عودة المفاوضات السداسية مع كوريا تخفّف التوتّر في شرق آسيا
تأتي زيارة مساعد الأمين العام للشؤون السياسية، الأميركي لين باسكوا، إلى بيونغ يانغ غداً، من أجل تخفيف حدة التوتر العسكري بين كوريا الشمالية وجارتيها الجنوبية واليابان والتمهيد لصيغة حل دائم قد تنهي الصراع الدائر في المنطقة منذ خمسينيات القرن الماضي. وكان من المفترض أن يراجع مجلس الأمن الدولي العقوبات على كوريا الشمالية هذا الشهر، لكن في غياب الإجماع السياسي بين الدول الأعضاء، لا سيما بين الدول الخمس الدائمة العضوية، على تشديد العقوبات، تبلور موقف يقضي بتجديد الحوار مع بيونغ يانغ بوساطة دولية. وهذا ما عبّر عنه مندوب اليابان لدى الأمم المتحدة يوكيو تاكاسو، في وقت سابق، حيث قال إن كوريا الشمالية تبعث برسائل متباينة، «بينها احتمال العودة إلى طاولة المفاوضات السداسية يقابلها تصعيد عسكري وتقارير من لجنة العقوبات بأن كوريا الشمالية تحاول محاولة حثيثة التملص من العقوبات المفروضة عليها».
من جانبه اجتمع باسكوا أمس في العاصمة الكورية الجنوبية سيول بكبار المسؤولين المعنيين، وعلى رأسهم وي سونغ لاك، كبير المفاوضين في كوريا الجنوبية المختص بالمباحثات السداسية. وقال إنه يتوقع أن تشمل المباحثات في بيونغ يانغ التي يصلها الثلاثاء «جملة مواضيع شاملة». وكانت بيونغ يانغ رحّبت بزيارته على أساس أن أي تقدم في المباحثات ينبغي أن يقترن برفع العقوبات الدولية المفروضة بقرارات من مجلس الأمن الدولي.
وهكذا بعدم استثنائه لبحث العقوبات يكون باسكوا المكلف من الأمين العام قد أقر بأن «المجتمع الدولي» ينوي التنازل في هذا المجال تبعاً لسير المباحثات. لكن قلة يتوقعون أن تتخلى كوريا الشمالية عن قدراتها النووية لا سيما في هذه المرحلة المعقدة. كوريا أعربت عن استعدادها لعقد اتفاق سلام شامل في شبه الجزيرة الكورية التي لا تزال في حالة حرب منذ عام 1953. ولا بد أن تشمل الحلول الاعتراف المتبادل بين النظامين الكوريين، وتحويل وقف إطلاق النار إلى معاهدة سلام دائمة تحترم تقسيم كوريا.
ومن المفترض أن يجتمع المبعوث الدولي مع وزير خارجية كوريا الشمالية، باك وي تشون، وعدد من كبار مسؤولي الحكومة لبحث مسائل تشمل التعاطي مع مشاريع السلام في المنطقة فضلاً عن ترتيبات حصول بيونغ يانغ على مساعدات تخفف معاناة مواطنيها الشديدة. وكان باسكو قد اجتمع مع وزير خارجية كوريا الجنوبية يو ميانغ هوان، وبحثا مجالات التعاون مع الأمم المتحدة وغيرها من القضايا العالقة التي تهم المنطقة، وعلى رأسها جعل شبه الجزيرة الكورية منزوعة السلاح النووي.
من هنا فإن نتائج الزيارة الحالية لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة ستكون حاسمة في تحديد الخطوات الدولية المقبلة في هذه المنطقة الحساسة من العالم، وتختبر مدى قدرة الولايات المتحدة والصين على التعاون في حل القضايا الدولية التي تهم البلدين رغم التوتر في شأن تايوان وتسليح واشنطن لها. فالعودة إلى طاولة المفاوضات السداسية بدون شرط تفكيك القدرات النووية العسكرية الكورية فيها تنازل كبير من الجانب الأميركي.
مراقبون آخرون رأوا أن زيادة العقوبات على كوريا الشمالية قد ترفع من حدة التوتر وتمثّل خطراً عسكرياً في شرق آسيا. فالصين واليابان وكوريا الجنوبية، جميعها تخشى زيادة التوتر في المنطقة واللعب مع نمر جريح مسلح بأنياب نووية. وبالتالي فإنها مستعدة لإظهار تعاون في المفاوضات السداسية، فيما ترى الولايات المتحدة أن الوقت حان لقطف نتائج الحصار ونقل رسالته إلى منطقة الخليج، رغم الفارق الكبير بين البرنامجين النوويين الإيراني والكوري.
نزار عبود
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد