حسن نصر الله.. وكأس العالم
الساعة الآن التاسعة مساءً قد تنقص أو تزيد قليلاً.. التاريخ 14/7/2006
على شاشة الجزيرة .. المنار .. العربية .. الـ CNN وغيرها وغيرها.. رصد ميداني لأنهار الدماء المنسكبة من شرايين من كانوا يظنون أنفسهم، ونظن أنهم ـ حتى لحظة الحسم القاتلة ـ بشراً..
ونحن في بيوتنا، نحن الذين لم نكن يوماً في الموالاة، ولم نحلم أن نتسلق إلى أبراج المعارضة العاجية، لا وطن بملامح واضحة نتدفأ بحضنه، ولا سجون "المجد والشهرة" منت علينا بصقيع زنازينها، وهراوات سجانيها، ومداعبة أدوات تعذيبها المستوردة من أكثر دول العالم تمدناَ وتحضراً ..
نحن.. أعني جميع الهامشيين والمهمشين الذين يعيشون على حافة رغيف يرفض أن يعطينا أمانه الدائم.. أعني من يستيقظون باكراً.. يشربون ـ بدلاً من القهوة ـ نشرة أخبار، ثم يذهبون إلى أعمالهم (الشاقة غالباً)، وعند المساء يعودون، يزدردون لقمتهم على عجلٍ، بينما تمتلئ بطونهم بكميات لا بأس بها من الأخبار الحارة، والمطفاة دوماً بدماءٍ طازجة تهرق هنا أو هناك، من شرايين من كانوا يظنون، ونظن نحن أيضاً ـ حتى لحظة تفجر دمائهم ـ أنهم بشراً..
نحن .. أعني جميع الذين ما زالوا حتى هذه اللحظة ، يظنون أنفسهم بشراً..
نحن في بيوتنا .. نزدرد طعامنا ونشرة أخبارنا.. يطلع علينا فجأةً، صوت السيد حسن نصر الله، في خطابٍ من قلب الحدث، ويطلب إلينا بكل وضوح، أن نترك كل شيء من أيدينا، ونتفرغ لمشاهدة البارجة الحربية الصهيونية، وهي تحترق وتغرق في عرض البحر..
عشر دقائق ، أو أقل ، تتحول شوارع مدينتنا ـ طرطوس ـ إلى ساحة كرنفال احتفالي، وكأننا نحن من فزنا بكأس العالم بكرة القدم، وليس الطليان..
لقد استطاع خطاب ذلك الرجل .. أن يجعلنا في ظرف دقائق قليلة، نصدق أننا بشر حقيقيون، ونشعر وكأن ثمة كرامة تعترينا ، بين الحين والآخر..
ثمة رموز حقيقية، ما زلنا نحتاج إليها ـ سواء اتفقنا أو اختلفنا معها ـ كي تستعيد إنسانيتنا بعض توازنها...
محمد سعيد حسين
إضافة تعليق جديد