شيعة السعودية والبحرين: تعاظم في النفوذ وتراجع في الحقوق
الجمل: أصدرت المجموعة الدولية للأزمات (ICG) المزيد من التقارير التي تتناول أوضاع المسلمين في منطقة الخليج العربي، وقد ركزت تقارير المنظمة على حالتين، هما:
• حالة المملكة العربية السعودية:
تعود بدايات ظاهرة التحريض الطائفي ضد السكان الشيعة منذ لحظة تأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1932م وبرغم الجهود المعلنة بوساطة السلطات الرسمية، إلا أن التدابير الإجرائية كانت أكثر تواضعاً أمام حالات التوتر والاحتقان الطائفي المتزايد في المملكة.
في فترة الحرب الأمريكية ضد العراق، وعلى خلفية مساندة سلطات المملكة للإدارة الأمريكية، عمقت أكثر فأكثر الانقسامات العقائدية في كافة أنحاء المملكة، خاصة وأن السكان السعوديين الشيعة أصبحوا أكثر معارضة للوجود الأمريكي السافر في منطقة الخليج العربي.
يمثل السكان الشيعة حوالي 14% من إجمالي سكان المملكة، ويتمركزون في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، وبرغم ذلك لا يحظون بالتمثيل اللائق في المناصب الرسمية العامة، وتكاد تنعدم تماماً عملية وجودهم في صفوف قوات الجيش والشرطة والأمن، كذلك تفرض السلطات الرسمية بعض القيود على حق هؤلاء الشيعة في ممارسة طقوسهم الدينية، وذلك إضافة إلى العنف الرمزي الذي يتعرضون له في المدارس والمؤسسات التعليمية بوساطة المدرسين والمعلمين السنّة.
ظلت المنطقة الشرقية من المملكة تشهد حركة نهوض إحيائي شيعي وذلك منذ لحظة انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 في إيران، حيث قام زعماء الشيعة في السعودية بحشد جماهير الشيعة على نحو شكل رسالة واضحة المعالم للسلطات الملكية السعودية، من جراء عملية استرجاع صدى مشاعر التمييز الديني والطائفي، وقد ترتب على هذا الحراك الشيعي نوعاً من العصيان المدني الجماعي استمر لفترة عقد من الزمان.
برغم كل ذلك، سعت الزعامات الشيعية السعودية من أجل تحسين العلاقة مع السلطات الرسمية والجماعات الدينية الأخرى، وفي عام 1993م وعد الملك فهد زعماء الشيعة بتخفيف القيود التي ظلت تفرضها سلطات المملكة عليهم، مقابل أن يقوم هؤلاء الزعماء بإنهاء المعارضة السياسية الخارجية لسلطات المملكة.. وحالياً قدّم الملك عبد الله وعداً بالمزيد من الحقوق للشيعة، والعمل من أجل تعزيز الحوار الوطني الشامل، والذي سوف يشارك فيه بالضرورة الزعماء السنيين البارزين في السعودية.
الآن، وعلى خلفية النيات الأمريكية- الإسرائيلية لاستهداف المملكة العربية السعودية وتقسيمها، أصبح من الواجب والضروري للسلطات السعودية الرسمية، أن تدرك أنه لا معنى للخلاف الشيعي- السني، لأن الخطر الإسرائيلي- الأمريكي لا يميز بين سني وشيعي، بل هو خطر يستهدف الطرفين معاً.. ومن أبرز الدلائل على ذلك قيام أمريكا وإسرائيل حالياً باستهداف السنة في العراق، واستهداف الشيعة في جنوب لبنان وفي إيران، إضافة إلى أن قانون محاسبة السعودية الذي يضغط اللوبي الإسرائيلي من أجل إنفاذه يستهدف السنّة عموماً والوهابيين على وجه الخصوص.
أمام السلطات السعودية، الفرصة لكي تعزز الوحدة الوطنية والتكامل الاجتماعي بين مختلف شرائح وطوائف المملكة وذلك من أجل تعزيز تماسك القوام المجتمعي السعودي في مواجهة التهديد الإسرائيلي- الأمريكي القادم، ويمكن أن تتم عملية التعزيز على النحو الآتي:
- توسيع الحضور الشيعي في كل المؤسسات الوطنية العامة، وعلى وجه الخصوص الجيش والشرطة والأمن، وأيضاً المجالس الوطنية والمحلية، والتي تتمثل في مجلس الشورى السعودي، والمجالس الإقليمية.
- رفع كل القيود المفروضة على أداء الشعائر والممارسات الدينية الشيعية.. والسماح ببناء المساجد والحسينيات الشيعية وطباعة وتداول المواد الدينية الخاصة بالتراث الشيعي.
- إزالة المظاهر المعادية للشيعة من المرافق الدينية والمؤسسات التعليمية.
• حالة دولة البحرين:
يمثل الشيعة حوالي 75% من إجمالي السكان في دولة البحرين، وبرغم علم السلطات الاستعمارية البريطانية لحقيقة أن الشيعة يمثلون الأغلبية السكانية، فقد عمدت هذه السلطات إلى تسليم النظام إلى الأقلية السنية، وبرغم ذلك كانت دولة البحرين تمثل حالة استثنائية في كل منطقة الخليج العربي من حيث الاعتبارات المتعلقة باحترام حقوق الشيعة، ولكن في عام 2001م قام الشيخ حمد بين عيسى آل خليفة، بالإعلان عن خطة للإصلاح الشامل، أدت بالنتيجة إلى تداخل الصراعات السياسية والاجتماعية مع التوترات الطائفية بين الأغلبية الشيعية والأقلية السنية، وذلك من جراء الإخلال بالتوازنات التي ترتب عليها شعور الأغلبية الشيعية بالظلم والتهميش.
وفي هذا الصدد يشير تقرير المجموعة الدولية للأزمات (ICG)، واصفاً خطة الإصلاح البحريني هذه من ناحيتين:
- كان الإصلاح غير متواز، بحيث أنه لم يسعى لوضع توافق سياسي جديد بين الحكام والمحكومين، وأدى إلى المزيد من قبضة العائلة البحرينية المالكة على المحكومين عن طريق المؤسسات.
- لم يقدم الإصلاح شيئاً يهدف إلى معالجة التوترات الطائفية، والتي تفاقمت أكثر فأكثر بسبب مشاعر التهميش التي أصبحت تنتاب الأغلبية الشيعية.
على خلفية التحركات العدائية ضد الأغلبية الشيعية، بوساطة الأقلية السنية الحاكمة في البحرين، رأت المجموعة الدولية للأزمات، بأن على السلطات البحرينية العمل بسرعة من أجل القضاء على مفاعيل ديناميكيات الصراع الأهلي الذي أصبح متزايداً في هذه المرحلة، وأبرز الإجراءات المطلوبة من السلطات البحرينية يتمثل في الآتي:
إنهاء كافة الممارسات التمييزية ضد الأغلبية الشيعية وذلك عن طريق إيقاف التلاعب بالبنية الديموغرافية، والتي اتضحت تماماً بانكشاف عملية إعطاء النظام البحريني حقوق التصويت في الانتخابات لعدد كبير من السنيين السعوديين، وعدم التشكيك عن طريق الربط في البيانات الرسمية بين الطائفة الشيعية والحركات السياسية المعارضة، كذلك لابدّ من السماح للشيعة بالعمل في قوات الجيش والأمن والشرطة إضافة إلى أن السلطات البحرينية مطالبة بإصدار قانون يمنع ويحرم التمييز الديني، وأيضاً القيام بعملية إحصاء وطني نزيه يعكس التركيبة الديموغرافية الحقيقية لسكان دولة البحرين.
الجمل قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد