باراك يتفقد حالة التأهب ضد لبنان: تسـلّح «حـزب الله» يخـرق التـوازن
تزايدت الإشارات يوم أمس حول التوتر الخفي وحالة التأهب العالية التي تتعامل بها إسرائيل مع الوضع على حدودها مع لبنان. وفيما توحي مصادر أمنية إسرائيلية بأن هذه المسألة مرتبطة بدرجة كبيرة باحتمالات ثأر «حزب الله» لاغتيال الشهيد عماد مغنية قبل عام، ألمحت قيادات سياسية وأمنية إلى احتمال أن تكون الأمور أعقد من ذلك وتتعلق بالوضع الإقليمي.
وقد جال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أمس على قاطع الفرقة 91 التابع لقيادة الجبهة الشمالية حيث اجتمع مع قادة وجنود إسرائيليين يخدمون هناك. واطلع باراك على جهوزية القوات المرابطة في ذلك القاطع وقال «نرى انتشارا وجهوزية وقدرات أعلى بكثير مما رأيناه هنا قبل ثلاث سنوات، وقت الضربة الأخيرة».
وحذر باراك ردا على سؤال يتعلق بالإنذارات حول قرب تنفيذ عمليات ثأر لاغتيال مغنية، «حزب الله» من محاولة اختبار إسرائيل. وقال «أريد هنا على الحدود القول انني لا أوصي حزب الله باختبارنا. فالنتائج يمكن أن تكون أشد إيلاما مما تبدو». وأضاف «أننا نراقب بيقظة كل ما يجري خلف الحدود».
وألمح الوزير الاسرائيلي إلى الحكومة اللبنانية ودورها في المحافظة على الهدوء، موضحا «أريد القول للحكومة اللبنانية، إننا نرى فيها الجهة المسؤولة في الأساس لأن حزب الله ليس فقط منظمة إرهابية تتراكض بين التلال، وإنما تجلس حول طاولة الحكومة في بيروت، مع كمية كافية من الوزراء بغية تقرير طابع العملية، لذلك فإن حكومة لبنان تتحمل المسؤولية العامة».
وشدد باراك على أن كل محاولة من جانب «حزب الله» لتنفيذ عمليات، ستجابه برد فعل «لا أريد تبيانه»، لافتا إلى أنه «يتواجد هنا قائد المنطقة الشمالية وقائد الفرقة وتحت إمرتهما قوات جاهزة بنفسها، تراقب، وهي على استعداد، بهدوء ويقظة وثقة«.
وقال باراك في حديثه مع الصحافيين الإسرائيليين المرافقين »هناك التوتر حول الذكرى السنوية لاغتيال مغنية ومن الصعب جدا سلفا معرفة من أين سيأتي الثأر. إننا يقظون كذلك حول موضوع التهريب من سوريا إلى حزب الله، وهناك منظومات عديدة نعتبرها مخلة بالتوازن، يجبرنا نقلها، على العمل«.
وأبلغ باراك المراسل العسكري للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، ان منظومات الأسلحة التي يقصدها هي التي يمكن أن تخل بالتوازن »على أرض لبنان وفي أجوائها«، في إشارة واضحة الى المنظومات المضادة للطائرات. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية عديدة قد أشارت إلى احتمال أن تسلم سوريا »حزب الله« منظومات مضادة للطائرات يمكن أن تستخدم لتحدي الهيمنة الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية.
وأشار المراسل العسكري لصحيفة »هآرتس« عاموس هارئيل إلى أن إسرائيل تشتبه في أن لدى سوريا نية لتسليم »حزب الله« صواريخ مضادة للطائرات. وكتب أن هذا أحد الأسباب وراء التوتر القائم حاليا مع »حزب الله«. وقال إن مثل هذا التوتر نشأ أيضا في تموز من العام الماضي على أرضية المخاوف ذاتها.
غير أن رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد، حذر مساء أمس في مؤتمر هرتسليا من »اننا على مسار تصادم مع سوريا باحتمالات عالية وتقريبا كنا في ذلك الموضع صيف العام ٢٠٠٦«. وقال ان ما يمنع ذلك هو مواصلة السعي للتوصل إلى سلام مع دمشق.
وأشار جلعاد في مناقشة مع جنرالات سابقين يخالفونه الرأي، إلى أنه لا مفر لإسرائيل من محاولة التوصل إلى سلام مع سوريا على المدى القريب، اذ »ان عدم تحقيق هذا السلام كفيل بخلق جبهة هي الأشد خطورة على إسرائيل تحوي بعد عامين إيران النووية، ومنظومة صواريخ سورية، وإرهاب من حزب الله وحماس، المسلحين بالصواريخ«.
وتابع المسؤول الاسرائيلي »أقول لكم إن هناك فرصة للتقدم نحو السلام، وعبر ذلك نضع على الطاولة مشاكلنا من نوع مطلبنا بقطع العلاقات العسكرية مع إيران التي لن يكون لنا أي سلام معها. وبذلك، نستطيع وقف شحنات الأسلحة الى حزب الله، ونستطيع إخراج قيادات الإرهاب من دمشق، وبالتالي نضعف كل الائتلاف المعادي في المنطقة. إن السلام مع سوريا يمكن أن يضعف جدا الأخطار المحدقة بإسرائيل، لكن ينبغي الأخذ بالحسبان، أثناء ذلك، أن السلام قد يفشل، وحينها أيضا أعتقد أننا في كل الأحوال نتخلى عن مسار الصدام مع سوريا«.
وقد أيد كلام جلعاد رئيس الموساد السابق الجنرال داني ياتوم الذي قال إنه من دون سلام مع سوريا لن يكون هناك شرق أوسط هادئ ومستقر. وخلص إلى أنه »لا مجال للتباطؤ لأن العام المقبل سيكون أسوأ، وبعد عامين أسوأ وأسوأ«.
لكن رئيس وحدة الأبحاث الأسبق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال يعقوب عميدرور، قال ان »هناك من يحاول أن يبيعنا أوهاما. ليس هناك من شخص في العالم يعتقد ان سوريا إذا أقامت سلاما معنا ستوقف علاقتها بإيران. إنهم يذرون الرماد في عيوننا. وشعب إسرائيل منذ أوسلو يحب الأوهام«.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد