الاغتصاب والشذوذ الجنسي في سورية جهل وقلة معلومات
"حتى اليوم لا أزال أرسم حرف الميم (m) وحين أخربش أثناء مكالمة هاتفية أو عندما اكتب على رمل الشاطئ فإن ما أكتبه دوما هو حرف(m)
إن هذا الحرف يمثل مورغان ومورغان يجسد الرجل ذلك الرجل الغامض والذي يتعذر الحصول عليه ."
"إيزابيل الليندي- عن كتاب أمي مرآتي"
هي أحجية الرجل والمرأة "الجنس" أحد الثالوثات المحرمة ، وصمة العار، غريزة البقاء، الفقرة الأساس في جرائم الاغتصاب – سفاح القربى- جرائم الشرف.
تبدأ اسئلتنا في الصغر صغيرة كمعارفنا (لماذا أنا بنت ؟ ولماذا هو صبي؟) ويبدأ تلقيننا كما الببغاء بمصطلحات تمسي يوماً ثقافة نتناقلها لأطفالنا عيب، حرام ونبدأ بلعبة الأدوار التي بدأها آباؤنا وأمهاتنا في الفترات المبكرة من حياتنا لتغدو أجسادنا ذلك اللغز الأبدي المتصل اتصالاً وثيقاً بالمحرمات .
ثقافة الجنس أو التربية الجنسية أحد أهم المعارف التي إن نوقشت بطريقة عقلية وعلمية قد تبعد آفات كثيرة عن مجتمعنا ..
تقول سعاد "شعرت بالخجل والإحراج عندما سالتني أختي فتاة الثالثة عشر ماذا تعني المثلية أو مثيلي الجنس أثناء مشاهدتنا برنامج كان يطرح هذا الموضوع في احد القنوات .
كان جوابي غير شافياً لتساؤلاتها بل مبطناً بكذب أبيض خوفاً من صدمتها إن أعطيتها المعلومات الصحيحة لأتركها فيما بعد لخيالاتها غير الناضجة.
يحول البعض مجرى الحديث أو يزجر ويغضب إن سأله طفله كيف جاء إلى الحياة ويعتبرها البعض جرأة لا مثيل لها أو تدخل في شؤون الكبار وكلنا يذكر الحصة الأخيرة من كتاب العلوم في الثالث الإعدادي التي تتحدث عن الجهاز التناسلي عند الذكر والأنثى كيف تصببت المعلمة خجلاً وكيف نزل البعض إلى تحت المقعد تجنباً لنظرات المعلمة.
الثقافة الجنسية في المدارس
هو السؤال كيف تنظرون إلى إدخال مادة التربية الجنسية كغيرها من العلوم في مدارس القطر؟
وكانت الأجوبة!!!....
* أحمد..كيف ستناقش مواضيع بمثل هذه الجرأة وتدرس في مدارسنا ونحن حتى اليوم نعتبره أحد المحرمات وهل الأساتذة الذين سيناقشون هذه المادة هم على قدر من الثقافة والجرأة لطرح هذه المواضيع أمام طلابهم اعتقد أنها ستكون مادة دخيلة، الجنس فطري أولاً وأخيراً ومعلوماتنا التي شربناها من آبائنا صححنا أغلبها حين كبرنا.
* ليلى..النقاش حول هذا الموضوع يحتاج إلى معايير وضوابط أهمها الاعتدال في الطرح وعدم الإباحية .
* منى..هناك بعض المواضيع يجب أن تناقش وبعضها لا فكما قالوا إنها الفطرة ولكن في الآونة الأخيرة دخلت بعض المصطلحات نحن بذلنا جهداً في فهمها فلم يدخل طلاب في مقتبل العمر في متاهات الأسئلة والأجوبة، برأيي أن يكون هذا الموضوع ثقافة عامة أفضل من أن يكون مادة تدرس في المدارس كالجغرافيا والرياضيات.
* عيسى....لم لا، وما الضير أن يكون مادة في المدارس كغيره من العلوم ألا يحق للطالب أن يفهم جغرافية جسده، ألم يقع الكثير منا في مطبات خلقها الجهل بذكورتنا وأنوثتهم، هل هم طلاب الثالث الثانوي العلمي فقط المعنيين بأجهزتنا التناسلية كيف ولدنا ماهية الرحم والخلق، أي نقاش حضاري في اي موضوع يستفيد منه المتلقي، السؤال هل من كادر تدريسي لهذه المادة يدرك ما هي المواضيع التي تناقش ولاتناقش بفتح القاف، وهل يتجرأ مدرس ما بطرح موضوع كالشذوذ الجنسي كأسلوب تحذيري وتنبيهي من المخاطر إن وجد، فلا بأس هي وجهة نظر لا أكثر.
ولعلماء النفس رأيهم ايضاً ...
يقول الأستاذ معاذ موصللي أستاذ مادة الفلسفة والعلوم الإنسانية يعتبر الجنس قضية مؤرقة صعبة المناقشة في المجتمعات العربية لأن الجنس ومسألة الذكورة والأنوثة من الأمور الفطرية لا تحتاج إلى معلم ولكن مع ثورة المعلومات والاتصالات بما فيها وسائل الإعلام المرئي والالكتروني أدى ذلك إلى وصول الكثير من المعلومات التي يتحاشى الأسبقون الدخول والخوض في الأحاديث عنها فالمفاهيم التي نحملها عما يتعلق بالمحرمات هي مفاهيم سلبية متوارثة تتغير الحضارات وترتقي ونبقى في مجتمعنا العربي نخاف من أن نشرح لطفلنا كيف اتى إلى هذه الحياة دون أكاذيب ودون أن نخلق له قصصاً تبعث إلى الضحك.
تحتاج مدارسنا إلى منهاج يدرس مادة عنوانها العريض (التربية الجنسية) وليس الجنس بمعناه الإباحي نستطيع من خلاله خلق الإجابة الشافية حول الفارق بين الذكر والأنثى،نحتاج إلى منهاج يهيء الطفل لمظاهر البلوغ لاحقاً ، والتحدث صراحة عن الشذوذ من خلال سلسلة من النصائح توجه بشكل تربوي يؤدي إلى إمكانية تشكيل فكرة عن الجنس يناسب قدرات الطالب الاستيعابية من بداية دراسته وبذلك تصله رسالة واضحة عن أن ليس كل محرم في مجتمعاتنا يجب أن يكون مرغوب وإنما قد تكون بعض المحرمات هي جزء من الآداب العامة وبذلك نقي المجتمع من أمراضه مثل التحرش الجنسي وزنى المحارم.
فعندما تدرس الخصائص النفسية والسيكولوجية عند المراة والرجل تتشكل المفاهيم الأولى لعلاقات ناجحة بين الرجل والمرأة.
الإعلام والتربية الجنسية
قد يكون من النادر أن نقرأ موضوعاً في الصحف المكتوبة يتحدث عن أحد الثالوثات المحرمة كالجنس وإن تحدث الإعلام عنه يكون غالباً بطريقة إباحية عن طريق المواقع الالكترونية التي تعرض أجساد الجميلات وتتحدث عن الجنس كثقافة رخيصة وسطحية يتهافت إليها شبابنا وشاباتنا لتترسخ في أذهانهم ولتؤثر فيما بعد على علاقاتهم مع الآخر، حضور الجنس ممنوع في الدراما التلفزيونية ..وحضوره ممنوع في المناهج المدرسية...
وروايات عبير بقيت ولسنوات عدة أحد أهم روافد الثقافة الجنسية لمراهقي عصرنا، ولم ننسى كيف أثارت افلام المخرجة المصرية إيناس الدغيدي غضب النقاد العرب لأنها تحدثت صراحة عن جسد المرأة ورؤية المجتمع للجنس بصورة مبتذلة قريبة إلى البهائمية بل واتهمت فيما بعد بالسحاق وبخروجها عن اخلاق الفتاة العربية.
يومياً نسمع عن قصص مروعة حصلت في الشارع السوري وخصوصاً في المناطق التي يحرم فيها حتى الضحك عنوانها العريض الجهل في غريزة البقاء (الجنس).
وقد تكون صحيفة سورية الغد الالكترونية السباقة في مناقشة هذا الموضوع وفتح ملفه معتمدة على هامش الحرية الذي وفرته تجربة الإعلام الالكتروني حيث قالت نضال الخضري في مقدمة الملف "الثقافة الجنسية ليست مجرد توعية أو مناهج يجب أن تلازم الطالب في مراحل التعليم بل هي ثقافة للحياة تضع الجنس في مكانه الصحيح ترتقي بالإنسان بالمعرفة التي يمكن أن نصل إليها، فتصبح مختلفة لأنها مكتوبة في رؤية السعادة بدل الانحراف وتحرير العقل من جعل الجنس بطولات وفتوحات وربما روايات فيها الكثير من التفاصيل المنفرة"
التربية الجنسية في المدارس أساسي
أن يتعلم أطفالنا أنهم خرجوا من فمنا وأنهم أتوا من بقالية جارنا هي كذبة سيكتشفونها فيما بعد لتنتقل أكاذيب الجنس ولتصبح وراثية ، المجتمع يرسخ المفاهيم الخطأ ومن هنا تنشا الأمراض متناسين الحقائق والمفاهيم المستمدة من العلم النفسي والاجتماعي أولاً وأخيراً لتأطير هذا الموضوع ودراسته .
قد يتساءل البعض الثقافة الجنسية في المدارس لماذا وكيف نظرة سريعة إلى امراض مجتمعنا تفي بالإجابة...
ندى ن عادلة
المصدر: بورصات وأسواق
إضافة تعليق جديد