سوق العقارات بين بريبة الزبون وسطوة الركود
قد لا يأتي بجديد ولا يبتكر فكرة من يقول إن عملية التقييم العقاري في سورية حديثة وتخضع الى الاجتهاد والتنظير، ولتعذرنا شركات التطوير العقاري التي تدعي صحة ودقة تقاريرها المحددة لاسعار عقارات المحافظات الرئيسية وما نطلبه منها هو الفصل ما بين قسم التسويق والبحوث الخاص بسبر السوق العقاري والقسم المعني بالتطوير والانشاء، وان تنظر بعين الباحث والدارس لا بعين المستثمر، ولا مجال او مسامحة في التلاعب بمجال يؤرق الملايين من الشباب اللاهثين وراء السكن ويترقبون انخفاضاً في الاسعار لا ارتفاعات وهمية تخدم افراداً ودون ادنى شك تخدم الشركة نفسها عندما نجد ان ما جاء ت به تقاريرها في اسعار يناقض الواقع.
ادعاءات واهية
واقع سوق العقارات يشير الى انخفاضات في اغلب المناطق بينما تروج الشركات لارتفاعات تصل في دمشق خلال آذار الى 15٪ ونيسان 7٪ وهو كلام غير دقيق، وفي الواقع لا يتعدى وسطي الارتفاع الحاصل نسبة 1.5 ٪ في آذار و 0.5٪ في نيسان، لابل اقل من ذلك لان السوق قابل للتفاوض وللأخذ والرد، ولا نبالغ ان قلنا أننا شهدنا تنازل احد التجار عن نصف مليون ليرة من اجل بيع منزل يملكه في منطقة صحنايا مساحته 100 متر مربع لينخفض سعره من 3 ملايين الى 2.5 مليون ليرة حتى ان اصحاب المكاتب العقارية بدؤوا يضغطون على الراغبين بالبيع من اجل تحريك الركود الذي سيطر على السوق وقال احدهم ان ما يروج له من ارتفاعات لا اساس له من الصحة لان الامر يحتاج الى كادر كبير يمتلك خبرة واسعة، والية عمل مقياس التقييم العقاري المتعارف عليه في اوربا وشرق اسيا وحتى امريكا لاتكون دقيقة 100٪ لان ادواتها مختلفة وطريقة عملها تكون من خلال فريقين الاول ميداني والاخر اكاديمي.
مرحلة تصحيح
ان الطفرة العقارية التي شهدتها سورية خلال العشر سنوات الاخيرة لابد لها من مرحلة تصحيح اي تصحيح سعري للقيمة الحقيقية للعقار.
وما يفسر طول فترة الارتفاعات المتتالية دون المرور بأي مرحلة تصحيحية ان سوق العقارات في سورية يرتكز اصلاً على المضاربات ولا تحكمه عمليات العرض والطلب ولا انخفاض اسعار مواد البناء ولا حتى لو صار متر ارض السكن بسعر التراب لان التاجر في العقار مصلحته بالكاش ووحده يتحكم بالسوق، والا ماهو تفسير انخفاض كافة عقارات الدنيا التي احدثتها الازمة المالية العالمية باستثناء عقاراتنا هل نحن معزولون عن العالم؟!
شكوك بأهدافها
إن الغلاء غير المبرر للعقارات التي تخضع في معظمها لـظاهرة الاحتكار من قبل عدد من التجار والسماسرة الذين يثرون على حساب حاجة المواطن الشديدة للمسكن هو أحد المعوقات الاساسية التي تعوق ايجاد حلول مناسبة لمشكلة السكن من وجهة نظر مصدر مسؤول في مؤسسة الاسكان - فضل عدم ذكر اسمه- مؤكداً عدم استطاعة المؤسسات الحكومية الخاصة بالاسكان من توفير متطلبات التضخم السكاني والحاجة المتزايدة للمساكن الشعبية وعدم تمكن بعض شركات التعمير والاسكان الخاصة والمشكوك في اهدافها من تنفيذ ما هو مطلوب منها حتى الآن، بالاضافة الى غياب التمويل المناسب الذي تقع مسؤوليته على عاتق المصارف الخاصة والعامة.
لقد اصبح امتلاك منزل في سورية بالامراً ليس بالسهل لدى الشريحة الاكبر من المواطنين ولايزال القسم الاعظم منهم يحلمون بشراء منزل سواء في مناطق المخالفات السكنية او غيرها وتقف في وجههم صعوبات كثيرة تمنعهم من الحصول عليها فلا يجدون امامهم الا الرضوخ للامر الواقع والاحتيال على الحلم المشروع والاكتفاء فقط باستئجار شقة او بناء منزل دون مراعاة الشروط الفنية الصحية اللازمة فهل تعيد شركات التطوير حساباتها وتدعم مرحلة التصحيح وتدرك أن خسارتها للثقة هي أكبر خسارة.
سامر حلاس
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد