المحادثات السورية-الإسرائيليةتصطدم بوديعة رابين والرعايةالأميركية
انتهت في انقرة امس جولة جديدة من الاتصالات غير المباشرة بين إسرائيل وسوريا، بوساطة تركية. وأرسل المندوبان الإسرائيليان تقريرا أوليا لديوان رئاسة الحكومة، جاء فيه أن المباحثات «جرت في أجواء إيجابية وبناءة».
وكان رئيس طاقم ديوان رئاسة الحكومة يورام طورفوفيتش والمستشار السياسي لإيهود أولمرت، شالوم ترجمان، قد وصلا إلى تركيا مساء السبت الماضي لحضور الجولة الثانية من المباحثات مع السوريين. وشدد المندوبان على أنه «تم تكرار الرغبة المشتركة بمواصلة التقدم في المباحثات. وتم الاتفاق على الاستمرار في اللقاءات بشكل منتظم، وحيث تقرر تحديد موعدين آخرين للقاءين يعقدان في الأسابيع القريبة». ومعروف أن رئيس الدائرة القانونية في وزارة الخارجية السورية الدكتور رياض الداووي يترأس الجانب السوري في الاتصالات مع الاسرائيليين.
وأشار موقع صحيفة «يديعوت احرونوت» الالكتروني إلى أنه خلافا للجولة الأولى من المباحثات، جرى الخوض هذه المرة ليس فقط في الترتيبات الإجرائية للمباحثات وإنما كذلك في قضايا جوهرية، لم يتم تحديد ماهيتها. لكنه معلوم أن البحث أصلا يجري حول مستقبل هضبة الجولان المحتلة ومصير المستوطنات والترتيبات الأمنية والمائية وسواها.
ونقل الموقع عن مصــــادر سياسية إسرائيلية أن «أولمرت مستعد للتباحث مع زعماء عرب. كما أنـــه أعلن أنه ســـيذهب الى المؤتـــمر المتوقع في باريس، لكن ذلك غير مرتبط بالجولة الثــانية من المباحثات التي انتهت هذا المساء (امس) بين الطرفين».
وتوجه المندوبان الإسرائيليان من العاصمة التركية إلى باريس، في إطار الترتيب لزيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لإسرائيل في 22 حزيران الحالي. وأشار التلفزيون الإسرائيلي إلى أن الدخول الفرنسي على خط الاتصالات السورية الإسرائيلية، أثار قلق الأتراك. ومن المعلوم أن الرئيس الفرنسي دعا كلا من الرئيس السوري بشار الأسد وأولمرت، لحضور مؤتمر «الاتحاد من اجل المتوسط» في باريس الشهر المقبل. كما أن فرنسا لم تخف رغبتها في اداء دور في التقريب بين سوريا وإسرائيل.
ونشرت الصحف الإسرائيلية أمس العديد من التقارير التي أفادت أن أولمرت «سيفرح بلقاء الأسد». بل إن «معاريف» افادت أنه يرغب في عقد هذا اللقاء قبل موعد الاستجواب المضاد لرجل الأعمال اليهودي الأميركي موريس تالينسكي، الذي يُتهم بأنه رشا اولمرت. وأوحت الصحف بأن المقربين من أولمرت يعلقون آمالا كبيرة على قمة مماثلة في باريس. ومع ذلك، يشير المعلـــقون الإسرائيليون في الوقت نفسه إلى تعذر حدوث مثل هذا اللقاء. وأشـــار المراسل السياسي للقناة الثانية إلى أن أولمرت في الغالب لا يود الســـفر قريبا إلى باريس، لكن إذا أشار له الأسد باصبعه فسيهرع إلى باريس.
وحاولت جهات إسرائيلية عديدة نفي أي دور لفرنسا في الاتصالات الجارية عبر الأتراك. لكن من غير المستبعد أن هذا النفي قد يعود إلى شرط تركي على الطرفين السوري والإسرائيلي، بسحب اليد من الوساطة في حال تدخل جهات خارجية فيها أو في حال نشوء خطوط اتصال أخرى.
وبدا واضحا بعد جولة المباحثات الثانية، أن صيغة المباحثات غير المباشرة بوساطة تركية لم تتغير. ومع ذلك، لم تستبعد مصادر إسرائيلية الانتقال قريبا إلى صيغة الاتصالات المباشرة ومن دون وساطة تركية. غير أن معلقين إسرائيليين أكدوا أن مثل هذا التغيير في الصيغة ليس قريبا، خاصة أن مباحثات الأمس ظلت عالقة في نقطتين: قضية «وديعة رابين» بما في ذلك استئناف المفاوضات من حيث توقفت، وقضية الرعاية الأميركية للمفاوضات. وترى سوريا أنه من دون هاتين النقطتين، يصعب الحديث عن انتقال لصيغة مفاوضات مباشرة.
تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي كانت تجري فيه المباحثات في تركيا بين الطاقمين الإسرائيلي والسوري، كان رؤساء المستوطنات الإسرائيلية في الشمال قد قرروا إظهار تواجدهم في الجولان، حيث نشروا أكبر علم إسرائيلي بمساحة 20 ألف متر مربع قرب القنيطرة.
وأشارت صحف إسرائيلية إلى أن الاتصالات مع سوريا جلبت انتقادات لحكومة أولمرت من الداخل والخارج على حد سواء. وقالت إن الانتقادات من الخارج تأتي أساسا من الولايات المتحدة التي «لا تشعر بأنه طرأ تغيير على سلوك سوريا»، معتـــبرة أن هذه الاتصالات تسهم في إخراج سوريا من العزلة الدولية التي كانت مفروضة عليها وتمنحها شرعية، برغم استمرار تحالفــــها مع إيران وحزب الله وحماس. ومع ذلك، بدا أمس في تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس في بيروت ما يخالف ذلك، عنــدما قالت إن الولايات المتحدة تشجع إسرائيل على الاتصالات مع سوريا.
أما الانتقادات الداخلية، فهي تصدر عن حزب «العمل» الذي يرى في الاتصالات مع سوريا تهربا من استحقاقات داخلية. كما أن رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع عاموس جلعاد يعتبر أن «أولمرت يريد قمة مع الأسد في باريس، لكن الأسد سيدعه يموت قبل أن يمنح إنجازا مماثلا لأولمرت. وحتى الآن كل ما فعلناه هو أننا فتحنا لهم الباب نحو الغرب».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد