أمن بريطانيا مقابل التكتم على "غسيل جوانتانامو الوسخ"
أوحى خبر أوردته صحيفة الجارديان البريطانية عن أن بوادر خلاف دبت بين بريطانيا والولايات المتحدة حول قضيّة تتعلق بـ"تعذيب" معتقل أثيوبي كان مقيما في بريطانيا أثناء وجوده في معسكر جوانتنامو الأمريكي على الأراضي الكوبية، بأن الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما سيضطر للتعايش مع قوى ومؤسسات تواصل السير على نهج بوش القاضي بتغليب المعطى الأمني على الجانب الحقوقي الإنساني.
وقالت الجارديان إن قاضيين بريطانيين امتنعا عن الكشف عن أدلة تتعلق بتعذيب المعتقل بنيام محمد، الذي يحمل إقامة بريطانية، بعدما تلقت حكومة جوردن براون تحذيرا من السلطات الأمريكية بوقف التعاون في مجال الاستخبارات بين البلدين لو كشفت الطبيعة السرية لتلك الأدلة.
واعتقل بنيام محمد في باكستان عام 2002 وسلّم سرا إلى المغرب، ثم نقل إلى أفغانستان قبل أن ينقل في نهاية المطاف إلى معتقل جوانتنامو حيث لا يزال هناك منذ ست سنوات.
وعلّق أحد المراقبين على الخبر بأن أوباما قد لا يضطر فقط للتضحية ببعض من وعوده الكبيرة التي أطلقها بشأن إقفال ملف غوانتانامو وتخليص أمريكا من وصمة عاره، بل سيكون عليه الاجتهاد لمداراة سلسلة الفضائح التي ستتوالى حلقاتها حين يخرج إلى الحرية معتقلون ستتلهف وسائل الإعلام على نقل ما تعرضوا له من أهوال طيلة سنوات حبسهم.
وأضاف قوله :"ليس أكثر من أن تضغط السلطات الأمريكية على حكومة بلد حليف بحجم بريطانيا كي تمنع نشر غسيل غوانتانامو الوسخ"، معتبرا أن "بلوغ الضغط حد المساومة على أمن البريطانيين هو دليل على مقدار الحرج الذي تواجهه واشنطن".
واعتبر آخر أن لندن لن تكون أحسن حالا من حليفتها واشنطن، وأنها من حيث رضخت للضغوط وغلّبت العامل الأمني على العامل الحقوقي، فستتقاسم معها الحرج سواء بسواء.
ويبقى الأكثر إحراجا في رأي المراقبين هو ما أوحت به الجارديان من أن القاضيين البريطانيين اللذين امتنعا عن الكشف عن أدلة تتعلق بتعذيب المعتقل المذكور، تعرضا بدورهما لضغوط لاتخاذ قرار قالا إنها غير سعيدين باتخاذه.
ومن شأن معطى كهذا أن يخدش إحدى مفاخر قيم الدولة البريطانية وهي استقلالية القضاء، فضلا عن أن من "نصح" باتخاذ القرار لا يعدو أن يكون أحد المحسوبين على دعاة التغيير في حكومة براون وزير الخارجية "الشاب الثوري" ديفيد ميليباند.
وأوردت الصحيفة أن القاضيين قالا إنهما غير سعيدين بالقرار الذي توصلا إليه بناء على نصيحة من ديفيد ميليباند وجهاز "إم آي 5" تقول "إن الأدلة يجب أن تبقى سرية لأن الأمن العام البريطاني سيكون عرضة للخطر إذا نفذت الولايات المتحدة تهديدها وأوقفت التعاون في مجال المخابرات في حال كُشفت الأدلة".
وقال مراقبون إن على حكومة براون المرهقة أصلا من معالجة الملف الاقتصادي المعقّد أن تستعد لمواجهة عاصفة من النقد بخصوص الملف الحقوقي.
وقال كليف سميث مدير مؤسسة "ريبريف" الخيرية التي تمثل المعتقل بنيام محمد "إن الولايات المتحدة عليها التزام قانوني بالتحقيق في جريمة التعذيب وليس دفن الأدلة، أما رضوخ وزير الخارجية البريطاني لتلك المطالب فهو نوع من الإذعان للابتزاز".
ولم يمنع نفي ميليباندأن تكون بلاده تعرضت لضغوط لحجب أدلة تعذيب بنيام محمد، أحد المعلقين من القول ساخرا "الولدان أوباما وميليباند بدآ أخيرا يتخليان عن "شقاوة" الحملات الانتخابية ويتفانيان في صيانة إرث الأبوين بوش وبلير"!
زهير بوحرام
المصدر: العرب أون لاين
إضافة تعليق جديد