ارتياح إسرائيلي لصهيونية بوش
«كان خطاباً مذهلاً، خطاباً صهيونياً حماسياً يندر سماع مثله حتى من قادة إسرائيليين، خطاباً حمل رسائل كثيرة أبرزها رفع سقف المطلوب من الرئيس الأميركي المقبل للوقوف إلى جانب إسرائيل في محاربة الإرهاب وردع ايران». كان هذا غيض من فيض تقويمات ومدائح أغدقها الإسرائيليون على الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس جورج بوش أمام الكنيست أول من أمس، مقرّين بأنه كان صهيونياً أكثر من الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت.
وأكدت التعليقات أن التحالف الأمني الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل كان الهدف الأبرز من الزيارة، ولم يكن تغييب الرئيس الأميركي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلاّ تأكيداً على أن جل همه هو تأكيد التماهي التام مع الدولة العبرية قولاً وفعلاً من خلال «سلة الهدايا» الاستراتيجية التي أكدت أوساط قريبة من اولمرت أن الأخير سيحصل عليها رسمياً في زيارته لواشنطن في النصف الأول من الشهر المقبل.
وقال الرئيس شمعون بيريز أمس: «من لم يفهم المغزى المهم للخطاب، فليحاول سماعه عبر آذان عربية». وقال السفير الإسرائيلي لدى واشنطن سلاي مريدور إن زيارة بوش ساهمت بشكل كبير لإسرائيل، وليس فقط ببُعدها الطقسي، اذ كان للزيارة إسهامان كبيران جدا، الأول في الجانب الرمزي من خلال التعبير عن الدعم والتماهي مع إسرائيل، والثاني في المحادثات الاستراتيجية الجدية للغاية في القضايا الرئيسة على جدول الأعمال القومي والسياسي والأمني لدولة إسرائيل، والحوار الجدي جداً في الملف الايراني وغزة».
من جهته، قال الناطق باسم رئيس الحكومة للإعلام الأجنبي مارك ريغيف أمس إن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على الحاجة «لتحرك ملموس» لمنع إيران من تطوير سلاح نووي. وأضاف لدى إجماله زيارة بوش: «كلانا (الدولتان) ينظر إلى الأمور من الموقف ذاته... يدرك التهديد (الإيراني) ويفهم أن المطلوب هو نشاط ملموس لمنع ايران من المضي قدماً في السلاح النووي». ووصف الجهود الديبلوماسية المبذولة في هذا الاتجاه بـ «الايجابية»، لكنه أضاف أنها ليست كافية «ومن الواضح أنه يجب اتخاذ خطوات إضافية». ورداً على احتمال أن تلجأ إسرائيل إلى وسائل عسكرية، قال إن «زعماء من دول كثيرة طرحوا خيارات مختلفة، وواضح أن إسرائيل توافق عليها».
- على صلة، أفادت الإذاعة العسكرية نقلاً عن أوساط في مكتب رئيس الحكومة تقديراتها أن الإدارة الأميركية قد تتحرك ضد ايران قبل انتهاء الفترة الرئاسية لبوش. وأضافت أن بوش واولمرت تناولا في الاجتماعات المغلقة بينهما احتمالات التحرك العسكري ضد ايران، وان الرئيس الأميركي أكد وجوب معالجة التهديد الايراني «معالجة جذرية» تكون لها انعكاساتها الايجابية على الشرق الأوسط برمته، وتؤدي إلى تغيير أنماط سلوك «حزب الله» و «حماس».
ونقلت «هآرتس» عن مصدر سياسي رفيع قوله إن المحادثات بين بوش واولمرت أكدت أنه يوجد غطاء لتصريحات الرئيس الأميركي في الملف النووي الايراني. وتابعت أن ارتياحاً كبيراً يسود إسرائيل من نتائج زيارة الرئيس الأميركي. وأشارت إلى أن إسرائيل كانت على علم مسبق بأن بوش سيتطرق في خطابه وتصريحاته إلى الملف الايراني «بلغة شديدة جداً». وتابعت أن اولمرت ووزير دفاعه ايهود باراك استعرضا خلال لقائهما بوش معلومات جديدة عن الملف الايراني بهدف إقناعه بوجوب إعادة أجهزة الاستخبارات الأميركية النظر في تقويماتها هذا الملف.
وبحسب مصدر سياسي إسرائيلي آخر، فإنه في أعقاب الزيارة تنظر الولايات المتحدة بإيجاب لطلب إسرائيل رفع مستوى العلاقات الإستراتيجية - الأمنية بين الدولتين.
- وذكرت تقارير صحافية أن الرئيس الأميركي استجاب لمعظم الطلبات الاستراتيجية المتعلقة بتوثيق التعاون الاستراتيجي الأميركي - الإسرائيلي، وفي مقدمها ربط إسرائيل بنظام الإنذار المبكر المتطور لرصد إطلاق الصواريخ بعيدة المدى لدى إطلاقها من أي موقع في أنحاء العالم، وتحديداً رصد الصواريخ الإيرانية البالستية.
وكان نواب اليمين الإسرائيلي أغدقوا المديح للرئيس الأميركي على خطابه في الكنيست، وقال وزير الخارجية السابق سلفان شالوم (ليكود) إن بوش «ألقى خطاباً جياشاً نابعاً من أعماق قلبه... ومن النادر سماع خطاب صهيوني بهذه الدرجة من قادة إسرائيليين». وعيّر نواب اليمين رئيس الحكومة على خطابه «المتهادن» لذكره احتمالات التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، وقال النائب المتطرف أريه إلداد إنه يفضل استبدال اولمرت ببوش.
وكرست صحيفة «هآرتس» المحسوبة على أوساط اليسار افتتاحيتها لخطاب الرئيس الأميركي، وكتبت أن الرئيس الأميركي رفع سقف المطلوب من خلفه لجهة مواصلة الحرب على «المنظمات الإرهابية» - القاعدة وحماس وحزب الله - وإحباط جهود ايران للتسلح النووي، معتبراً التسليم بإيران نووية «خيانة للأجيال المقبلة». وتابعت ان أقوال بوش كانت أساساً رسالة إلى المرشح الديموقراطي باراك اوباما، وأنه عنى القول إنه سيستغل الأشهر المتبقية على ولايته الرئاسية وحتى آخر يوم من أجل بلورة سياسة صدامية مع طهران، وانه إذا ما انتخب اوباما رئيساً في الانتخابات المقبلة فإنه قد يتخذ خطوات عسكرية حتى خلال فترة الشهرين ونصف الشهر الواقعة بين الانتخابات وأداء الرئيس القسم الجديد. وتابعت: «صحيح أن مواقف بوش لا تلزم خلفه أو الكونغرس الجديد، لكنها تعكس التقويم الأميركي للوضع».
وكتب كبير المعلقين في الصحيفة يوئيل ماركوس أن زيارة بوش «عكست كما زيارة غيره من الزعماء لإسرائيل لمناسبة احتفالها بالذكرى الستين لاستقلالها، سابقة من المودة والتعاون لا مثيل لهما في التاريخ المعاصر، لم تهدف إلى إبداء التقدير لإسرائيل على ما أنجزته فحسب، إنما ايضاً إلى نقل شعلة المواجهة الاستراتيجية مع ايران إلى الرئيس الأميركي المقبل». لكن المعلق استبعد تحركاً عسكرياً أميركياً ضد ايران، وكتب: «يجب ألاّ نبارك لأنفسنا بتظاهرة التأييد لإسرائيل لأن هناك مخاطر نواجهها ولن يحبطها أحد بالنيابة عنا».
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد