المكونات الجديدة لدبلوماسية واشنطن تجاه إيران وتغيير قواعد اللعبة
الجمل: تشير التوقعات إلى أن أزمة ملف البرنامج النووي الإيراني ستأخذ المواجهة فيها أبعاداً نوعية جديدة داخل وخارج إيران وعلى خلفية ذلك نشير إلى الوقائع الجارية حالياً باتجاه أن الأصوات الإسرائيلية المطالبة بحسم أزمة البرنامج النووي الإيراني قد ارتفعت بواسطة معظم المسؤولين والخبراء الإسرائيليين.
* ما هي أبرز الخيارات المطروحة:
ظلت خيارات إدارة بوش الجمهورية إزاء إيران تركز على محاولة اعتماد أحد البدائل الآتية:
• خيار الضربة العسكرية ضد إيران.
• خيار العقوبات الدولية ضد إيران.
• خيار المفاوضات مع إيران.
وتشير المعطيات إلى أن خيار الضربة العسكرية برغم الحشود الأمريكية والغربية ما زال خياراً تشوبه العديد من المخاطر بسبب:
• عدم توافر المعلومات الاستخبارية الكاملة عن القدرات الإيرانية.
• إدراك قدرة إيران على إلحاق الأضرار والخسائر بإسرائيل.
• عدم وجود مخطط يتمتع بالمصداقية إزاء إمكانية القضاء على القدرات الإيرانية بضربة عسكرية سريعة.
• عدم وجود القدرة على وضع إيران تحت الاحتلال المباشر بعد ضربها.
• تزايد المخاطر الإقليمية والدولية بفعل تداعيات الضربة ضد إيران.
• معارضة روسيا لمخطط ضرب إيران ومخاوف واشنطن من أن يؤدي ذلك إلى دفع روسيا إلى انتهاج التحركات التي ستلحق الأضرار بالوجود الأمريكي في أفغانستان والعراق والمصالح الأمريكية في آسيا الوسطى والقوقاز ومناطق شرق أوروبا السابقة.
أما خيار العقوبات الدولية فما يزال متعثراً بسبب الآتي:
• عدم موافقة روسيا والصين على اعتماده بالشكل والصيغة المطلوبة أمريكياً داخل مجلس الأمن الدولي.
• إلحاح دول الاتحاد الأوروبي وبالذات ألمانيا وفرنسا على ضرورة اللجوء إلى عدم تشديد العقوبات ضد إيران.
• عدم قدرة الولايات المتحدة على إقناع دول الجوار الإقليمي الإيراني -وبالذات تركيا تركمانستان وأذربيجان- على اعتماد مخطط فرض الحصار الكامل ضدها.
• قدرة الاقتصاد الإيراني على تحقيق الاكتفاء الذاتي لجهة تفادي خسائر العقوبات الأمريكية والدولية المخففة المفروضة حالياً ضد إيران.
برغم ذلك، تقول المعلومات والتحليلات أن الاقتصاد الإيراني سوف لن يستطيع الصمود طويلاً في مواجهة العقوبات إذا أخذت طابعاً دولياً متعدد الأطراف. وبالنسبة لخيار المفاوضات مع إيران فقد نجحت استراتيجية الدبلوماسية الإيرانية في إيقاع الأطراف الدولية في فخ سياسة كسب الوقت والمماطلة التي ترافقت مع تزايد وتيرة تقدم خطوات البرنامج النووي والصاروخي الإيراني، الذي تقول المعلومات أنه وصل إلى نقطة اللاعودة منذ فترة طويلة.
* الإدارة الأمريكية الجديدة وقواعد اللعبة الجديدة مع إيران:
نشر الموقع الإلكتروني الخاص بمركز دراسات الأمن الأمريكي الجديد التابع للديمقراطيين ورقة بحثية بعنوان «تغيير اللعبة مع إيران» أشارت إلى النقاط الآتية:
• يتوجب على الرئيس الأمريكي الجديد أن يأتي إلى البيت الأبيض وهو يحمل خطة دبلوماسية جديدة جاهزة ووضعها موضع التنفيذ إزاء ملف الأزمة الإيرانية.
• خطة الدبلوماسية الجديدة ضد إيران يجب أن يكون هدفها تغيير قواعد اللعبة عن طريق تغيير طبيعة الدور الذي كانت تقوم به الإدارة الجمهورية السابقة.
• يجب التركيز على وضع إيران أمام الخيارات الأكثر صعوبة وذلك عن طريق دخول واشنطن في مفاوضات مباشرة مع طهران لوضعها أمام خيارات ثلاث:
- مواجهة الضربة بالعسكرية.
- مواجهة العقوبات الدولية الشاملة.
- القبول بتفكيك البرنامج النووي.
• يجب أن تتضمن الخطة الجديدة التركيز على بناء تحالف دولي متماسك إزاء أزمة البرنامج النووي الإيراني ويتوجب على الإدارة الأمريكية التفاهم الجاد أولاً وقبل كل شيء مع حلفائها الأوروبيين.
• يجب أن تسعى الإدارة الأمريكية للتفاهم مع روسيا والصين حول أزمة البرنامج النووي الإيراني وأن تحاول استمالتهما إلى جانبها عن طريق عقد الصفقات التي يمكن من خلالها مقايضة العلاقة معهما مقابل الملف النووي الإيراني وتستطيع أمريكا القيام بذلك حتى إذا اضطرت لتقديم التنازلات لموسكو حول إقليم كوسوفو وآسيا الوسطى أو حتى القوقاز، إضافة إلى تقديم التنازلات لبكين في ملفات كوريا الشمالية والتعاون العسكري مع تايوان وفيتنام.
إضافة لذلك، تشير الورقة إلى ثلاثة حقائق تتعلق بمدى جدوى الضربة العسكرية ضد إيران يمكن استعراضها على النحو الآتي:
أولاً: مدى مصداقية الضربة العسكرية في القضاء على البرنامج النووي الإيراني:
• إن الضربة العسكرية لن تستطيع القضاء على البرنامج النووي وفي أحسن الأحوال ستساعد في تأخير تقدم هذا البرنامج.
• إن أي عمل عسكري في الوقت الحاضر سيساعد على تقوية شعبية النظام الإيراني المتشدد وزيادة قاعدة المتشددين داخل إيران.
ثانياً: مدى مصداقية وقوف روسيا والصين ضد إيران:
• السبب الأول لوقوف روسيا والصين إلى جانب إيران يتمثل في شبكة المصالح التي تربطهما معها.
• السبب الثاني يتمثل في وقوف إيران إلى جانبهما في مواجهة تزايد نفوذ أمريكا.
• السبب الثالث يتمثل في ضعف المجتمع الدولي وعدم وقوفه بالشكل المطلوب إلى جانب أمريكا على النحو الذي يرغم روسيا والصين لجهة الوقوف إلى جانب أمريكا أو مواجهة العزل مع إيران.
* المكونات الجديدة لدبلوماسية واشنطن إزاء إيران: الخطوط العامة:
أشارت الورقة البحثية تحديداً إلى ستة عناصر رئيسية لجهة صياغة قواعد اللعبة مع إيران وتتمثل هذه العناصر في الآتي:
• التقليل من استخدام التهديدات العسكرية ضد إيران لأن هذا التشديد سيلحق الضرر بدبلوماسية واشنطن وفقاً لجانبين، الأول يتمثل في أنه يضع طهران أمام موقف استفزازي لن يترتب عليه سوى المزيد من تشدد الطرف الإيراني، والثاني يتمثل في أن الولايات المتحدة لن تستطيع توجيه ضربة عسكرية حاسمة ضد إيران وهو أمر سيضر بمصداقية أمريكا كقوة عظمى.
• تكثيف استخدام ترتيبات وكالة الطاقة الذرية بما يترتب عليه إما وضع البرنامج النووي الإيراني تحت رقابة الوكالة وبالتالي مواجهة الوكالة فيما إذا حاولت إيران إنتاج الأسلحة النووية، أو خيار إقناع إيران بإجراء تخصيب اليورانيوم في البلدان الأخرى ويمكن لأمريكا نفسها الالتزام بذلك مقابل صفقة إيرانية – أمريكية تتم بموجبها مقايضة بعض الملفات على خط واشنطن – طهران.
• إطلاق مبادرة حوار استراتيجي مع إيران حول مستقبل العراق وأفغانستان ومستقبل الشرق الأوسط ككل، بحيث يتم عبر هذه المبادرة مقايضة البرنامج النووي الإيراني بملفات العراق وأفغانستان والشرق الأوسط.
• إطلاق مبادرة إعادة العلاقات الاستراتيجية الإيرانية – الأمريكية بما يتضمن رغبة الإدارة الأمريكية على القبول والتعايش مع النظام الإيراني في ظل التزامه بدعم واشنطن في حماية المصالح الأمريكية وعدم تهديد أمن إسرائيل.
• إطلاق مبادرة إنهاء العقوبات ضد إيران وتقديم المزيد من الحوافز لها إضافة إلى دعم ضمها إلى المجتمع الدولي مع إعطائها دوراً إقليمياً فاعلاً في محيطها الإقليمي.
• تفادي طرح الشروط المسبقة ودعوة إيران للدخول في مفاوضات مباشرة مع واشنطن على كل الملفات ذات العلاقة بحل الخلاف بين الدولتين.
هذا، وتشير الورقة البحثية إلى أن على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تسعى إلى كسب ثقة طهران عن طريق عدم التورط في ملفات الدبلوماسية الخلفية غير المعلنة مع خصوم إيران التي لم تؤدي إلى مزيد من الشكوك من جانب طهران.
وعموماً، إن شبح الضربة العسكرية الأمريكية ما زال ماثلاً حيث أشار بعض الصحفيين الأمريكيين إلى أن إدارة بوش – تشيني قد تقوم بمفاجأة العالم والقيام بضربة عسكرية طائشة ضد إيران خلال شهر كانون الأول القادم بما يؤدي إلى وضع إدارة أوباما أمام الأمر الواقع، ورغم ذلك فإن احتمالات أن يركز الجهد الرئيسي لمحور واشنطن – تل أبيب على تفعيل ملف العقوبات الدولية عن طريق تشديد الضغوط على روسيا والصين ودفعهما إلى الموقف الحرج فإما خيار المشاركة في العقوبات أو توجيه ضربة عسكرية لإيران وتقول التحليلات أن إسرائيل تضغط على الأمريكيين باتجاه تقديم التنازلات للروس والصينيين مقابل القبول بالضربة أو على الأقل المشاركة في العقوبات التي ستكون على غرار العقوبات الذكية الذي سبق أن طبق في العراق ولكن إدارة بوش كانت قد استبدلت العقوبات الذكية بالاحتلال العسكرية المباشر.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد