أرانـب علـى موائـد الثعالـب

قال الطفل لأبيه:
اشرح لي معنى الحرية في قاموس المجتمع العربي.
قال: أن تبكي أمك ما شاءت عندما أضربها.
[[[
في مدرسة التنوير، سألت الحرية أستاذها عن معنى الكرامة في «لسان العرب»، فأجاب:
ـ أن ينام المثقفون الإصلاحيون على قارعة الرصيف... وأن يموت الثوار المبدعون جوعاً وعطشاً وكمداً في السجون.. بعدما أحرقوا كتبهم وكراريس رسمهم وآلات موسيقاهم، كما فعل جدهم أبو حيان التوحيدي. وأن تجد العلماء متجمهرين عند أبواب السلاطين، لا السلاطين عند أبواب العلماء. وأن تصرخ غزة «وامعتصماه» وأن تصرخ القدس «أين أنت يا صلاح الدين»؟
[[[
مثلما يبحث الجلادون القدامى عن المزيد من الضحايا الجدد، يبحث حاضرنا عن نهايات ماضينا.
[[[
قال صانع التوابيت لحفار القبور:
ـ الدفع سلفا. وبالعملة الصعبة.. وبالمواعيد.
أجاب حفار القبور ساخرا:
ـ لكن زبائني ينزلون في القبور... بلا مواعيد.
[[[
في الحفلات التنكرية، تعتمر الحقيقة أقنعة الأكاذيب. وحين ترتدي الأكاذيب قمصان الحقيقة، تتساقط الأقنعة عن الوجوه، تنتزعها قبضات الأطفال والمتمردين.
[[[
خلف كل شاعر وفنان، أرتال شعراء وفنانين راحلين، نظفوا غبار مجيء خطاه... وأمام كل شاعر وفنان، أرتال قادمة، تنتظر تكنيس غبار خطواته الآتية.
[[[
قالت قطط التخمة لفئران الجوع:
ـ هذه بقايا ولائمنا الفاسدة. هيا كلوها.
أجابت فئران الجوع:
ـ سنرسل الأوبئة لابتلاع فسادكم. فهيا كافحوها.
[[[
بتعب معاصمنا، ندفع الضرائب بالأموال، لتصير رواتب شرطة تكافئ تعب معاصمنا بالأغلال.
[[[
تقدم فقراء العرب وجياعهم ومتسولوهم بطلبات الانتساب إلى نقابات الأرانب. لكن ثعالب العرب المتخمة باللصوصية والفساد ما زالت ترفض تلك الطلبات، لأنها لا تستوفي الشروط اللازمة.
[[[
يخاف ثغاء الحملان عواء الذئاب المصرفية. تحتمي الحملان بالكلاب البوليسية... ويخاف عواء الثعالب نباح الكلاب الطائفية. تحتمي الثعالب بالنمور الاحتكارية... ويخشى زعيق النوارس غضب الأسماك الباحثة عن عمل. تحتمي النوارس بحيتان المال.
[[[
الزيّ الإلزامي الموحد في المدارس الخاصة والحكومية، اعتداء على الحرية. فيا أيها الطلاب والطالبات استبدلوا ما ترتدون، ولا تخافوا غضب المنازل وشماتة المدارس وشتائم المعلمين.
[[[
قد أولموا الولائم للمتثعلبين... ثمة أرانب على موائد الثعالب، في طناجر الطباخين... وثمة صحون ممتلئة بالضحايا المسروقين... تلتهمها الثعالب بالشوكة والسكين.
[[[
غادر عوليس مدينة ايثاكا ليشارك في حرب طروادة. ثم عاد إليها متنكرا بثوب شحاذ؛ لكن مخبئا سيفه وقوسه ونباله، ليصير ملكا على ايثاكا من جديد.
وغادر هنيبعل قرطاجة المحترقة والمدمرة إلى شرق المتوسط، ليعود إلى صور اليسا منتصرا بالمقاومة المسلحة على جنون روما الجديدة وبطشها وعدوانها.
وغادر الامام الحسين المدينة المنورة إلى كربلاء، ليعود منتصرا بدمه على «الميركافا» في وادي الحجير.
[[[
في مكاتب الجغرافيا خرائط يرسمها التاريخ ثم يمزقها. وفي مكاتب التاريخ خرائط ترسمها الجغرافيا ثم تمزقها.

صفوان حيدر

المصدر: السفير