دمشق وواشنطن: تنشيط القنوات الدبلوماسية
أكد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، ان سوريا والولايات المتحدة لم تغيرا سياساتهما تجاه مختلف القضايا الإقليمية، وذلك بعد جلستين من الحوار السياسي المطول عقدهما مساعد وزيرة الخارجية الأميركية بالوكالة جيفري فيلتمان، في زمنين متقاربين، مع كل من وزير الخارجية وليد المعلم في دمشق، والسفير السوري في واشنطن عماد مصطفى.
وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه رغم صعوبة الفصل بين العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية التي تعني الطرفين، فإن الجانبين اتفقا على إعادة «الآلة الدبلوماسية» بينهما إلى العمل، مشيرا إلى ان سوريا وافقت على منح عدد من التأشيرات لموظفين أميركيين لزيارة سوريا، كان سبق أن جمدتها.
وكرر المسؤول القول أن الحديث مع المسؤولين السوريين في دمشق وواشنطن كان إيجابيا وبناء، موضحا بحضور عدد كبير من الصحافيين في مبنى وزارة الخارجية في واشنطن، ان «هذا أوسع حوار سياسي نعقده منذ أربع سنوات على هذا المستوى»، موضحا أنه سبق للجانبين أن تحدثا في أمور ثانوية كاللاجئين العراقيين.
وسألنا المسؤول الأميركي حول الدرجة التي يمكن للملفات الإقليمية أن تؤثر فيها على تطور العلاقات الثنائية، فقال ان «العلاقة مع سوريا فيها جوانب ثنائية وإقليمية وسأجد صعوبة كبيرة في التفريق بين ما هو ثنائي وما هو إقليمي»، مضيفا ان «الأجواء جيدة واللقاء كان منذ ايام فقط وكل منا تكلم في مواضيع كثيرة ونحن نتمنى أن نكون قادرين على البناء على اللقاءات التي حصلت في دمشق وهنا».
واضاف المسؤول الاميركي أن كل المواضيع «التي أراد (وزير الخارجية وليد) المعلم الإشارة إليها كانت هي المواضيع التي أثرتها»، واصفا الطريقة التي عرض بها المعلم هذه المواضيع بأنها «بناءة» ووفق مبدأ «البدء بما يمكن الاتفاق عليه»، لافتا الى ان العراق جاء في هذا السياق.
وقال انه «يتمنى أن يكون السوريون قد لاحظوا اللهجة (الأميركية) الجديدة»، معتبرا ان «الحديث جرى في العمق». وأوضح «لم نسمع منهم سياسات جديدة ولم يسمعوا منا سياسات جديدة»، وكرر أنه «لم يكن مفاجئا للجانب السوري أن يسمعونا نقول أننا نريد أن تتم الانتخابات اللبنانية من دون تدخل خارجي»، مشيرا الى أن السوريين لم يعارضوا هذا الطرح.
كما أكد المسؤول الأميركي ان الجانب السوري رحب بتأكيد الولايات المتحدة رغبتها في تحقيق سلام شامل في المنطقة، مشيرا الى أنه يفضل التركيز على المسار السوري وتحريك عملية السلام، في وقت لفت إلى أن تحقيق تقدم في العملية السلمية قد يساعد في بعض المواضيع وليس فيها كلها.
وقال المسؤول ان الحوار الذي جرى في دمشق احتد في أوقات معينة، مضيفا في وقت لاحق ان ذلك حصل حين جرى الحديث عن «حزب الله» و«تهريب السلاح من إيران عبر سوريا إليه»، لكن «اللقاء سادت فيه أجواء اجتماعات العمل وغابت عنه لغة الشعارات». وقال ان الجانب السوري هو الذي فتح موضوع العلاقة مع إيران، مستبقا الجانب الأميركي في ذلك.
وسئل المسؤول الأميركي عن موقف بلاده من خطوة بريطانيا فتح باب الحوار مع «حزب الله»، فقال انه كان ليسألهم «ما هو الفرق بين الجناح السياسي والجناح العسكري؟». وهنا سألناه عن تفسيره للفارق في فتح باب الحوار مع حركة طالبان، كما سبق وأعلن رسميا، وبين فتح الحوار مع «حزب الله»، فأجاب المسؤول بأن هذا خارج اختصاصه، مضيفا أن زيارته الأخيرة لبيروت تزامنت مع ذكرى استشهاد (القائد في المقاومة) عماد مغنية «بعدما أنكر «حزب الله» لسنوات معرفته بعماد مغنية»، مشيرا إلى انتشار الصور واللافتات في بيروت في هذه المناسبة، ما دفع أحد الصحافيين إلى القول «لا تبدو سعيدا بذلك»، فكان أن أجاب بشكل قاطع «لا».
وبشأن ما يمكن ان تعنيه المصالحة العربية الحالية، وفيما إذا كانت مرتبطة بالتحرك السوري الأميركي، قال المسؤول الأميركي «هناك الكثير من القلق حول دور إيران في المنطقة والانقسام بين من يسمى بالمعتدلين، ومن يسمى بالمتشددين، ولو أنني لا أوافق على هذه التسمية.. وهناك عمل من أجل تخفيف التوتر قبل قمة الدوحة، كما نرغب في رؤية سوريا تؤدي دورا بناء في المنطقة». لكنه اضاف انه «من غير المساعد رؤية (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) خالد مشعل يدعو إلى إلغاء مبادرة السلام العربية». وتابع «تحدثنا إلى مسؤولين عرب حول قرارنا اعتماد لغة حوار مع سوريا والجميع رحبوا ولكن طلبوا منا أن نبقي أعيننا مفتوحة».
وسئل المسؤول عن العلاقة مع حماس، وتأثيرها على مسيرة تحسين العلاقات، فقال «تحدثنا عن حماس، والسوريون قالوا إنهم قادرون على التأثير ولكنهم حتى الآن لم يستخدموه»، معتبرا أن قبول حماس بحل الدولتين يمكن أن يكون دليلا على ذلك.
وحول المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قال إنها اصبحت واقعا وبدأت عملها، معتبرا أنها «ليست سياسية، ويجب تجنب تسييسها». ودعا الجميع إلى التعاون مع المحكمة، مضيفا ان واشنطن ستدفع باتجاه ذلك.
ورفض المسؤول الاميركي الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان الطرفان قد خاضا حديثا حول ملفي الديموقراطية وحقوق الإنسان. أما في ما يخص تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المتعلق بسوريا، فقال المسؤول باقتــضاب ان هذا الموضــوع مقلق بالنسبة لواشنطن، وأنـه طــلب التـعاون مع الجانب السوري.
وقال المسؤول أن ثمة جوانب مقلقة لدى الطرفين، إلا أن «آليات عمل العلاقات الثنائية بدأت»، مشيرا إلى قرار السلطات السورية «منح التأشيرات (لعدد من الموظفين الأميركيين في السفارة الأميركية في دمشق)». واضاف ان «قنوات الدبلوماسية تتقدم وسنرى أين نصل»، مؤكدا الاتفاق على «عدم استخدام أدوات الدبلوماسية بشكل سلبي في علاقتنا»، نافيا أن يكون قد اتخذ أي قرار باتجاه العقوبات الأميركية على سوريا.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد