عبد المجيد وبارود: ترجمة أولى وفعليّة لما قرّرته قمّة دمشق

11-11-2008

عبد المجيد وبارود: ترجمة أولى وفعليّة لما قرّرته قمّة دمشق

لخّص البيان الصادر عن اجتماع وزيري الداخليةالسوري بسام عبدالمجيد،  واللبناني زياد بارود أمس، ما أثاراه في لقائهما الموسّع مع الوفدين المرافقين، ثم في خلوتهما التي استمرت ثلث ساعة. بعض الانطباعات التي عاد بها الوفد اللبناني إلى بيروت تركزت على الملاحظات الآتية:
1 ـــــ أن الوزيرين تبادلا عبارات متشابهة تقريباً هي اعتبارهما الاجتماع ترجمة فعلية وأولى لقمة الرئيسين بشار الأسد وميشال سليمان في 13 آب و14 منه في دمشق. قال ذلك عبدالمجيد مشيراً إلى أن ما بدأته قمة دمشق شقّ طريقه في لقاء الوزيرين، وأن هذا اللقاء هو بداية تعاون وتنسيق، لافتاً في الوقت نفسه إلى المصالح المشتركة بين البلدين، بينما قال بارود إن الاجتماع استكمال لما كان بدأ بتحدّثه عن أن زيارته لدمشق محطة أولى وليست غاية في ذاتها، وهي لوضع الأمور في نصابها بشفافية ووفق مسارها الصحيح، مؤكداً أيضاً أن المطلوب عمل جدّي يضع أسس تعاون أفضل.
2 ـــــ لم يقارب الوزيران مواضيع سياسية تبتعد عن جدول أعمال مناقشاتهما. سمع بارود من نظيره تقديراً لافتاً لرئيس الجمهورية، في حين تفادى عبدالمجيد إبداء أي موقف متحفظ عن الحكومة اللبنانية عندما تحدّث بارود عن ضرورة إحالة ما يتفق عليه ونظيره على مجلس الوزراء اللبناني كونه السلطة التنفيذية. ناقشا جدول الأعمال نفسه الذي أعدّ في بيروت ودمشق بلا مفاجآت. كان اللافت أيضاً ظلّ رئيس الجمهورية على محادثات الوزيرين على نحو أشعر الوفد اللبناني، من خلال ما لمسه من أحاديثه مع نظيره السوري، إلى أن دمشق مطمئنة إلى وضع ملف العلاقات السورية ـــــ اللبنانية  في يد سليمان.
3 ـــــ عبّر عبد المجيد عن ارتياحه إلى الاستقرار في لبنان، وتحدث باستفاضة عن المصالح المشتركة بين البلدين، مبدياً رغبة حكومته في إقامة أفضل علاقات ثنائية.
4 ـــــ شكّل تأليف لجنة المتابعة والتنسيق السورية ـــــ اللبنانية الجانب الأهم من الزيارة لأسباب شتى:
منها أن مهمتها لا تتعدّى كونها تحمل هذه الصفة.
ومنها أنها لا تحيي اللجان الأمنية المشتركة القائمة سابقاً بين البلدين، ولا هي لجنة أمنية على غرار ما خبرته تجربة علاقات البلدين، إلا أنها لا تنعى تلك اللجان السابقة ما دامت قمة دمشق خلصت إلى ضرورة إعادة النظر في كل الاتفاقات الثنائية بين البلدين لا إلغائها، وباشر مجلس الوزراء مناقشة هذا الأمر.
ومنها أيضاً أن لجنة المتابعة والتنسيق تمثّل مرحلة جديدة في العلاقات الأمنية السورية ـــــ اللبنانية دونما فتح ملفات الماضي، ولكن مع الأخذ في الاعتبار التحوّلات والتطورات المهمة التي طرأت على العلاقات السورية ـــــ اللبنانية ما بين عامي 2005 و2008، فجعلت آليات التعاون الأمني السابق في حاجة جدّية إلى المراجعة، أو في أبسط الأحوال يتعذّر إحياؤها في ظلّ المعطيات القائمة في علاقات البلدين. بذلك اقتصرت صلاحيات اللجنة الجديدة على المهمات التي ناطها بها الوزيران. ومنها أن اللجنة الجديدة لا تباشر أعمالها قبل موافقة مجلسي وزراء البلدين عليها. طرح الوزير اللبناني هذا المطلب بغية تأكيد المرجعية الدستورية التي يمثّلها مجلس الوزراء لكل مراحل إرساء العلاقات اللبنانية ـــــ السورية، فاستجاب نظيره. وفي الواقع عزّزت هذه الاستجابة التفويض الذي كان قد أعطي لوزير الداخلية في مجلس الوزراء مرتين على التوالي قبل ذهابه إلى دمشق: الأولى عندما فوّض المجلس إليه تأليف الوفد المرافق له وكان ضمناً تفويضاً بحصول الزيارة أساساً. والثانية عندما التأم المجلس بعد أيام على أثر كشف سوريا اتهامات متشدّدين في فتح الإسلام لتيار المستقبل بتمويلهم. غضب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة واستهجن تلك الاتهامات، لكن من غير أن تلغى زيارة بارود لدمشق. أبرَز ذلك أيضاً حدود الجدل السياسي والإعلامي المتاح لبعض أفرقاء الموالاة عندما صعّدوا ضد زيارة دمشق، عشية حصولها، من دون أن تتخذ قياداتهم وممثّلوهم في حكومة الوحدة الوطنية موقفاً ينسجم وهذا التصعيد. وفي خلاصة مهمة بارود أنه عاد إلى بيروت بما كان قد حمله إلى دمشق من جلستي مجلس الوزراء في بعبدا والسرايا.
5 ـــــ جارت دمشق المطلب اللبناني بالحصول على المعلومات الكاملة المتعلقة بالتحقيقات مع متشدّدي فتح الإسلام. وكان بارود حمل هذا الطلب بعد اجتماعه برئيسي الجمهورية اللبنانية والحكومة في بعبدا على أثر الضجة الواسعة التي أثارتها الاتهامات الموجهة إلى تيار المستقبل. كان ردّ فعل نظيره السوري الموافقة على تبادل المعلومات بلا تحفظ، بعدما كانا اتفقا على توسيع نطاق معالجة المعلومات المتوافرة من خلال الأجهزة المختصة. كان المقصود بذلك، بناءً على طلب لبنان أيضاً، جعل القضاء شريكاً في متابعة التحقيقات والحصول على المعلومات، فلا تقتصر هذه على الأجهزة الأمنية، وكي لا تبدو مقاربة الاتهامات تلك على أنها ملف أمني بحت.
6 ـــــ توقع استكمال المشهد الأمني في علاقات البلدين من خلال زيارة مرتقبة لقائد الجيش العماد جان قهوجي لدمشق الأسبوع المقبل، في ضوء معلومات رجّحت تلقيه قريباً دعوة رسمية لزيارتها، يحملها إليه وفد عسكري سوري، للبحث مع نظيره في تعزيز علاقات الجيشين. الأمر الذي يشير إلى انبثاق لجنة متابعة عسكرية مماثلة لتلك التي انتهى إليها اجتماع بارود وعبد المجيد.

نقولا ناصيف

 المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...