ماذا تريد إسرائيل من تركيا مقابل عودتها للمفاوضات مع سوريا
الجمل: أشارت التقارير الإسرائيلية إلى أن وزير الصناعة والتجارة والعمل الإسرائيلي الجنرال بنيامين بن أليعازر من المتوقع أن يقوم في القريب العاجل بتقديم طلب إسرائيلي لتركيا، لجهة قيام أنقرة باستئناف دور الوساطة في محادثات السلام السورية – الإسرائيلية. هذا، وعلى خلفية تطورات الأحداث والوقائع التي ظلّت تجري في الساحة السياسية الشرق أوسطية، فإن التحرّك الإسرائيلي الجديد، يتضمن أكثر من دلالةٍ وإشارة، سواء بالنسبة لتل أبيب وبالنسبة لأنقرة، وأيضاً بالنسبة لدمشق.
* ماذا تقول المعلومات؟
أعد الصحفيان الإسرائيليان أورا كورين وجاك كوري تقريراً تم نشره اليوم، وحمل عنوان (إسرائيل ترغب في عودة تركيا كوسيط مع سوريا)، وأشار التقرير إلى النقاط التالية:
• من المتوقع قيام وزير الصناعة والتجارة والعمل الإسرائيلي الجنرال بنيامين بن أليعازر بتقديم الطلب الإسرائيلي لتركيا، لجهة قيام أنقرا باستئناف عملية الوساطة في المحادثات السورية – الإسرائيلية.
• تم تنسيق الجوانب السياسية المتعلقة باستئناف تركيا لعملية الوساطة، ولعملية الوساطة نفسها، بواسطة الأطراف الإسرائيلية المعنية، وعلى وجه الخصوص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزارة الخارجية الإسرائيلية.
• محفزات الرغبة الإسرائيلية في الطلب من أنقرة دور الوساطة في المحادثات السورية – الإسرائيلية، تهدف إلى أن يكون المقابل للطلب الإسرائيلي هو تحسين العلاقات الثنائية التركية – الإسرائيلية.
• من المتوقع أن يغادر بنيامين بن أليعازر إسرائيل مساء يوم الأحد، متوجهاً إلى تركيا لتقديم الطلب الإسرائيلي لأنقرة.
• سوف يركّز بن أليعازر في تفاهمه مع أنقرة على ضرورة أن تقوم تركيا، أولاً وقبل كل شيء، بإظهار عودة العلاقات التركية – الإسرائيلية إلى المستوى الذي كانت عليه قبل التدهور الذي حدث بسبب عملية «الرصاص المسكوب» التي نفذتها القوات الإسرائيلية ضد قطّاع غزّة.
• التأكيد على ضرورة أن يتضمن قيام أنقرة بتحسين وتطبيع علاقاتها مع إسرائيل جملة من السلوكيات الدبلوماسية، بما يتضمن الأقوال والأفعال الملموسة والقابلة للتحقق إسرائيلياً.
• أن تتضمن جهود تحسين العلاقات التركية – الإسرائيلية، قيام الرئيس التركي عبد الله أوغلو بزيارة إسرائيل وعقد لقاء مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز.
• قيام بنيامين بن أليعازر بالتفاهم وبذل الجهود الساعية لإعادة الروابط الإستراتيجية الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والسياسية بين طرفي خط أنقرة – تل أبيب.
• قيام بنيامين بن أليعازر بعقد لقاءات خاصة مع وزير الزراعة ووزير الدفاع التركيين.
هذا، وتقول المعلومات والتسريبات الواردة في التقرير، بأن بنيامين بن أليعازر سوف يحضر فعاليات المؤتمر الاقتصادي التركي – الإسرائيلي السنوي، الذي سوف ينعقد في أنقرا، وإضافةً لذلك، فإن بنيامين بن أليعازر سوف لن يلتقي برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، والذي اعتذر عن اللقاء بسبب انشغاله ببعض الملفات الخارجية، وبالتالي، فعلى الأغلب أن يقابل بنيامين بن أليعازر الرئيس التركي عبد الله غول أو وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو.
* ماذا وراء التحرك الإسرائيلي الجديد نحو الوساطة التركية؟
انخرطت إسرائيل في جولات المحادثات غير المباشرة التي رعتها تركيا مع سوريا، ثم بعد ذلك سعت إسرائيل بنفسها إلى عرقلة جولات المحادثات، ولم تكتفِ بذلك، وإنما سعت إلى تقويض الجهود التركية واستبدالها بجهود لأطراف أخرى جديدة، والآن، وكما هو واضح، بعد أن أكدت دمشق تمسكها الحازم بالمضي قدماً في مسار الوساطة التركية، فإن ما حدث هو إدراك تل أبيب الواضح والتقاطها للإشارة التي تبنتها دمشق بوضوح عبر قصر الإليزيه، عندما قابل الرئيس بشار الأسد نظيره الفرنسي الرئيس نيكولا ساركوزي خلال الأسبوع الماضي.
برغم إدراك تل أبيب للمخاطر التي سوف تترتب على عدم الالتزام باحترام جهود الوساطة التركية، فإن تل أبيب تسعى حالياً ليس للاستفادة من فرصة الوساطة التركية، وإنما لاستغلال هذه الفرصة في خلق فرصة إضافية أخرى، ترمي إلى الآتي:
- فرض المزيد من الشروط الإسرائيلية على أنقرة لجهة مقايضة تركيا بالتخلي عن موافقتها السابقة تجاه إسرائيل كمقابل لموافقة تل أبيب على استمرار جهود الوساطة التركية.
- تحييد تركيا في قضايا الصراع العربي – الإسرائيلي، ومن أبرزها، المواقف التركية المتوقعة إزاء تداعيات تقرير غولدستون، وإزاء التدخل والتورط الإسرائيلي في شمال العراق ومنطقة القوقاز.
- محاولة تنشيط ملفات التعاون الإسرائيلي – التركي، والتي سبق أن تم التفاهم والتأكيد والاتفاق عليها بين تل أبيب والزعيم التركي السابق الشديد الحماس لإسرائيل «تورغوت أوزال»، والذي حزنت عليه إسرائيل وزعماء اللوبي الإسرائيلي أكثر من حزنهم على بن غوريون وليفي أشكول وموشي دايان.
- بذل المزيد من الجهود، بما يتيح لتل أبيب اللحاق بقطار العلاقات التركية – الإيرانية، والتركية – السورية، وأيضاً التركية – العراقية، والتركية – الروسية والتركية – الأرمنية، وهو القطار الذي مضت مسيرته، فسوف لن يؤدي سوى إلى إعادة رسم خارطة تحالفات إقليمية جديدة تفرض المزيد من العزلة ضد الإسرائيليين.
حتى الآن، من الصعب تحديد الكيفية التي سوف يكون رد الفعل التركي عليها، وعلى الأغلب أن يتضمن رد الفعل التركي النقاط الآتية:
• الموافقة على الاستمرار في جهود الوساطة في رعاية المحادثات السورية – الإسرائيلية.
• الموافقة على إصلاح الروابط الاقتصادية والسياسية.
• التحفظ في تفعيل الروابط العسكرية والأمنية إذا كان ذلك ينطوي على رغبة تل أبيب في استخدام الساحة التركية كممر عبور لاستهداف إيران أو سوريا أو غيرهما من دول المنطقة.
• التحفظ في احتمالات أن يقوم الرئيس التركي عبد الله غول بزيارة إسرائيل فوراً، ولكن على الأغلب أن يتم تحديد موعدٍ لاحق، طالما أن الرئيس التركي عبد الله غول هو الذي بادر بإلغاء الزيارة.
نلاحظ أيضاًَ، أن طلب الإسرائيليين لزيارة الرئيس التركي عبد الله غول قد تضمن الإشارة إلى عقد لقاء مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز دون أي إشارة للقاء بنيامين نتنياهو، وعلى ما يبدو، أن تفعيل دبلوماسية رؤساء مجلس الوزراء سوف تتم على خط أردوغان – نتنياهو بعد فترة من الاطمئنان على تطبيع العلاقاتـ بما يتناسب مع "عجرفة" نتنياهو الذي أصبح يبذل المزيد من الجهود الخارقة هذه الأيام لتغطية انكشاف وتراجع الدبلوماسية الإسرائيلية في مواجهة الدبلوماسية السورية التي حققت الكثير من التقدم هذه الأيام وعلى وجه الخصوص في أنقرا التركية وباريس الفرنسية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد