ليفني تبدأ تجميع الائتلاف وموفاز يعتزل السياسة
لمست وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، بعد ساعات فقط على انتخابها رئيسة لحزب »كديما« الحاكم خلفا لرئيس الوزراء ايهود اولمرت، بفارق تبين انه لا يتعدى الواحد في المئة عن منافسها وزير المواصلات شاؤول موفاز، مدى صعوبة المهمة التي تواجهها ان لتوحيد الحزب مجددا بقيادتها او لتشكيل ائتلاف حكومي جديد، حيث يشكك البعض في شرعية سعيها لترؤس الحكومة، ويضع البعض الاخر العقبات امامها، فيما يصر حزب »الليكود« اليميني المعارض على ضرورة اجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وكانت اللجنة الانتخابية المركزية في »كديما« قد اعلنت فجر امس، ان ليفني حصلت على ١٦٩٣٦ صوتا (٤٣,١ في المئة) في مقابل ١٦٥٣٥ صوتا (٤٢ في المئة) لموفاز، أي ان الفارق بين الاثنين لا يتعدى ٤٣١ صوتا. ونال وزير الداخلية مئير شطريت ٨,٥ في المئة من الاصوات، ووزير الامن الداخلي افي ديختر ٦,٥ في المئة. واقترع حوالى ٥٣ في المئة من منتسبي الحزب الـ٧٤ ألفا. وكانت استطلاعات الرأي التي بثتها قنوات التلفزيون الاسرائيلية، قد رجّحت فوز ليفني بفارق حوالى ١٢ في المئة، ما »اضعف« من حجم الانتصار الذي حققته.
وكانت ليفني قد قالت فجر امس، بعد إعلان النتيجة النهائية للانتخابات ان »المهمة الوطنية... تتمثل في تحقيق الاستقرار سريعا. على مستوى الحكومة في اسرائيل، يجب ان نعالج التهديدات الصعبة ونحتاج الى التعامل مع التهديدات الامنية... وهناك عدم استقرار اقتصادي« مضيفة انها ستبدأ »في الاجتماع مع اعضاء من كتل الكنيست، حتى يمكننا سريعا تشكيل حكومة ائتلافية يمكنها معالجة كل هذه التحديات التي تنتظرنا«.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي مارك ريغيف إن اولمرت سيبلغ الحكومة بعد غد الاحد باستقالته، موضحا انه سينتظر عودة الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز من الولايات المتحدة ليستقيل رسميا ويبدأ الفترة الانتقالية.
وامام ليفني، بعد استقالة اولمرت، مهلة ٤٢ يوما لتشكيل ائتلاف جديد والا يتعين اجراء انتخابات مبكرة في غضون ٩٠ يوما، وذلك قبل حوالى العام ونصف العام من الموعد المحدد. ولا يمكن اجراء مشاورات رسمية لتشكيل ائتلاف حكومي، قبل ان تدخل استقالة أولمرت حيز التنفيذ، غير ان وزيرة الخارجية قررت البدء بمشاورات غير رسمية لهذا الغرض.
والتقت ليفني امس، رئيس حزب »العمل« ايهود باراك، الشريك الرئيسي في الائتلاف الحاكم، خلال اجتماع روتيني للحكومة الامنية المصغرة، كما اجرت محادثات مع وزير الصناعة والتجارة ايلي يشاي، رئيس حزب »شاس« الديني ، الشريك الاخر في الائتلاف.
وقبيل الاجتماع، نقلت صحيفة »يديعوت احرونوت« عن مصدر مقرب من باراك ان »النوايا الحقيقية لليفني لا تزال مجهولة بالنسبة إلينا. اننا نشعر بأنها لا تريد تشكيل حكومة، وانما ان تجري انتخابات جديدة«.
وفي محاولة للايحاء بأن »العمل« لا يخشى الانتخابات، قال وزيرا الشؤون الاجتماعية اسحق هرتسوغ والزراعة شالوم سمحون، وكلاهما من »العمل«، انه »لا يمكن لاعضاء كديما ان يحددوا بمفردهم هوية رئيس الوزراء الجديد«.
من جهته، قال يشاي انه بحث مع ليفني تشكيل ائتلاف حكومي. وكان يشاي قد قال »اذا عالجت ليفني قضية مليون طفل جائع ولم تبدد اصول الدولة ـ مع التشديد على القدس ـ فسنكون في حكومتها. واذا لم يكن الامر كذلك، فلن نكون في حكومتها«.
وقال المتحدث باسم »شاس« روي لخمانوفيتش، من جهته، »اذا اتضح ان القدس هي على طاولة المفاوضات، وان الحاجات الاجتماعية الاقتصادية لم تتخذ بعين الاعتبار، فلن نكون حينها جزءا من الائتلاف« الحكومي.
وردت النائبة عن »كديما« أميرة دوتان بالقول ان الحزب مستعد للمساومة مع »شاس«، مضيفة في الوقت نفسه ان »كديما حزب وسطي« ويمكن بالتالي لاحزاب كثيرة »بسهولة بالغة ان تشكل ائتلافا مع كديما« معددة حزب »ميرتس« اليساري واحزابا دينية صغيرة.
وفي اشارة الى »شاس«، دعا شطريت الى عدم الخضوع »لابتزاز مطالب الحريديين« معتبرا انه اذا لم تنجح ليفني في تشكيل حكومة، »فان وجود كديما سيكون في خطر«.
وتسعى ليفني للابقاء على الائتلاف الحالي، الذي يستبعد ان يخرج منه حزبا »العمل« و«المتقاعدين«. غير ان موقف »شاس« يبدو حاسما في هذا الشأن، خصوصا ان لديه ١٢ نائبا في الكنيست، فيما يحظى الائتلاف بدعم ٦٧ نائبا فقط.
وفي السياق، كتب حيمي شاليف في صحيفة »اسرائيل اليوم« ان »بضعة اسابيع من المفاوضات مع ثعالب شاس، ستكون كافية لاسقاط صورة الام تيريزا عن ليفني ودفعها جريحة وملطخة بالوحل في انتخابات عامة«.
ويرى البعض ان تصويت الالاف من منتسبي »كديما« لانتخاب ليفني رئيسة للحزب، لا يمنحها الشرعية لتترأس الحكومة.
ومن هذا المنطلق، قال رئيس »الليكود« بنيامين نتنياهو »بعد تهنئة ليفني، ادعوها الى تنسيق موعد لاجراء انتخابات تشريعية في اقرب وقت ممكن« مضيفا ان »القرار الاكثر كمالا ومسؤولية وصوابية وديموقراطية الذي ينبغي اتخاذه، هو اجراء انتخابات عامة. يجب تمكين ملايين الاسرائيليين من اختيار من يحكمهم، والا نترك مسألة بهذه الاهمية في ايدي المئات من ناشطي كديما«.
وفيما كانت ليفني تتلمس خطواتها الاولى بعد انتخابها رئيسة لـ»كديما«، فجر موفاز مفاجأة من العيار الثقيل، باعلانه لناشطين اجتمعوا في مكتبه »قررت اليوم (امس) مع عائلتي انني احتاج الى فترة استراحة لاتخذ قرارا في شأن مستقبلي« مضيفا »انا لا اسعى الى دور او مركز في الحكومة او الكنيست. سابقى عضوا في كديما وسأقوم بأقصى ما يمكنني القيام به من اجل مساعدة« ليفني. ولم يوضح موفاز ما اذا كان يعتزم الاستقالة من الحكومة او الكنيست، او يسعى الى ولاية جديدة.
وتابع »اقبل نتائج الانتخابات الداخلية واتمنى النجاح لليفني« موضحا »انا ديموقراطي بروحي، ادرك كيف اقبل وأحترم كل نتيجة. اقبل حكم الناخبين وأتمنى لليفني حظا سعيدا. وبرغم أن الفارق (في النتيجة) كان ضئيلا ونصحوني بالاستئناف بسبب وجود أعمال غش، لكنني قررت أن مصلحة الدولة تسمو على أي رغبة شخصية، وخصوصا حين تتحرك السفينة في مياه عاصفة«. وكان موفاز يشير الى شطب اقتراع ٤٣٠ صوتا في بلدة راهط العربية جنوب اراضي الـ.٤٨
وأبدى معسكر ليفني مفاجأته لقرار موفاز، فيما ذكرت وسائل إعلامية إسرائيلية ان وزير المواصلات الغى لقاء مع ليفني كان مقررا اليوم.
ورأى النائب اوفير باز ـ بينيس عن »العمل« ان »موفاز قام بهاراكيري سياسي، ان كديما سيجد صعوبة في التعافي« من هذا الامر، مضيفا »انها ربما بداية نهاية كديما، ذلك ان الحزب يتفسخ امام اعيننا«.
لكنّ المحلل السياسي في القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي رفيف دروكر لم يستبعد أن يكون موفاز يستهدف الضغط على ليفني لتعينه قائما بأعمالها، بعد أن تشكل حكومة وتعين وزيرا للخارجية.
أضافت القناة العاشرة أن مكتب مراقب الدولة الإسرائيلي يعتزم فتح تحقيق ضد موفاز، بشبهة مخالفته قانون تمويل الأحزاب وجمع تبرعات بحجم أكبر مما يسمح به القانون، خلال حملته الانتخابية لرئاسة »كديما«.
ورأى بروفسور العلوم السياسية في الجامعة العبرية ابراهام ديسكين ان »ضمان استقرار كديما سيكون مهمة معقدة، على ضوء النتائج والفارق الضئيل عن موفاز«.
أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصالا هاتفيا بليفني أمس، لتهنئها بفوزها. وقال »إننا نتعامل مع من يختاره جيراننا لنتفاوض معه، فسواء كانت ليفني أو غيرها الامر سواء بالنسبة الينا، فهذا شأن داخلي إسرائيلي«.
وذكرت »رويترز« ان ليفني ابلغت مستشاريها والمقربين منها انها تعتزم التركيز على المفاوضات مع الفلسطينيين، على حساب المحادثات التي تجرى مع سوريا بوساطة تركيا، والتي ابعدت عنها بقرار من أولمرت. وقال احد المقربين من ليفني انها »تعتقد انه لا يمكننا ان نتعامل مع جبهتين«.
وحذّر المعلق السياسي الاسرائيلي دانيال بنسيمون، من جهته، من ان المشكلة »هي ان ليفني لم تكن يوما في قلب نزاعات اسرائيل الكبرى، وان لا احد يعرف كيف ستدير ازمة مع ايران او المفاوضات الجارية مع سوريا او انتفاضة ثالثة محتملة« معتبرا ان نزاهتها المفترضة »امر جيد بالتاكيد، لكنه لا يشكل خطة عمل«.
واجرت ليفني اتصالا هاتفيا بنظيرتها الاميركية كوندليسا رايس، ومع السنــاتور هيــلاري كلينتون، كما تلقت برقيــات تهــنئة خصوصا من الرئيس المصري حسني مبارك.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد