على ذمة التربية : إنجاز مشروع تطوير المناهج
بعد عام ونيف من العمل المتواصل انهت وزارة التربية مشروعها الرائد في تطوير المناهج التربوية في سورية في التعليم العام ما قبل الجامعي والتي يأتي ضمن خطتها الخمسية العاشرة ويهدف المشروع إلى تطوير التعليم وتلافي الثغرات الموجودة في المناهج التي تدرس في المدارس والتي تشكو من سيادة الإلقاء والتلقين في تدريس المواد بسبب الطبيعة النظرية للمحتوى وضعف الترابط والتعامل بين المواد الدراسية في المنهج.
الدكتور علي الحصري معاون وزير التربية لشؤون المناهج ومدير المشروع والمشرف عليه عرّف وثيقة المعايير بأنها:
عبارة عن وثيقة توضح فيها فلسفة كل مادة من المواد الدراسية والأهداف من تدريسها والمرتكزات التي تقوم عليها عملية اختيار مضامينها، والمهارات والقيم وأساليب التفكير المراد إكسابها للمتعلمين في التعليم العام ما قبل الجامعي.
في البداية وضعت المعايير العامة لكل مقرر ثم تم توزيعها على صفوف الدراسة المتعددة لكل مرحلة من مراحل التعليم،وتخلص بالتالي إلى تحديد المخرجات التعليمية لكل معيار من المعايير وفق الصفوف ولكل مقرر من المقررات.
وقد تم التأكيد بشكل كبير على تعلم أساسيات العلم في كل مقرر من المقررات كالمفاهيم والنظريات والعلاقات التي تسمح للمتعلم بتكوين صورة ذهنية واضحة لطبيعة المقرر الدراسي وتركيبته دون الضياع في التفاصيل الجزئية التي تعد نوعاً من الأمثلة والبراهين على هذه الأساسيات، وتعد تطبيقاً لها أكثر من كونها أساساً للتعلم باعتبارها أقل ثباتاً من أساسيات المعرفة.
وأضاف الدكتور الحصري: لقد سعت وثيقة المعايير إلى تضمين مفاهيم جديدة وحديثة معاصرة لا يمكن الاستغناء عنها، كالمفاهيم المتعلقة بالبيئة والسكان وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وتمكين المرأة وعمالة الشباب والانفتاح على العالم والعمل الفريقي واستخدام مصادر المعرفة المتعددة وتطبيق مهارات المعلوماتية واستخدام التقنيات الحديثة في التعليم والتعلم وتأكيد مبدأ التعلم الذاتي والحوار.
وتم التأكيد بشكل واضح على تطوير التفكير العلمي والمنطقي في معالجة جميع القضايا وتطوير مهارات المتعلمين في البحث والاستقصاء واستخدام أحدث التقنيات والأساليب في البحث عن المعلومات ومعالجتها واستخلاص النتائج وعرضها والكشف عن العلاقات بينها.
وقمنا بالاطلاع على تجارب الدول المتقدمة في مجال بناء المعايير للمناهج الدراسية والاستفادة منها بما يلبي متطلباتنا الوطنية في مجال التربية والتنشئة الاجتماعية.
وقام فريق وطني من الموجهين الأولين في وزارة التربية وبعض الموجهين الاختصاصيين والمدرسين المتميزين في المحافظات وبعض الأساتذة من الجامعات السورية بأعباء هذا العمل وكان لخبراء مكتبة النشر التربوي السوري دور في العديد من «حلقات البحث» التي جرت خلال عمل اللجان المتخصصة.
وأضاف الدكتور الحصري: لقد خضعت وثيقة المعايير إلى عمليات تقييم مستمرة من قبل وزارة التربية ووزارة التعليم العالي، حيث جرى التقييم الداخلي المستمر من خلال اجتماعات مشتركة لجميع اللجان لمناقشة ما تتوصل إليه كل لجنة مختصة ودراسة متكاملة مع ما خلصت إليه اللجان الأخرى، سواء منها المواد الدراسية المتقاربة في التخصص أم المتباعدة، وذلك بهدف ضمان عدم التكرار وتكامل المنهج الدراسي وتماسكه، بحيث تكون كل مادة دراسية مكملة ومترابطة مع المواد الأخرى، الأمر الذي يسمح للمتعلم أن يرى بوضوح ترابط الموضوعات التي يدرسها خلال المنهج المدرسي.
وأقيمت ورشة عمل مشتركة بين وزارة التربية ووزارة التعليم العالي كانت الغاية منها تحقيق هدفين أساسيين:
الأول: هو التعرف على وجهات نظر المتخصصين في كل مجال بالمعايير التي تم وضعها ومناسبتها من الناحيتين العلمية والتربوية.
الثاني: بحث الترابط والتكامل بين ما تسعى وزارة التربية إلى إدراجه في مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وبين مناهج التعليم العالي بجميع اختصاصاته وكلياته.
وأعقب وثيقة أخرى «وثيقة المؤلف» وهي وثيقة صممت للمؤلفين الذي سيقومون بتأليف الكتب المدرسية، وبالتالي تضمنت هذه الوثيقة ترجمة فعلية لوثيقة المعايير وساهم في إعدادها اللجان نفسها التي وضعت المعايير.
وأوضح الدكتور الحصري أن وثيقة المؤلف تتضمن مخططات عصف دماغ توضح هيكل كل كتاب مدرسي في كل اختصاص، من حيث تسميته « اسم الكتاب» والوحدات التي يتضمنها« مع تسمياتها» وعناوين الدروس التي تضمنها كل وحدة درسية.
ثم وضعت أهدافاً درسية لكل درس في كل كتاب لكل صف ولكل مقرر حيث ترجمت المعايير التي سبق وضعها إلى أهداف درسية قابلة للملاحظة والقياس.
كل هذا في سبيل تسهيل عملية تأليف الكتب المدرسية، وقد تم الاهتمام كذلك في هذه الوثيقة بالأنشطة المتعددة الصفية واللاصفية التي تستخدم أساليب البحث العلمي والتقنيات الحديثة في الاتصالات والتواصل وستخضع كل من وثيقة المعايير ووثيقة المؤلف إلى تقييم دولي من خلال ورشة العمل التي ستقام الاثنين القادم ويشارك فيها خبراء على مستوى دولي من اليونسكو والايسيسكو والاليسكو والجامعات السورية، إضافة إلى الفريق الوطني الذي وضع هذه الوثائق .
وبعد الانتهاء من التقييم الدولي ستقوم الوزارة بالإعلان عن مسابقة تأليف الكتب بحسب الاختصاصات.
وقال : لدينا خطة محددة وواضحة لكيفية إدخال المناهج الجديدة في المدارس، بحيث تتم تغطية كل المقررات الدراسية في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي بما لا يتجاوز العام 2010.
وسيتم البدء بإدخال عدد من الكتب الجديدة لمقررات محددة مع بداية العام
2007 ـ 2008، وهذا يعني أن البدء بمسابقة تأليف الكتب المدرسية سيتم خلال العام 2006 ـ 2007.
الدكتور محمد صافيتا رئيس قسم الجغرافية بجامعة دمشق وعضو في لجنة تقييم المعايير قال:
المشروع يعد خطوة رائدة لأنه يضع المعايير التربوية والأهداف التربوية لمدرسي مادة الجغرافية في مرحلة التعليم الأساسي والثانوي بهدف تطوير التعليم في سورية إذ تتميز الوثيقتان بالغنى والكثافة بعيداً عن الحشو وملء ذهن الطالب بالمعلومات وهذا ما لحظته الوثيقة كما تم تضمين الوثيقتين الكثير من الجوانب التطبيقية فيما يخص مادة الجغرافية.
الدكتور أحمد كنعان الوكيل العلمي في كلية التربية قال:
تعد وثيقة المعايير التي تعدها وزارة التربية نقلة نوعية في تطوير المناهج التربوية في سورية وذلك لشموليتها وتنوعها واعتمادها على أسس موضوعية نابعة من الاختصاص ذاته حيث تشمل الجانب التربوي الشامل لمختلف نواحي العملية التربوية التي تركز على النمو السليم للشخصية إضافة إلى مراعاتها المراحل العمرية والفروق الفردية بين المتعلمين وكذلك اهتمت هذه المعايير بالجوانب الثقافية الفكرية لدى المتعلمين وهذا ينعكس بدوره على الجيل المتمثل للأهداف التربوية المتطورة والمواكبة للتفجر المعرفي والتكنولوجيا العالمية.
وأضاف الدكتور كنعان : من المنتظر أن تشكل هذه المعايير التي أعد لها إعداداً جيداً ومدروساً دليل عمل للمؤلفين الذين سيستفيدون من التفصيلات الواردة في وثيقة المعايير ولاسيما فيما يتعلق بالأهداف والقيم والاتجاهات والتقانات والطرائق الحديثة وبشكل عام تعد المعايير نقطة انطلاق حقيقية نحو نهضة تربوية شاملة في ميدان المناهج التربوية وذلك إذا أحسن الإفادة منها على أكمل وجه وذلك باختيار المؤلفين الأكفاء الاختصاصيين والتربويين.
الدكتور عبد اللطيف هنانو مدرس في قسم الرياضيات بجامعة دمشق قال:
الوثيقتان هما بمثابة هدف طال انتظاره وخطوة كبيرة جداً في مجال التربية وفي مجال وضع خطط استراتيجية عامة للتعليم ما قبل الجامعي تجعل الطالب مؤهلاً لمتابعة الدراسة الجامعية وفي جميع الفروع وأضاف الدكتور هنانو وثيقة المؤلف تراعي وجود ترابط شبه تام بين مواضيع الكتب جميعها بحيث لا يوجد أي فجوات بين الصفوف الدراسية.
الدكتور غسان عياش اختصاص مدرس في كلية العلوم قال:
اقتصرت مشاركتي على إعداد وثيقة المؤلف وهناك تعديل جذري بالنسبة لكتاب البكالوريا «العلوم الطبيعية» فقد تم تعديل بعض الرموز التي كانت تستخدم بشكل خاطئ وتم إدخال معلومات حديثة أبرزها استخدام التقانة الحيوية في مجال تحسين أنواع الهندسة النباتية والحيوانية واستخدام مجالات الهندسة الوراثية والأطعمة المحورة وراثياً ـ ـ مضارها وأخطارها ـ كما قمنا بإجراء تبويب جديد لمناهج الكتاب بشكل سلس وسهل، وأضاف الدكتور عياش: وثيقة المؤلف ذات بعد ايجابي وهذا ما يجب أن يكون لأن الطالب الذي سيدخل كلية العلوم يجد سهولة في المتابعة وفي حال عدم دخوله اختصاص علمي سيكون لديه معلومات علمية مهمة ومفيدة.
الدكتورة سمر بهلوان رئيسة قسم التاريخ في جامعة دمشق قالت: المشروع خطوة رائدة في مجال إعداد الإنسان وإكسابه الثقافة والمهارات والقيم ويحقق الانسجام بين الجانب المعرفي والتربوي.
الدكتورة فرح سليمان المطلق والدكتور جمعة إبراهيم عضوا الهيئة التدريسية في كلية التربية قالا:
عرضت وثيقة المؤلف معظم المفردات لكل المواد بما يفسح المجال لإجراء مسابقات في التأليف محلية وعربية وعالمية تعود على محتوى مناهجنا بالغنى والثراء وتبشر بنتاجات تعليمية واعدة .
وقد امتازت الوثيقتان بارتباط المعايير بفلسفة المجتمع وبالواقع المعاش والتطبيقي ووجود روابط جيدة إضافة إلى تعديل بعض المفاهيم القديمة وإضافة بعض المفاهيم الجديدة بين معايير المواد المختلفة والتوسع في المواضيع شاقولياً وأفقياً ووجود الترابط القوي بين وثيقة المؤلف ووثيقة المعايير.
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد