استياء دولي من ديبلوماسية البوارج الأمريكية في الأزمة اللبنانية
انتهزت روسيا أمس جلسة مشاورات مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن تنفيذ القرار ,1701 للتعبير عن استيائها من قرار واشنطن إرسال بوراجها الحربية الى مقربة من السواحل اللبنانية، ولمطالبة اللبنانيين بحل خلافاتهم بشأن الأزمة الرئاسية تقديرا منهم لمسؤولياتهم أمام بلدهم وأمام المجتمع الدولي الذي بذل جهودا عديدة لتسويتها.
واعتبر المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الذي ترأس بلاده مجلس الأمن للشهر الحالي، ان إرسال البوارج الأميركية لا يمثل «مساهمة بناءة تجاه الموقف الحالي في لبنان». ولفت الى انه أثار شخصيا القضية خلال الجلسة المغلقة بشأن القرار .1701 واوضح «أشرنا إلى حقيقة أن كل القوى السياسية اللبنانية عبرت عن قلقها لهذا التطور بما في ذلك رئيس الوزراء (فؤاد) السنيورة. ولقد ذكرنا ان مثل هذه التحركات تثير مقارنات تاريخية غير مرغوب فيها، ولذلك فإننا لا نرى ان مثل هذا التحرك يمثل مساهمة بناءة للموقف الحالي في لبنان».
وكان المندوب الأميركي زلماي خليل زاد قد فاجأ الصحافيين بعد خروجه من جلسة مجلس الأمن الخاصة بتنفيذ القرار 1701 بتقديمه لتقرير حول ما أسماه «التطورات الإيجابية» التي طرأت حتى الآن في مجال إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بملاحقة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك رغم ان قضية المحكمة لم تكن مطروحة على جدول الأعمال وليست لها علاقة بالقرار الدولي.
وقال خليل زاد ان التطورات التي يرغب في الإشارة اليها تتمثل في تعيين الكندي دانيال بيلمار مدعيا عاما للمحكمة وذلك فور انتهائه من مهمته كرئيس للجنة التحقيق الدولية المستقلة خلفا لسيرج برامرتز. كما قام الأمين العام للأمم المتحدة بإقرار تعيين 11 قاضيا كطاقم للمحكمة بينهم أربعة لبنانيين وسبعة دوليين. وأضاف أنه بشأن تمويل المحكمة، فلقد توفر لدى الأمم المتحدة حتى السادس من آذار 29.4 مليون دولار و3,21 مليون دولار بشكل تعهدات من الدول الراغبة في تمويل نفقات المحكمة. واعتبر خليل زاد ان هذه المبالغ «تفوق ما هو ضروري لنفقات العام الأول وتشغيل المحكمة».
وكشف أن أعضاء لجنة إدارة المحكمة حتى الآن تضم ممثلين لحكومات فرنسا وألمانيا ولبنان وهولندا وبريطانيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة. ومن المعروف أن لجنة إدارة المحكمة تضم الممولين الأساسيين لتكاليف تشغيلها. وكان لافتا للانتباه غياب أسماء دول كالسعودية والكويت والإمارات من لجنة إدارة المحكمة رغم ان مصادر مطلعة في الأمم المتحدة كانت قد أكدت أن هذه الدول ساهمت في تمويل المحكمة.
وبشأن قضية إرسال البوارج الأميركية إلى قبالة السواحل اللبنانية، قلل المندوب الأميركي من أهمية المسألة. ورد على تصريحات نظيره الروسي بالقول ان بلاده احتفظت دائما بقوات في البحر المتوسط لحماية مصالحها» وللتعامل مع أي موقف طارئ قد يتطور هناك».
وحول التقرير الذي قدمه إلى مجلس الأمن أمس وكيل الأمين العام للشؤون السياسية لين باسكوا حول تنفيذ القرار ,1701 وبحضور ممثل من إدارة قوات حفظ السلام وقائد قوات «اليونيفيل»، قال خليل زاد ان التقرير أشار إلى أمور إيجابية عديدة بشأن التقدم الذي حققته لجنة تقييم الحدود بين سوريا ولبنان وكذلك التعاون المتواصل بين الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» ودعوة بان كي مون إلى مواصلة دعم الجيش اللبناني، مشيرا في هذا الصدد إلى أن بلاده قدمت حتى الآن مبلغ 371 مليون للقوات المسلحة اللبنانية.
وفي تجاهل واضح لما نص عليه تقرير الأمين العام، زعم خليل زاد لدى استعراضه الإيجابيات، ان إسرائيل وفرت معلومات بشأن القنابل العنقودية التي ألقتها في عدوان العام 2006 على جنوب لبنان. وكان الأمين العام قد أشار بالفعل إلى أن إسرائيل قدمت معلومات في هذا الصدد، لكنه وصفها بأنها «معلومات ذات قيمة محدودة». وشدد على مطالبة إسرائيل بتوفير المواقع المحددة للقنابل العنقودية التي قامت بإسقاطها.
في مقابل ذلك، ركز خليل زاد هجومه كالمعتاد على «حزب الله» وسوريا وإيران. وقال إنه استغل مداخلته في النقاش الذي تلى تقديم باسكوا للتقرير من أجل «دعوة حزب الله وسوريا للتوقف عن تهريب الأسلحة» عبر الحدود بين لبنان وسوريا، قائلا ان ذلك يمثل خرقا للقرار.1701
وفيما أشار تقرير بان كي مون إلى مزاعم إسرائيل بشأن استمرار «حزب الله» في تطوير قدراته في الجنوب ومنطقة عمل «اليونيفيل»، التي قال انها «لم تعثر على أي أدلة مادية تؤكد هذه المزاعم» أو المزاعم الخاصة باستمرار تهريب الأسلحة عبر الحدود مع سوريا، فانه انتقد تصريحات الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بشن «حرب مفتوحة» ضد إسرائيل في أعقاب اغتيال القيادي عماد مغنية في دمشق، وكذلك قوله إن الحزب استعاد قدراته الصاروخية مقارنة بما كان عليه الوضع أثناء حرب صيف ,2006 وطالب سوريا وإيران بالتعاون لتنفيذ القرار .1701
وتناول المندوب الاميركي أيضا قضية الفراغ الرئاسي في لبنان، قائلا إن هذه القضية «مركزية». وأضاف انه رغم اتفاق الأطراف اللبنانية على مرشح بعينه لتولي منصب الرئاسة «فإن بعض الفصائل وسوريا تضع شروطا مسبقة كي تتم هذه الانتخابات». وقال انه حتى يتم ذلك «سنواصل العمل مع حكومة السنيورة على أنها السلطة الشرعية والحكومة التي سنعمل معها وندعمها».
ونفى خليل زاد مجددا وجود مقترحات محددة حاليا للتعامل مع الأزمة اللبنانية سواء من خلال إصدار قرار دولي جديد من مجلس الأمن يقضي بعقد الانتخابات الرئاسية، أو عقد مؤتمر دولي شبيه بذلك الذي شارك فيه بان كي مون في باريس نهاية العام الماضي. ووصف الشروط التي «يضعها حزب الله وسوريا بدعم من إيران» من أجل انتخاب الرئيس بأنها «غير مقبولة ومحاولة لاستغلال الموقف للحصول على أمور أخرى»، لم يحددها. وأضاف أن الدور الإيراني «لا يساعد» في حلحلة الأزمة الحالية «وذلك بسبب دعمه لحزب الله عن طريق سوريا».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد