هل تستعين واشنطن بطهران لتثبيت احتلالها للعراق وأفغانستان
الجمل: برغم تواتر الرهانات حول احتمالات ضرب إيران أو عدم ضربها، فإن التطورات الجارية في البيئة الإقليمية والدولية ما تزال تتيح المزيد من المخاطر لجهة ضرب إيران والفرص لجهة التوافق معها.
* الأزمة الإيرانية ومستجدات معادلة حسابات الفرص والمخاطر:
مع بدايات نجاح دبلوماسية ساركوزي الوقائية في تهدئة أزمة الصراع الجورجي – الروسي تصاعدت بالمقابل أزمة جديدة على خط موسكو – واشنطن، وتشير التحليلات إلى أن هذه الأزمة الجديدة إن تصاعدت فإنها ستؤدي بالضرورة إلى تغييرات وتبديلات نوعية وكمية في معادلة التوازن الاستراتيجي على خط موسكو – واشنطن.
* ماذا تقول فرضية حسابات الفرص والمخاطر:
على خلفية الصراع الجورجي – الروسي والتوتر على خط موسكو – واشنطن أصبحت واشنطن أمام المزيد من الخيارات المتاحة لجهة استغلال فرصة التعاون مع طهران لجهة تحقيق الآتي:
• إضعاف النفوذ الروسي في الشرق الأدنى.
• توظيف نفوذ إيران في آسيا الوسطى إلى جانب واشنطن.
• الاستعانة بطهران في تثبيت الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والاحتلال الأمريكي للعراق.
• استخدام طهران كحلقة ضمن تحالف إقليمي واسع ضد موسكو.
هذا، بالنسبة لجانب الفرص أما بالنسبة لجانب المخاطر فإن قيام أمريكا بضرب طهران في مثل هذا الوقت الذي تشهد فيه توتراً على خط موسكو – واشنطن سيترتب عليه المخاطر الآتية:
• تصاعد المعارضة في دول آسيا الوسطى للعلاقات مع أمريكا وهو أمر سيترتب عليه القضاء على علاقات أمريكا مع دول آسيا الوسطى التي بالضرورة ستعود حينها بشكل تلقائي إلى تجديد روابطها مع موسكو.
• تصاعد المقاومة في العراق وأفغانستان بما يؤدي إلى اضطرار واشنطن لسحب قواتها وخسارة الحرب ضد الإرهاب.
• إضعاف موقف الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وحسم ملف الرئاسة بشكل مبكر لصالح الديمقراطيين.
• إلحاق الأضرار بالمصالح الإسرائيلية في مناطق القوقاز وآسيا الوسطى.
• تصاعد المعارضة للوجود الأمريكي في الخليج العربي.
وتقول التحليلات بأن مواجهة أمريكا لمثل هذه الخسائر ستدفع حلفاءها الأوروبيين إلى عدن التورط معها وذلك لجهة أن بلدان الاتحاد الأوروبي لن تستطيع مواجهة خسائر بهذا الحجم.
* نظرية الحزام الأخضر: هل تكون الخيار الأمثل الجديد لمجلس الأمن القومي الأمريكي:
يقو الخبير بريجينسكي بضرورة أن تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تحويل إيران عن طريق معاملتها كحليف وليس كعدو، وذلك بالاستناد إلى حقيقة أن نظام الثورة الإسلامية في إيران الحالي يمكن أن يقوم بنفس لدور السابق الذي كان يلعبه نظام الشاه رضا بهلوي.
تقوم فرضية بريجنسكي المتعلقة بإستراتيجية بناء الحزام الأخضر الأمريكي على الآتي:
• التعاون من جهة والضغط من جهة أخرى لتغير سياساتها.
• أن تعمل واشنطن باتجاه الدفع لبناء نظام رأسمالي إقليمي يضم إيران جنباً إلى جنب مع دول آسيا الوسطى وأفغانستان.
• أن تكون إيران مركز النظام الإقليمي الجديد المسمى بالحزام الأخضر.
• أن تسعى الضغوط الأمريكية في أول الأمر إلى إبعاد طهران عن منطقة الشرق الأوسط.
• أن تسعى واشنطن إلى تعزيز قوة منطقة الحزام الأخضر لجهة توقيع اتفاقيات تعاون أمني – عسكري معها بما يتيح السبيل أمام واشنطن لاستخدام إيران كجسر للتغلغل في آسيا الوسطى.
• أن تقوم واشنطن بالدخول في شراكة نفطية يتم بموجبها تنفيذ مشروعات تمديد خطوط أنابيب نقل النفط من آسيا الوسطى وإيران إلى باكستان والهند وشواطئ المحيط الهندي بما يؤدي إلى إخراج روسيا نهائياً من المشروع وحرمان الصين نهائياً من تمديد النفط من كازخستان وكيرغيزستان إلى الأراضي الصينية.
تشير التحليلات الجارية إلى أن المحادثات الإيرانية – الأمريكية غير المعلنة والتي ظلت لفترة طويلة تركز على ملف العراق ستكون حتى الفترة المقبلة أكثر انفتاحاً إزاء العديد من الملفات الإقليمية المتعلقة بآسيا الوسطى والقوقاز ومنطقة الشرق الأوسط.
حتى الآن ما تزال التسريبات معدومة حول ما يدور في أروقة المنطقة الخضراء وتتمثل أبرز الملاحظات في أن أمريكا على الصعيد التفاوضي المعلن قالت بوضوح أنها قد ضاق صدرها ولم تعد تتحمل المطاولات التفاوضية مع طهران ولكن على الصعيد غير المعلن فإن أمريكا تقوم بعملية تفاوضية طويلة المدى وتحديداً في المنطقة الخضراء وبرغم ذلك طول الفترة فإن واشنطن لم تعلن عن نفاذ صبرها، فعلى ماذا تريد واشنطن الحصول من المنطقة الخضراء؟ هل على ما لم تحصل عليه في مفاوضات جنيف أم أن الأمر يتعلق بملفات أخرى لم يحن الوقت لإعلانها وكما يقول المثل الإنجليزي "لننتظر ونرى".
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد