أنقرة ترفض الإملاءات الأمريكية
أجمعت الصحف التركية الصادرة أمس على فشل زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني إلى أنقرة.
وأظهرت تفاصيل المباحثات التي أجراها تشيني مع أعلى المسؤولين الأتراك، من رئيس الجمهورية عبد الله غول إلى رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان ورئيس أركان الجيش الجنرال ياشار بويوك انيت، التباين في وجهات النظر حول قضايا البحث الأساسية من أفغانستان إلى العراق وإيران.
بل يمكن القول إن تشيني وُوذجه بفتور منذ اللحظة الأولى، حيث لم يكن في استقباله أي وزير في الحكومة، واستقبله محافظ أنقرة. وكاد اللقاء بين تشيني، بناء لطلبه، ورئيس الأركان يطير بعدما أراد نائب الرئيس الأميركي أن ينعقد في منزل السفير الأميركي في أنقرة، وكان جواب بويوك انيت انه لا يجلس مع احد إلا في مكان رسمي، فكان ترتيب اللقاء في القصر الجمهوري.
ورغم نفي اردوغان أن يكون هناك طلب أميركي لإرسال قوات تركية إلى أفغانستان، فهذا لا يلغي أن الوضع في كابول كان على رأس محادثات تشيني، خصوصا أن الزيارة، وهي الرابعة لمسؤول أميركي رفيع المستوى إلى أنقرة خلال شهر فقط، تأتي مع قرب انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي حول أفغانستان بين الثاني والرابع من نيسان المقبل في بوخارست.
وردا على قول تشيني انه مؤمن بأن أنقرة ستساهم بما يتطلبه إرساء الاستقرار في أفغانستان عبر إرسال قوات إلى مناطق القتال الساخنة، فقد علم أن الحكومة التركية لم ترفض التعاون في هذا الموضوع، لكنها لا تزال تصر على عدم إرسال أي جندي في مهمات قتالية إلى هناك، في وقت تنشغل فيه تركيا بالحرب ضد حزب العمال الكردستاني.
وتقول المعلومات إن تركيا وافقت على إرسال قوات لمهام إدارية أو إنسانية فقط، وربما إرسال طائرات نقل ومروحيات. أما الجنرال بويوك انيت فقد أعرب لتشيني عن استمرار أنقرة في تحمل مسؤولياتها في أفغانستان كحليف في حلف شمال الأطلسي، لكنه أضاف أن القرار في ذلك لا يعود للقوات المسلحة بل للحكومة التركية. كما حذّر تشيني من أن الوضع في باكستان يتأثر بالأوضاع في أفغانستان.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، يرافق تشيني الذي زار اسطنبول، إن القادة الأتراك «كانوا بالتأكيد مسرورين في البحث في هذه القضية ليروا ما إذا كانت هناك أي إمكانية تمكنهم من تقديم المساعدة، لكنهم لم يعلنوا عن أي التزام فوري». وأوضح أن تشيني «قدم عرضا مقنعا» لتركيا، التي تنشر 1150 عسكريا في كابول وضواحيها، لتعزيز المشاركة في أفغانستان.
ولم ينجح تشيني في إقناع الأتراك بضرورة فتح قنوات اتصال وحوار مع سلطات إقليم كردستان شمال العراق. وإذ قال تشيني إن الحوار مع أكراد العراق مفيد للجميع كان جواب غول انه «لا توجد أي مشكلة بيننا وبين المجموعات الكردية هناك، المشكلة الوحيدة معهم هي حزب العمال الكردستاني، وعندما تنتهي هذه المشكلة سيكون باب اللقاءات مفتوحا».
وفي الشأن الإيراني تناول الجانبان مصير العقوبات التي نصت عليها القرارات الدولية ضد طهران. وقال تشيني لأردوغان إن برنامج إيران النووي عسكري وهذا يشكل قلقا، مطالبا تركيا بخطاب أكثر تشددا ضد إيران. وردّ رئيس الحكومة بضرورة استمرار التعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية واستمرار المباحثات مع المجموعة الدولية. وذكرت صحيفة «زمان» أن اردوغان لم يعط دعمه في موضوع تطبيق عقوبات على طهران.
واتهم تشيني إيران بأنها تحرض المجموعات الشيعية في العراق ودول الخليج وحزب الله وحماس، محذرا من أن «الشرق الأوسط قد يتحول إلى مكان للحريق». واشتكى اردوغان من أن عمليات إسرائيل في غزة تتعارض مع عملية السلام التي بدأت في مؤتمر انابوليس.
ورغم أن موضوع الدرع الصاروخية كان بين الموضوعات المطروحة على بساط البحث، فإن أي معلومات لم ترشح عنه.
إذا كان التعاون الأميركي مع تركيا ضد حزب العمال الكردستاني قد بدد جانبا من عدم الثقة بين الطرفين الذي نشأ بسبب احتلال العراق، فإن ربط هذا التعاون بمطالب سياسية غير معلنة قد يضاعف من جديد عدم الثقة، كما يقول الكاتب فكرت بيلا في صحيفة «ميللييت».
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد