إسرائيل من فمك أدينك
إذا كان العداء للسامية يعني النقد الشديد لإسرائيل ، حسب ما تؤكد كل من عصبة العداء للتشويه و حكومة إسرائيل،عندها يمكن القول بأن أكبر عداء للسامية في العالم موجود حيث لا يمكن لأحد أن يتوقع، أي في إسرائيل ، فعلى نحو متزايد يقوم كتاب يهود من أكبر الصحف الإسرائيلية اليومية مثل Jerusalem Post و Ha'aretz بذم معاملة إسرائيل اللا إنسانية للفلسطينيين . و يستخدمون لغة كان بإمكانها إثارة كورس غاضب ،بسبب العداء للسامية، في أي كنيسة أميركية أو جامعة أو هيئة تشريعية .
أيها المسيحيون الانجيليون لقد آن الوقت لتنصتوا. فعلى امتداد القرن الماضي ، لم تكن العلاقات بين اليهود و العرب في الشرق الأوسط الممزق من الحروب محكومة بالوصايا العشر, و لو كان الأمر كذلك لتميز الشرق الأوسط بالهدوء و التعاون.
في مقالة نشرتها Jerusalem Post تحدث "لاري ديرفنير" عن أمر اعتبره غير قابل للتصور من قبل معظم الإسرائيليين .إذ طلب من الإسرائيليين التأمل بالمشاعر التي كانوا سيشعرون بها لو أن سكان غزة عاملوهم بالاحتقار الذي يعامل به الإسرائيليون الفلسطينيين. و قال: " لو أن دولة أخرى أرسلت ف 16 و الأباشي و الفوسفور الأبيض و الطيارات الطنانة و الدبابات و كتائب الجنود إلى إسرائيل ، لو أن أي دولة فجرت و قتلت مثلما فجرنا وقتلنا في غزة هل سنصنع السلام معها؟لقد عملنا على تناسي قيامنا بكل الأمور البغيضة في غزة ،و هم لم يقوموا بها، و هذا هو الحال منذ عام 1967. علينا أن نتجرأ و نتخيل أنفسنا مكان هؤلاء الناس و علينا الكف عن ارتكاب أفعال بحقهم ما كنا لنرضى أن يرتكبها أحد بحقنا"
في مقالة بال Ha'aretz بعنوان "أخطاء إسرائيل العشر الأسوأ في العقد" اعتبر "برادلي بروستون" حصار غزة الأول في القائمة ، وقال:" كان الإطار العام للعقد متمثلا بإيمان الفلسطينيين المتشددين بالخلاص عبر العمليات الانتحارية و بإيمان الإسرائيليين المتشددين بالخلاص عبر الوحشية.و انتهى العقد كما ابتدأ منهكا بلا حل و لا أمل ،و مع مرورنا بهذا أصبحنا أكبر بعشر سنوات و لكن لم نغدو أبدا أكثر حكمة.و نتيجة الحصار كانت ازدياد الغضب الفلسطيني تجاه إسرائيل.و في نظر المجتمع الدولي العقاب الجماعي الساحق ، و الصمت الإسرائيلي في المقابل، قد أفرغ الادعاءات الإسرائيلية الأخلاقية من محتواها،و حقيقة أن الحصار أخفق كليا في تحقيق هدفه المعلن قد دعم الإحساس بأن هدفه الحقيقي هو العقاب. لقد أفسد الحصار القيم الأخلاقية لكل الإسرائيليين،الذين سواء أكانوا مدركين لما يحصل لشعب غزة أم لا، فإنهم يتحملون المسؤولية الكاملة عن كل الأعمال المرتكبة باسمهم"
"عكيفا الدار" اختار لمقالته في Ha'aretz السؤال :" هل يخلد شعور الضحية عند اليهودي الإسرائيلي الصراع مع الفلسطينيين؟"و استشهد بدراسة قام بها كل من "دانييل بار تال" واحد من أكبر علماء النفس السياسيين و "رافي نيتس زيهنغات"طالب طب و تقول الدراسة،يتصف الوعي اليهودي الإسرائيلي بإحساس الضحية ،عقلية الحصار، الوطنية العمياء، حب القتال، إحساس التفوق، تجريد الفلسطينيين من الصفات الإنسانية و تبلد المشاعر تجاه معاناتهم. يمارس الشعب الرقابة الذاتية و يقبل الرؤية الراسخة دون الرغبة بالانفتاح لمعلومات بديلة ، إنهم لا يريدون الارتباك بالحقائق.نحن أمة تعيش في الماضي يغمرنا القلق و المعاناة من انغلاق مزمن في العقول".
أما "جدعون ليفي" في Ha'aretz فقد استغل فرصة يوم ذكرى المحرقة لا للحديث ضد العالم العدائي و لكن ضد القمع الإسرائيلي المتزايد للغزاويين، و الذي يرى أنه يهيج نيران العداء للسامية ، فكتب :" تحدث رئيس الوزراء بنيامين نيتينياهو في مؤسسة يادفاشيم (مركز أبحاث أحداث الهولوكوست) فقال:يوجد في العالم شر ، شر كان يجب أن يستأصل من البداية" . لدينا رئيس وزراء يتحدث عن الشر و لكن يشارك في جريمة حصار غزة التي وصلت لعامها الرابع مخلفة مليون و نصف مليون يعيشون في ظروف مخزية، رئيس وزراء يقوم الشعب في بلده بتخليد مذابح منظمة ضد فلسطينيين أبرياء و لا تتخذ الدولة أي موقف ضدهم .كم كان من الجميل لو أن إسرائيل في هذا اليوم الدولي أمضت بعض الوقت في محاسبة الذات و النظر إلى الداخل و السؤال كيف أن الحديث عن العداء للسامية قد زاد في العالم خاصة السنة الماضية، بعد عام من إلقائنا لقنابل الفوسفور الأبيض على غزة.إن آلاف الخطب عن العداء للسامية لن تطفئ وهج عملية الرصاص المصبوب ، الوهج الذي لا يهدد إسرائيل وحدها بل العالم اليهودي بأسره.و طالما أن غزة تحت الحصار و إسرائيل غارقة في رهاب الأجانب ، فان خطب الهولوكوست ستبقى جوفاء .و طالما أن الشر متفشي هنا فلا العالم و لا نحن سنكون قادرين على تقبل الوعظ ضد الآخرين حتى و لو استحقوا ذلك."
في موقع Salon كتب اليهودي الأميركي "غلين غرينوولد" :"تعريف اليهودية الحقيقية في القرن الواحد و العشرين يعني شجب احتلال إسرائيل الوحشي للضفة الغربية و حصار غزة.فالتيار الصهيوني الرئيسي يريد أن ينأى باليهود بعيدا عن حقائق الاحتلال الإسرائيلي و حق الفلسطينيين في تقرير المصير"
مارس الإسرائيليون خلال الأربعين سنة الماضية و لا يزالون أكثر وسائل التعذيب شيطانية بحق الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ،و يقدر عدد السجناء الفلسطينيين بعشرة آلاف بما فيهم نساء و قصر و هذه اللا إنسانية يعتم عليها من قبل الجيش و الشرطة و وسائل الإعلام الإسرائيلية ووسائل الإعلام الغربية.و من المعروف أن خبراء تعذيب إسرائيليين كانوا في مشهد التعذيب الأميركي للعراقيين في سجن أبو غريب. و ما من شك في أن نفوذ إسرائيل ،كشريك مع الولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب خلال حكم جورج بوش الابن، هو ما أدى إلى ذاك التعذيب من النمط الإسرائيلي عند استجواب الولايات المتحدة للسجناء المسلمين.
المقال بقلم تيد بايك و هو قس و مؤلف و صانع أفلام أميركي
ترجمة رنده القاسم
عن موقع Truth Teller
إضافة تعليق جديد