هل نشهد إحياء حيوانات منقرضة؟
في سابقة لم يشهدها العلم من قبل، تمكن باحثون من وضع الخريطة الوراثية لحيوان الماموث المنقرض منذ أكثر من ١٠ آلاف سنة، مستخدمين حمضا نوويا أخذوه من شعر أحد الحيوانات التي اكتشفت مجمدة في سيبيريا. وهذا الإنجاز يحيي آمالا بإمكانية أن نرى يوما هذا الحيوان الضخم الشبيه بالفيل يجوب أنحاء المعمورة مرة أخرى. لكنه أيضا يشير إلى أن انقراض أنواع معينة من الحيوانات قد لا يعني فقدانها للأبد. وهذا الأمر، إن صح، ينطبق نظريا أيضا على أنواع شبيهة بالبشر انقرضت كحال الانسان النياندرتالي وإن كان يطرح الكثير من الأسئلة الأخلاقية.
وتمكن الباحثون في جامعة »بنسلفانيا ستايت« الأميركية ومعهد »ماكس بلانك« في ألمانيا من استخراج حمض نووي (خء) متكسر من شعر ماموث تجمد في سيبيريا. ومن المعروف أن الحمض النووي لا يبقى سليما مع الوقت بل يتكسّر إلى أجزاء صغيرة ما يجعل من غير السهل تحديد التسلسل الأساسي للقواعد وبالتالي الشكل الأساسي الذي كان عليه قبل أن يتفتت، هذا إن لم تكن قد لوثته أيضا البكتيريا والفطريات. وهذه المشكلة بالذات هي التي جعلت العلماء ينتظرون لعشر سنوات منذ اكتشاف هذا الماموث المتجمد وحتى الآن، قبل أن يتمكنوا من فك الخريطة الوراثية له أي أن يعيدوا تركيب تسلسل حمضه النووي بنسبة ٨٠ ٪ تقريبا كما كان قبل عشرة آلاف عام.
ففي العام ٢٠٠٥ حصل تطور في الآلات المستخدمة في إعادة تركيب الحمض النووي بحيث ظهرت آلة جديدة أكثر دقة وسرعة أوصلت إلى الانجاز الذي نحن أمامه اليوم. وقد أظهر هذا الاكتشاف أن الماموث والفيل يتشاركان في جزء من الجينات وهما أقرب إلى بعضهما البعض مما كان العلماء يعتقدون ومما كان عليه الانسان النياندرتالي والحديث. كما من شأن هذه الدراسة، التي نشرتها دورية »نايتشر« أمس، أن تقدم إجابات عن الأسباب التي أدت إلى انقراض الماموث.
يقول ستيفن شاستر من جامعة »بنسلفانيا« الذي شارك في قيادة الدراسة »إن فك الخريطة الوراثية للماموث الذي يغطي جسمه الشعر... يفسر انقراضه ربما بسبب وباء ما أصابه أو تغيير في المناخ أو حتى بسبب صيد الإنسان له«. ويضيف شاستر »من خلال الجينوم يمكننا نظريا الحصول على معلومات ستمكن غيرنا من العلماء يوما ما من إعادة إحياء الماموث من خلال إدخال الحمض النووي له في جينوم الفيل«، وإن كان دون هذه الفكرة أشواط عديدة منها ما يشكل حتى الآن تحديا للعلماء لم يتمكنوا بعد من تجاوزه.
فإذا افترضنا أن العلماء تمكنوا من تحديد عدد الكروموزومات الخاصة بالماموث وترتيبها، تأتي مرحلة ثانية هي عملية توزيع أجزاء الحمض النووي المكتشف بشكل صحيح على كل كروموزوم ثم التمكن من وضعها في نواة خلية. بعد ذلك تأتي عملية أخرى معقدة وهي التمكن من أخذ بويضات من الفيل من أجل إدخال هذه النواة المحتوية على جينوم الماموث إليها. وفي حال تمكن العلماء من خلال هذه العملية الشبيهة بعملية الاستنساخ، من التوصل إلى تشكيل جنين ماموث تأتي المشكلة الأخرى في آلية إعادته إلى رحم الفيل بسبب التعقيد الكامن في النظام التناسلي للفيل، ثم التأكد من أنه سيثبت في الرحم ويصل إلى مرحلة الولادة. لكن نيكولز بالرغم من ذلك لا ينفي إمكانية أن يتمكن العلم من تخطي هذه الصعوبات خلال السنوات العشر المقبلة.
ويقول شاستر إن العلماء قد يتمكنون يوما ما من إحياء مخلوقات أخرى انقرضت وكانت تعيش حتى ١٠٠ ألف سنة مضت ما دامت قد حفظت في الجليد وبقي لها شعر. لكن هذا الأمر لا ينطبق على الديناصورات التي يعتقد انها انقرضت قبل ١٤٠ مليون سنة. إنما قد يكون ممكنا في ما خص الانسان النياندرتالي بحسب مقالة لمايكل هورفريتر من معهد »ماكس بلانك« في ألمانيا نشرت في »نايتشر« بالترافق مع الدراسة.
زينب غصن
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد