أوباما يعاقب نتنياهوعلى سلوكه
أربك التعاطي الأميركي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المعلقين السياسيين في الجانبين حول طبيعة ما دار في اللقاء مع الرئيس باراك أوباما.
وقد اضطرت التعليقات السلبية كلا من نتنياهو ومصادر أميركية عليا للحديث عن لقاء وصف بأنه كان بين «الاعتيادي» و«الإيجابي». وفي وقت لاحق جرت الإشارة إلى أن اللقاء كان إلى حد كبير ذا «طابع اختباري» لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الرجلين.
وأعلن نتنياهو أن الحوار مع أوباما، أمس، «كان إيجابيا جدا ومركزا، وقد شمل جملة مواضيع تتعلق بأمن إسرائيل، ومساعينا المشتركة للتقدم بالعملية السلمية». ولم ينس القول إن هذه الزيارة ستتبدى لاحقا «بأنها كانت على قدر كبير من الأهمية».
وتتناقض الإيجابية التي أشار إليها نتنياهو مع الغموض الذي أثير فور انتهاء اللقاء حين بادرت حاشيته إلى إلغاء إيجاز مقرر للصحافيين الإسرائيليين. وقد فسر إلغاء الإيجاز الأول، وبعد ذلك الإيجاز الثاني، على أنه محاولة للتهرب من تفسير المهانة التي لحقت بنتنياهو الذي أصر على عقد اللقاء. وكان اللقاء، وفق كل التقديرات، مهينا في الشكل ومعبرا عن الضجر الرئاسي الأميركي من سلوكيات نتنياهو وحكومته.
فقد كرس للقاء حوالي ساعة ونصف الساعة في وقت متأخر ليلا ومنع الصحافيون من تغطيته ولم يسمح للمصور الرسمي الإسرائيلي بالتقاط صور، في حين رفض البيت الأبيض بث صور التقطها مصوره. ودفع هذا الوضع معلقين إسرائيليين رفيعي المستوى للحديث عن أزمة في العلاقات ليس بين الدولتين وإنما بين الرجلين.
ورغم الكلام الكثير عن «الخلاف السياسي»، فإن بعض المراسلين الإسرائيليين يشيرون إلى اختلاف الأمزجة. فإدارة أوباما استاءت من الطريقة التي يعرض فيها نتنياهو ورجاله تفهمهم لمتطلبات إسرائيل. وهي لم ترتح البتة لموقف نتنياهو بعد اللقاء الثلاثي في نيويورك قبل شهرين وبعد تراجع إدارة أوباما عن شرط الوقف التام للاستيطان قبل استئناف المفاوضات.
ويرى كثيرون أن إدارة أوباما أرادت تلقين نتنياهو درسا في التعامل مع الرئيس الأميركي من دون أن تمس بالمصالح الإسرائيلية. وأشار البعض إلى أنه رغم ذلك جرى الحديث في اللقاء عن مسألتين مهمتين: واحدة إجرائية والثانية جوهرية. وفي المسألة الإجرائية أبدى أوباما انزعاجه من مسارعة نتنياهو لتسريب ما يدور في اللقاءات للصحافة الإسرائيلية وإظهار الرئيس الأميركي وكأنه من يتراجع أمام العناد الإسرائيلي. ويقال إنه طلب اعتبار ما جرى في هذا اللقاء نوعا من الاختبار لتحديد مقدار الثقة التي يمكن خلقها بين الرجلين لفتح صفحة جديدة.
أما في المسألة الجوهرية فهناك من يقول إن نتنياهو في سعيه لإرضاء أوباما عرض في اللقاء اقتراحات محددة وملموسة وجديدة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ومن شبه المؤكد أن نتنياهو حاول التوافق مع النظرة الأميركية تجاه حل النزاع حول المشروع النووي الإيراني.
وليس صدفة أن بعض هذه النقاط وردت في بيان البيت الأبيض حول اللقاء: «الرئيس عاد وكرر التزامه بأمن إسرائيل، وأنه تحادث مع رئيس الحكومة حول جملة مواضيع تتعلق بالتعاون الأمني. وتباحث الرئيس ورئيس الحكومة أيضا حول المسألة الإيرانية وكيفية التقدم بالعملية السلمية».
وفي كل الأحوال يمكن الإشارة إلى رسائل متناقضة أطلقت بعد اللقاء. وأولى هذه الرسائل قول وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، عشية زيارة نتنياهو إلى باريس اليوم حيث يلتقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، إن «من المذهل اختفاء حركة السلام في إسرائيل. ويبدو لي أن الرغبة في السلام اختفت تماما، كما لو أن الناس كفوا عن الإيمان به. وفي فرنسا نخشى من أن إسرائيل لم تعد معنية باستمرار وجود المفاوضات من أجل السلام في الشرق الأوسط».
غير أن كبير موظفي البيت الابيض راحم عمانوئيل، قال أنه «في الشرق الأوسط نحن ندعم حليفتنا، إسرائيل. وكما قال أوباما في مصر فإن العلاقة بين أميركا وإسرائيل أبدية. وهي ترتكز إلى مبادئ محددة وغدت أقوى».
وأكد عمانوئيل باسم اوباما أن «طريق الحوار فقط يمكن أن يوصل للسلام الذي نريد. وهذا وقت حرج. نحن نريد تحقيق دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بأمن وسلام... وإسرائيل لن تسير وحدها، ولذلك فإن الولايات المتحدة ضالعة وتقف إلى جانب إسرائيل كصديق حقيقي في كل خطوة تأخذ فيها مخاطر. وعلى الفلسطينيين أن يفهموا حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية ويوقفون العنف».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد