور فيه اللبناني طوني نيسي رئيس اللجنة اللبنانية من أج القرار الدولي 1559أن الصحفي الأمريكي:
• اختار لتقريره عنوان «محطة الموساد ببيروت».
• أشار إلى أن كل محطات التلفزة اللبنانية ترفض إجراء الحوارات والمقابلات مع طوني نيسي.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الصحفي الأمريكي قد علق مبدياً بعض ملاحظاته عند دخوله إلى مكتب طوني نيسي والتي كان أبرزها ".. قابلت طوني نيسي بمكتبه ببيروت، ولم أجد العلم الإسرائيلي معلقاً على الحائط ولا صوراً لإرييل شارون أو حتى جورج دبليو بوش، وقد انضم إلينا رفيقي الصحفي الأمريكي نواه بولاك من مجلة أزيور.."
نشر الصحفي الإسرائيلي عامير أورين المراسل العسكري لصحيفة هاآرتس الإسرائيلية تحليلاً قال فيه بأن العقيد الإسرائيلي مائير داغان كان في عام 1981م قائداً لمنطقة جنوب لبنان العسكرية، وفي ذلك الوقت حدثت سلسلة من الاغتيالات التي تمت عن طريق تفجير السيارات المفخخة والقنابل الزمنية، وتميزت تلك التفجيرات وعمليات الاغتيال بالغموض الشديد، والآن أصبح الجنرال الإسرائيلي نفسه مائير داغان رئيساً للموساد الإسرائيلي وهذا معناه وبكل وضوح حدوث سلسلة من التفجيرات والاغتيالات عن طريق تفجير السيارات المفخخة وغيرها في لبنان والتي على غرار سابقتها تتميز بالغموض الشديد، وما هو جديد في خبرة الجنرال الذي كان عقيداً هو أن حالة الغموض الشديد يتم استخدامها من أجل تلفيق الاتهامات ضد الآخرين طالما أن من المستحيل معرفة الجاني الحقيقي.
آخر المعلومات الواردة عن أنشطة الموساد الإسرائيلي في لبنان تقول بأن إسرائيلياً يحمل جواز سفر ألماني تم القبض عليه في لبنان، والتحقيقات كشفت عن علاقة هذا الإسرائيلي باثنين من عناصر قوى الأمن اللبنانية. وما هو مثير للدهشة والغرابة أن حكومة رئيس الوزراء فؤاد محمد السنيورة تنوي إطلاق سراح الإسرائيلي المقيم في لبنان بجواز ألماني (غطاء)، وأيضاً إطلاق سراح عنصري الأمن اللبنانيين تحت مبررات أن ثلاثتهم اعترفوا بأن ما يربط بينهم هو ممارسة الشذوذ الجنسي!!
وما لم يتم الاعتراف به أو حتى شك حكومة السنيورة فيه أن الإسرائيلي حامل الجواز الألماني قد دخل إلى لبنان بنفس الطريقة التي سبق أن دخلها سابقاً المقدم الإسرائيلي أهارون غولدبيرد إلى لبنان واستأجر شقة في منطقة عاليه، وكان يتردد عليه العميل "نور". ولكن لم يتم اكتشاف أمر الثنائي مثلما تم اكتشاف أمر الثلاثي الحالي.
تحدثت الصحف اللبنانية عن اعتقال الكثير من شبكات الموساد الإسرائيلي ولكن حتى الآن لم نسمع عن إجراءات المحاكمة لهذه العناصر، فمن يوفر الحماية لها؟ ومن هي "الأيادي الخفية" التي دربتها محطات الموساد الإسرائيلي وأصبحت أيادي مجنديها توفر الدرع والحماية لعملاء إسرائيل في الساحة اللبنانية وتحركاتهم بحراً وبراً وجواً ونهاراً في وضح الشمس بعد أن كانت ليلاً
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد